لقاءات إذاعية، وضخ إعلامي إنساني غير مسبوق، ووعود بالجملة قطعتها أسماء الأسد على نفسها بمتابعة علاج فتاة قاصر عقلياً تعرضت لحبس لسنوات في بيت والدها، كانت تلك ملامح المشهد في قرية كفر تخاريم في ريف ادلب أواخر العام 2007، وذلك بعد أن صعق المجتمع المحلي بحادثة حجر أب لابنته المصابة بقصور عقلي، لعدة سنوات.
تسرب اسم الفتاة المصابة بالقصور العقلي «سمر خميس» للإعلام حين اكتشف رجال الشرطة مصادفة مأساتها الطويلة، التي بدأت مع ولادتها في بيت جدها لأمها بعيدة عن منزل والدها، لأن والديها قررا الانفصال قبل ولادتها بأشهر قليلة، لتعيش بكنف جدتها لمدة زادت عن الأربع سنوات بقليل، خلال تلك الفترة تزوجت أمها، وقرر والدها اصطحابها إلى منزله لتعيش برفقة اخوة لها غير أشقاء، لكن لم يمض على ذلك أشهر عدة حتى عادت إلى بيت جدها بعد أن تذرع والدها بأنها مختلة عقلياً، وأنها تثير المشاكل له.
بقيت سمر في بيت جدها لأمها إلى أن بلغ عمرها ست سنوات، حين قرر الوالد اصطحابها إلى منزله ثانية، وبحسب الاعترافات التي أدلى بها الوالد للشرطة بعد اكتشاف أمرها في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2007 ، فقد اتضح أن الفتاة أمضت سنوات عدة في ركن مهجور من المنزل لوحدها.أحيل الوالد حينها إلى القضاء لينال عقاب حبسه لابنته لسنوات طوال في ظروف أقل ما يقال عنها أنها «غير إنسانية» وذلك بعد أن كان قد أشاع نبأ وفاتها، ونقلت سمر على الفور إلى أحد مشافي إدلب المدينة لتلقي العلاج.
عقب انتشار قصة الفتاة على وسائل الاعلام المحلية، بادرت أسماء زوجة بشار الأسد إلى زيارة سمر في المشفى، ووعدت حينها عبر وسائل الإعلام بمتابعة علاج سمر مهما كانت التكلفة، لكن تلك الوعود لم تكن إلا «دعاية من دعايات نظام البعث الذي يتاجر بكل شيء»، كما يرى النائب العام في محكمة الجنايات الخاصة القاضي محمد نور حميدي.
ويوضح حميدي الذي يشرف على دار تقدم الرعاية للعجزة والمسنين في بلدة اسقاط «تبين أن أسماء الأسد أمرت بنقل سمر إلى دار للعجزة في مدينة جسر الشغور، دون تقديم العلاج المناسب لحالتها»، مضيفاً «عقب تحرير مدينة جسر الشغور في نيسان/ابريل 2015، قمنا بنقل المرضى الذين كانوا متواجدين في الدار إلى قرية إسقاط، خوفاً على حياتهم من القصف الانتقامي الذي كانت تتعرض له المدينة، وفوجئنا حينها بأن سمر موجودة هناك».
ويتابع حميدي خلال حديثه لـ «القدس العربي»، «يبلغ عمر سمر الآن 26 عاماً، ومضى على وقت اكتشافها أكثر من ثمانية أعوام، ومع ذلك لازالت حالتها الصحية سيئة للغاية، ولازالت تخاف من الضوء، ومن أدنى حركة قد تحدث في المحيط القريب منها».
ويضيف حميدي «أتحدى اسماء الأسد بأن تكشف للإعلام ما قدمته من رعاية خاصة لسمر، كما وعدت عبر أكثر من تصريح صحافي حينها»، وزاد «لم تقدم إلا الكذب، وكانت تصريحاتها للترويج على أنها السيدة الأولى التي تهتم بالمجتمع السوري فقط».
القدس العربي