صدت فصائل فتح حلب وجيش الفتح ثلاث محاولات اقتحام لقوات النظام وميليشيا حزب الله ولواء القدس على محاور الراموسة، من البلدية والكراجات ومحور الدباغات ومحور المدرسة الفنية الجوية ومشروع الـ1070 شقة، وأوقعت عشرات القتلى في الجانبين.
وأكد القيادي في تجمع فاستقم، التابع للجيش الحر، ملهم عكيدي، في حديث إلى «القدس العربي» أن «الطريق بحاجة إلى تأمين عسكري من جهة العامرية شمالاً، ومن معمل الإسمنت شرقاً، حتى يصبح مفتوحاً بشكل كامل أمام المدنيين».
وأضاف: «لكن الطريق مفتوح والسيارات بدأت تدخل، وبدأت بعض البضائع من الفواكه والخضار والبيض تظهر في الأسواق». وأشار العكيدي إلى أن بعض المؤسسات الإنسانية الأهلية قد أدخلت بعض المواد رغم صعوبة الطريق.
وقال رئيس المجلس المحلي لمدينة حلب، المهندس بريتا حاج حسن، لـ«القدس العربي»: «لم تقم أي من المؤسسات الإغاثية الدولية حتى اللحظة بإدخال المساعدات الإنسانية، بسبب صعوبة الطريق واعتباره خطراً، وأن أغلب ما أدخل هو بضائع تجارية، إضافة إلى بعض المساعدات الصغيرة من جمعيات مدينة حلب».
وعلمت «القدس العربي» من مصادر مطلعة أن النظام عزز جبهات حلب بآلاف المقاتلين، واستقدم نحو 2000 مقاتل من مطار كويرس في ريف حلب الشرقي، ونشر جنوداً من الحرس الجمهوري في محيط الحمدانية وضاحية الأسد وأكاديمية الهندسة العسكرية غرب حلب، كما نشر مقاتلين من لواء القدس على جبهة الشيخ سعيد شرق الراموسة. ودفع حزب الله بقوة جديدة قوامها 450 عنصراً، يقودها الحاج أبو الفضل كركي، على جبهة معمل الإسمنت شرق حي الراموسة.
إلى ذلك، نقلت غرفة عمليات فتح حلب عشرات الدبابات ومدافع الميدان ومدافع الهاون إلى الجبهة الغربية من الحمدانية، في الجهة المقابلة لأكاديمية الهندسة العسكرية (أكبر مدرسة عسكرية في سوريا). وبدأت فتح حلب بالتمهيد المدفعي منذ ثلاثة أيام متواصلة على المدرسة المحصنة، والتي بنيت باشراف روسي قبل نحو ثلاثة عقود، وتضم خمسة كليات هندسة، وبدأت بتدريب الطلاب الضباط العسكريين عام 2001.
ويعتبر الاستيلاء على الأكاديمية ـ إن حصل ـ بمثابة سيطرة على آخر موقع عسكري كبير في المدينة، ما يعني شبه انهيار عسكري للنظام في حلب الغربية. وبذلك ستبقى فروع الأمن، المحاذية لها في حلب الجديدة، شبه محاصرة وقابلة للانهيار في أي لحظة بعد سقوط الأكاديمية.
فكل المناطق التي تعتبر عسكرية داخل المدينة هي مبان إدارية، ولن تستطيع الصمود أكثر من 72 ساعة في حال كسر أي من خطوط الاشتباك، خصوصا بالقرب من قلعة حلب وحي الإذاعة.
ومن غير المرجح أن تستطيع الفصائل المعارضة كسر الخط الدفاعي في الحمدانية بسهولة، خصوصاً وأن الحمدانية مقسمة إداريا كأحياء شبه منفصلة، مستقلة عن بعضها، والسيطرة عليها تحتاج إلى وقت طويل، وقد تخسر المعارضة المئات من مقاتليها قبل أن تستطيع السيطرة على حي الحمدانية بالكامل. وتجربتها في محاولة الاستيلاء على مشروع الـ1070 شقة لم تنجح حتى اللحظة، مع بقاء عدد كبير من الأبنية بيد قوات النظام.
إلى ذلك، يقوم العقيد سهيل حسن بمحاولة احتلال تلة ضهر عبد ربه، قرب الكاستيلو، لتأمين طريق النظام من حلب إلى الملاح، كونه الطريق الوحيد الذي يمنع حصار حلب الغربية. ويخشى النظام من السيناريو الأسوأ، أي عجزه عن استرجاع الراموسة من وحدات جيش الفتح وفتح حلب.
ويريد النظام من هذا التوسيع انهاء حلم المعارضة بحصار حلب، إن تمكنت من قطع طريق الكاستيلو؛ والقضاء على آمالها في أي تهديد لجبهة الملاح يتيح فتح طريق إلى مارع وتل رفعت، ثم بعد ذلك حصار بلدتي نبل والزهراء حيث أغلبية قاطنيها من الشيعة.
سياسياً، لا يبدو أن تغييراً قد طرأ على الموقف الأمريكي من المعركة، حسب مصدر عسكري مقرب من غرفة «الموم» التي تدعم «المعارضة المعتدلة». وأكد مصدر خاص، رفض الإفصاح عن اسمه، أن «الأصدقاء يلتزمون الصمت تجاه معركة حلب، ولا توجد أي ضغوط على الدول الداعمة لمعركة حلب، حتى اللحظة».
وأشار المصدر إلى أن «عشرات الصواريخ من طراز تاو، المضاد للدروع، قد سلمت لغرفة عمليات فتح حلب، وكذلك سلمت صواريخ فاغوت». ووصف المصدر كميات الذخيرة التي جرى تسليمها للفصائل بأنها «ممتازة، ولا يوجد نقص أبداً».
من جهتها، فان تركيا تضغط من أجل متابعة حصار النظام في حلب، ويبدو أن أنقرة لم تتلق أي مؤشرات استياء من روسيا حول المعركة التي تجري حاليا في حلب. كذلك يلوح أن الملف الاقتصادي هو المحور الأبرز في اللقاء الذي جمع بوتين وأردوغان في سان بترسبورغ، في حين أحيل الوضع في سوريا إلى لجان عسكرية وأمنية، ولم يجر الحديث عن الحل في سوريا بشكل مباشر.
ومن المستبعد أن تحصل ضغوط على تركيا من أجل معركة حلب، فالعملية الجارية حتى اللحظة تتمثل في تبادل المعابر وطريق الإمداد بين المعارضة والنظام، رغم الخسارة الكبيرة للمدارس العسكرية. فإذا استطاع النظام توسيع محيط سيطرته في الكاستيلو وحندرات، فهذا يعني أنه كسب قسطاً كبيراً مما خسره. ويبقى على المعارضة التفكير جدياً في أهمية معركة «تحرير حلب الغربية»، بوصفها جولة أخرى فاصلة.
القدس العربي – منهل باريش