ذكرت صحيفة «لوس أنجليس تايمز» أن الخسائر التي تعرض لها تنظيم الدولة الإسلامية في الآونة الأخيرة قادت وكالة الاستخبارات الأمريكية والبنتاغون للتوصل إلى تقييم أن التنظيم بات ضعيفاً وتتراجع أعداده وبات مقاتلوه في حالة معنوية متدنية. وهو تحول مهم عن العامين الماضيين عندما اجتاح سريعاً مناطق واسعة في العراق وسوريا وأعلن «الخلافة» في الموصل. وتقول الصحيفة إن التقييم الجديد جاء بعد الانتصارات المدهشة والتي تمت بدون قتال قرب الحدود التركية – السورية وفي قلب العراق. فاستعادة بلدة جرابلس، التي تعد آخر حصن له قرب الحدود مع تركيا ساعدت في إغلاق الحدود التي كانت مهمة من ناحية وصول الإمدادات والمقاتلين الأجانب والمال.
يهربون
وتقول إن العملية في جرابلس قدمت إشارات إلى أن التنظيم لم يعد مهتماً بالقتال، فلم يقتل له سوى عنصر واحد ممن كانوا في جرابلس فيما فر المئات على أعقابهم. وقادت التطورات الميدانية الأخيرة المسؤولين الأمريكيين للحديث عن معركة لاستعادة مدينة الموصل التي تم تأجيلها لوقت طويل ويتوقعون شنها هذا الخريف. وباتت المدينة التي يعيش فيها مليون نسمة محاصرة من القوات العراقية والبيشمركة التي تتقدم نحوها. ويرى مايكل نايتس، الزميل الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى أن استعادة الموصل ودير الزور والرقة تعني نهاية تنظيم «الدولة». وقال «بعد انهيار هذه المدن سيصبح تنظيم الدولة جماعة إرهابية كغيره من الجماعات» وأضاف «قد يكون باستطاعتهم إرسال عدد من السيارات المفخخة والقيام بهجمات صغيرة إلا أنهم لن يكونوا قادرين على الإنخراط في قتال شديد وعلى قاعدة يومية. وبكلمات أخرى سنعود إلى ما كنا عليه في عام 2013» إلا أن معظم الخبراء بمن فيهم مسؤولون في وكالة الإستخبارات الأمريكية يحذرون من إمكانية قيام جماعات إرهابية أخرى على القيام بهجمات في الخارج وقد يصبح أكثر تهديداً خاصة أن المقاتلين الأجانب والمتعاطفين معه لن يستطيعوا الوصول إلى «الخلافة» بعد ذلك.
وكان نيكولاس راسموسين، مدير المركز الوطني لمكافحة الإرهاب قد تحدث أمام لجنة الأمن القومي في الكونغرس قائلاً «على الرغم من التقدم فإن تقييمنا هو أن قدرة التنظيم على القيام بهجمات إرهابية لم تتراجع بشكل كبير»، فلا يزال المتشددون يفجرون السيارات المفخخة في كل ليلة بالعاصمة بغداد. وقد يتحول التنظيم إلى تمرد طائفي الذي حول العراق إلى ما يشبه المسلخ بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 أو قد يتحول إلى شبكة إرهاب عالمية مثل القاعدة بعد عام2001. وحسب مسؤول أمريكي لم يكشف عن اسمه «لا أعتقد أنهم سيفقدون القدرة على إلهام هجمات في الخارج فقط لأنهم خسروا مناطقهم» وأضاف «سيواصلون العمل في الظل والتسبب بمشاكل». وكما يحدث لأي جماعة متشددة فعناصر التنظيم ربما كانوا في حالة هروب بحثاً عن ملجأ وحفاظاً على حياتهم للتحضير لمعركة جديدة، في الوقت والمكان الذي يختارونه وربما أرسلوا إلى معارك أخرى وتنفيذ هجمات انتحارية. كما أن تنظيم الدولة لا يزال يحتفظ بمناطق شاسعة سيطر عليها منذ عام 2014، فقد سيطر على ثلث الأراضي العراقية و70% من الأراضي السورية ولا يزال يحصل ملايين الدولارات التي يجمعها كإتاوات وضرائب والرسوم من السكان الخاضعين لسيطرته. وتقدر المصادر الأمنية الأمريكية عدد المقاتلين التابعين له بحوالي 16.000 فرد وهو نصف عددهم قبل نحو عام ولا يزال قوة ضاربة.
