هدد رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي «أمان»، هرتسي هليفي أمس، بأن لبنان سيتحول لدولة لاجئين في حال اندلعت حرب لبنان الثالثة.جاءت أقوال هليفي في مؤتمر هرتزليا للمناعة القومية السادس عشر وعشية الذكرى السنوية العاشرة للحرب الثانية على لبنان. في المقابل سارع للتطمين بأن إسرائيل وحزب الله لا يعارضان عشر سنوات أخرى من الهدوء على حدود البلدين، موضحا أن إسرائيل غير معنية بنشوب حرب أخرى مع حزب الله، لكنها جاهزة إليها أكثر من أي وقت مضى. ويرجح أن الحرب المقبلة لن تكون بسيطة، كون حزب الله حصل على وسائل قتالية جديدة من خلال الحرب في سوريا’، لكن الحزب، في المقابل خسر 1500 مقاتل في سوريا، ويمر بتحدّيات كبيرة رغم أنه حقق نجاحات كذلك».
وقال هليفي إن الوضع تحسّن، نحن أقوى من كافة العوامل التي تحيط بنا، لكن من جهة ثانية، نحن نتواجد في محيط مركّب، ومشتّت، تحسّن وتحوّل إلى مركّب».
وضمن التدليل على الواقع المعقد أشار إلى أن الشرق الأوسط يشهد عدم استقرار داعيا للتعود على واقع غير مستقر. واعتبر أن إسرائيل هي العامل القوي في المنطقة وأن الجيوش القوية تضعف وتتغيّر مع مرور الوقت. وأضاف «تتطوّر في المحيط تهديدات جديدة منها القوّة النارية المحيطة بإسرائيل واحتمال تسلّل مسلحّين إلى داخل إسرائيل، كما حدث في حرب غزّة الأخيرة».
وحول الشأن الفلسطيني، أقر هليفي بأن إسرائيل تواجه تحدّيات كبيرة جدا، وقال «إن هناك دولا من حولنا ما زالت دون كهرباء، غزّة تحديدا، شرق أوسط فقير يشكّل حاضنة جيّدة للتطرف الديني ولنشوء منظمات إرهابيّة». وفي الشأن الفلسطيني أيضا قال إنه منذ بداية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي تعيش إسرائيل موجة «إرهاب» الأفراد ترتكز إلى التحريض، مشيرًا إلى أن غالبية منفذي العمليات لا ينتمون لأيديولوجيا محدّدة، حيث السؤال حول ما إذا ستكون هناك تفجيرات في المستقبل بقدر ما يجب أن يكون السؤال كيف يمكن تقليل عدد العمليات وخفض نجاعتها.
وكما كان متوقعا قال إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى جانب معارضته الكفاح المسلّح، فهو يقود نضالا عالميا، اذ بحكم اطلاعه على الأوضاع في الضفة الغربية، يرى الاضطرابات في الشرق الأوسط بعين مختلفة ويفهم أن الوضع من الممكن أن يصبح أكثر سوءا وبعد عرضه للانتصار في الحرب العالمية الثانية، وانتصار جيش الاحتلال في حرب 67، أشار هليفي إلى أن الجيش يجد صعوبة في تحقيق انتصار ساحق خلال السنوات الأخيرة، ذلك لأنه في كل الانتصارات حاربت جيوش جيوشا أخرى، بينما الواقع الآن أن الجيش يخوض حرب عصابات.وحول الخشية من تكرار سيناريو حرب أكتوبر 1973، قال إن الحرب تندلع حين يرغب الطرفان بذلك، أو حين يرغب طرف واحد «الاحتمال الأكبر اليوم أن الطرفين (إسرائيل وحزب الله، إسرائيل وحماس) لا يرغبان بذلك، لكن برغم كل ذلك، ستندلع الحرب .»وفي وضوع الحرب الأهلية في سوريّا زعم أن استراتيجيّة إسرائيل بعدم التدخّل في الاشتباكات، هي «استراتيجيّة صحيحة»، منوها بأن إسرائيل تدخلت مرتين في الحرب، الأولى للدفاع عن حدودها، والثانية لتقديم مساعدات إنسانيّة، حيث تقدّم إسرائيل لكل من يصل حدودها (حدود الجولان المحتل) ويطلب المساعدة ذلك، وفقا لما قاله. وتطرق هليفي، أيضًا، إلى الدور السعودي في المنطقة، قائلا إن الرياض التي نراها اليوم ليست السعودية التي عرفناها حتى قبل عام ونصف،(في إشارة إلى بدء حكم الملك سلمان) «حيث أن هنالك ملكا جديدا ومحيطا جديدا داعما له من أجل قيادة» العالم السنّي»، يقود إصلاحا داخليا يهدف للوصول إلى اقتصاد آخر لا يعتمد على النفط فحسب». وخلص هليفي للقول» إن حزب الله لا يزال المنظمة الأهم التي تقف أمام إسرائيل».
