رمضان جديد يطل على اللاجئين السوريين في الأردن، وبعضهم يعيشون هذا الشهر للمرة الخامسة بعيداً عن سوريا، في ظل صعوبات خارجة عن إرادتهم.
اللاجئ السوري عبد اللطيف يعمل في أحد محلات الخضار قال لـ «القدس العربي» إن الأجر الذي يأخذه لا يكفي لسد رمق عائلته، فأسعار المواد الغذائية مرتفعة جداً، أما المبلغ الذي تتلقاه أسرته من المفوضية إن وجد فهو لا يذكر.
معاناة أخرى يرويها عبد الجليل جزماتي والذي قال: «بصراحة لم يعد شهر رمضان كما سابقاته بالنسبة لي، رمضان في سوريا مختلف تماماً هناك الأهل والأقارب، وهناك أجواء السلام التي كانت قبل الحرب، لكن الآن نصف العائلة مفقود ونصفهم لا يزال تحت القصف».
أما في ما يخص العيش فهناك صعوبات جمة بحسب جزماتي الذي قال: أولها العمل لساعات طويلة مقابل أجر لا يساوي مدة العمل، «وأظن أن ما يؤرق الجميع هنا هو أن السوريين قد فقدوا حياتهم الاجتماعية فاختلاطهم قليل جداً مع غيرهم من المجتمع المضيف نظراً لانشغالهم بتحصيل لقمة العيش».
علاء سعيد يشعر بغصة مع قدوم رمضان بسبب تشتت عائلته، فهو وزوجته وابنه في الأردن، أما والده فهو عالق في سوريا ولا يستطيع الخروج، والدته وأخته تعيشان وحدهما في تركيا، ولا تستطيعان المجيء إليه وهو بدوره لا يمكنه ذلك، بسبب القيود المفروضة على سفر السوريين.
وأعرب عن قلقه على والده الذين لا يعرف كيف يتدبر أموره، فالمشكلة ليست معنوية فقط وإنما كارثية على الصعيد المادي، فعمله غير الثابت يدر عليه 210 دنانير شهرياً، (300 دولار تقريباً)، ويبلغ إيجار الشقة الصغيرة التي يعيش فيها 190 ديناراً، أما العشرون المتبقية فلن يشبعهم الخبز.
وأوضح الشاب أن هذا الوضع يسبب له شعوراً بالعجز والقلق المتواصل، لأنه لا يستطيع تأمين تكاليف أبسط الأساسيات لمعيشة ابنه، عدا عن مسؤوليته تجاه والده ووالدته، فكلاهما بلا معيل، قائلاً: «أتمنى أن ينتهي هذا الوضع، وأن نتمكن من الاجتماع على مائدة الإفطار معاً، بدون أن أشعر بالقلق بأن الطعام لا يكفي».
قد تكون متاعب الشابات مضاعفة في رمضان، فالعديد من السوريات يلتزمن بالعمل خارج المنزل وداخله، نظراً للظروف الاقتصادية القاسية التي تمر بها أسرهن، وعليهن المساهمة في تأمين تكاليف إيجار السكن، والفواتير وما إلى ذلك من أساسيات العيش.
هناء تعمل في معمل للخياطة وقالت: إن «الشهر الفضيل يتطلب الكثير من المصاريف ويرتبط بمأكولات معينة يتطلبها الصائم نفسه، فلا يمكن أن تحرم أخاً لك أو أختاً صغيرة من شيء يطلبه على مائدة الإفطار وهذا الأمر يدفعني إلى بذل المزيد من الجهد لتحصيل مبالغ أكبر وإن كان على حساب صحتي».
من ناحيتها تحاول بعض الجمعيات الخيرية تقديم التبرعات والسلل الغذائية للاجئين الأقل حظاً، ويتطوع بعض الشباب السوريين لجمع وتوزيع المساعدات على العائلات الأكثر حاجة.
رئيس جمعية الكتاب والسنة زايد حماد أكد أنهم يقومون بكفالة ثلاث آلاف عائلة سورية، ويبلغ مجموع أفرادها نحو ستة آلاف شخص، موضحاً أنه كلما زاد أمد الأزمة زادت الأوضاع سوءًا؛ لأن معظم المنظمات العربية والإسلامية اتجهت للعمل في تركيا والداخل السوري ولم تعد تولي أي اهتمام للاجئين في الأردن ولبنان.
القدس العربي – محمد الجزار