ومؤتمر هرتسيليا الذي بدأ الثلاثاء وينتهي اليوم الخميس قد تخللته ندوات ومحاضرات كثيرة منها لوزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر اليوم.
وفي سياق متصل اعتبر ضابط كبير في جيش الاحتلال أن حربا مقبلة بين إسرائيل وحزب الله ستنشب لا محالة، وحذر من أن حزب الله قادر على إطلاق 1200 صاروخ باتجاه إسرائيل يوميا. وجاءت أقوال الضابط بمناسبة مرور عشر سنوات على حرب لبنان الثانية في عام 2006. وقال قائد اللواء 769، العقيد إلران موراش، لإذاعة الجيش الإسرائيلي إن السؤال ليس ما إذا ستقع مواجهة في الشمال وإنما متى ستقع، مضيفا أنه إذا تم إطلاق 160 صاروخا في اليوم باتجاه شمال البلاد خلال حرب لبنان الثانية، فإن علينا أن نتوقع تلقي ما بين ألف إلى 1200 صاروخ يوميا، وهذا سيكون مشهدا مختلفا تماما عما عهدناه. وثمة حاجة إلى أكثر من حماية مادية.. سنحتاج إلى مناعة ذهنية».وتشير التقديرات إلى أن منظومة القبة الحديدية لاعتراض الصواريخ القصيرة المدى بإمكانها توفير حماية محدودة ولن تتمكن من اعتراض أكثر من 120 صاروخا، وفقا لنائب قائد الجبهة الشمالية للجيش الإسرائيلي في حالات الطوارئ، اللواء في الاحتياط يتسحاق غرشون.
رغم هذه السيناريوهات للعسكريين الإسرائيليين، إلا أن مؤشرات مهمة أخرى تدل على أن حربا كهذه لن تنشب قريبا، خاصة على ضوء تورط حزب الله في الحرب السورية، كما أن هناك تقارير تتحدث عن صعوبات اقتصادية يعاني منها الحزب وتراجع المبالغ التي تحولها إيران إلى الحزب. كما أن حزب الله هو كيان سياسي وليس عسكريا فقط ويتوقع منه أن يتحلى بمسؤولية تجاه المواطنين في لبنان.
إضافة إلى ذلك يعزو البعض دورا كابحا لروسيا المتورطة عسكريا في سورية هي الأخرى
من الجهة الأخرى، تهدد إسرائيل بهجمات بالغة الشد ضد لبنان في حال نشوب حرب جديدة، واستهداف البنية التحتية، وأن الأمر قد لا ينحصر على غارات جوية مكثفة، وإنما سيسعى الجيش الإسرائيلي إلى تنفيذ اجتياح بري. وكان وزير الأمن الجديد أفيغدور ليبرمان قد هدد قبل أسبوع خلال جولة ميدانية على الحدود مع لبنان بقوله أرجو ألا يختبرنا أحد.
القدس العربي