جعلوا أنفسهم هدفاً
وفي هذا السياق يتحدث المسؤولون الأمريكيون عن نجاحات لا يمكن إنكارها تحققت في العامين الماضيين وأكثر من 14.000 غارة بعدما أمر الرئيس باراك أوباما بإطلاق حملة القصف الجوي في آب (أغسطس) 2014. نقل عن الجنرال شين ماكفرلاند، الذي قاد القوات الأمريكية ضد تنظيم الدولة حتى هذا الأسبوع «لقد انخفض عدد المقاتلين على الجبهة بشكل كبير» ويقول «لقد تراجعوا ليس من ناحية العدد بل والكفاءة. وأضاف أن الدخول إلى المناطق التي يسيطرون عليها أصبح أكثر سهولة مما كان عليه الوضع في الماضي «ولا يصمد العدو في القتال» كما كان يفعل في الماضي. وأشار إلى عملية الفلوجة التي استعادت القوات العراقية السيطرة عليها نهاية شهر حزيران (يونيو) حيث هرب مقاتلو التنظيم في رتل من العربات. ويعلق إن المقاتلين جعلوا أنفسهم هدفاً سهلاً «لنا» ويعلق «لم يكونوا ليرتكبوا هذا الخطأ قبل عامين». وأضافت كل هزيمة على المتشددين من خلال قطع خطوط الإمدادات التي استخدموها لنقل الأسلحة والإمدادات والتعزيزات وهو ما كلف التنظيم الكثير فيما يتعلق بالكفاءة والتماسك. وقال إن الخط الوحيد المتوفر لهم هو الصحراء حيث يعتمد على مهربي السلاح لنقلها له «وهناك فرصة باكتشافهم قبل الوصول إلى هناك». وبالإضافة لخسارة التنظيم جرابلس ومنبج في شمالي سوريا فقد انسحب من الخالدية والقيارة في غرب العراق وتم طرده من هيت والهول والرطبة. وتتعرض عمليات التنظيم في الخارج إلى حصار أيضاً، ففي ليبيا اندلعت المعارك في مدينة سرت منذ أيار (مايو) وشارك الطيران الأمريكي والقوات البريطانية الخاصة بدعم قوات حكومة الوفاق الوطني. وخسرت فروع التنظيم في عدد من البلاد مناطق مثل حركة بوكو حرام في نيجيريا وتعرضت «ولاية سيناء» في مصر وفرع أفغانستان لهزائم.
وينقل التقرير عن سيث جونز، من مؤسسة «راند» التي تتخذ من سانتا مونيكا مقراً لها «تظهر الأدلة تراجعاً في سيطرته على المناطق». وقال جونز يبدو إن الجماعة تخسر الدافعية والأعداد على جبهات القتال. وأثرت خسائره على التجنيد والتمويل وكل الحديث أن التنظيم ينتصر في المعركة. إلا أنه حذر من عودة تنظيم القاعدة بطريقة شرسة كما فعل تنظيم القاعدة في العراق، خاصة إن خف الضغط الأمريكي. ومن هنا فمن المبكر كتابة نعي التنظيم.
أزمة في كردستان
وفي هذا السياق حذر تقرير في صحيفة «أوبزيرفر» من تداعيات تحرير مدينة الموصل وموجات اللاجئين التي قد تتدفق من المدينة. وكتبت إيما غراهام هاريسون في الصحيفة إن الحملة قد تؤدي إلى رحيل جماعي يصل إلى مليون نازح إلى مناطق كردستان العراق مما يزيد من أعباء حكومة الإقليم التي تعاني من خطر الإنهيار بسبب الأزمات المتعددة وذلك حسب وثائق لحكومة الإقليم اطلعت عليها الصحيفة.
وتشير إلى خطة لمواجهة تدفق النازحين ودعوة عاجلة للمساعدة من المجتمع الدولي خاصة أن الحكومة تواجه مشاكل في مساعدة 1.5 مليون لاجئ وصلوا إلى أراضيهم منذ دخول مقاتلي تنظيم الدولة شمال العراق. وتقول الوثائق إنه بدون تمويل مناسب لمواجهة أزمة اللاجئين فالمنطقة «تواجه إنهياراً كاملاً». ويقول المسؤولون إن أمن المنطقة عرضة للخطر حيث سيحاول مقاتلو التنظيم اختراق جماعات النازحين. وبحسب خطة طارئة أعدتها وزارة داخلية الإقليم فإن قدرة حكومة إقليم كردستان لاستيعاب الموجات الجديدة من النازحين معدومة تقريباً. وأشارت الصحيفة للخطط الجارية لاستعادة مدينة الموصل والتي تم تأجيلها أكثر من مرة. وتشير إلى أن القوات العراقية تتقدم على طول نهر دجلة فيما تقترب قوات البيشمركة من الشرق. وتمثل الموصل أهمية استراتيجية للطرفين، وهي عاصمة عمليات تنظيم الدولة وآخر معاقله القوية بعد خسارته الرمادي والفلوجة. وتقول إن المدنيين في الموصل يواجهون مخاطر عالية، فهناك 800.000 يعيشون في ريف المدينة و 1.2 مليون نسمة داخلها.
ثلاثة سيناريوهات
وتتحدث وثائق حكومة كردستان عن ثلاثة سيناريوهات للحرب. ويتوقع السيناريو الأكثر تفاؤلاً تدفق 100.000 من اللاجئين في حالة عملية عسكرية سريعة. أما السيناريو الأكثر قتامة فيتوقع عملية عسكرية طويلة وحرب شوارع تؤدي إلى خروج أكثر من مليون مواطن باتجاه كردستان.
إلا أن الحكومة تتوقع خياراً وسطاً بين المتفائل والمتشائم حيث تستمر الحرب لمدة أسابيع أو أشهر وحصاراً كاملاً للمدينة يقطع كل طرق الإمداد إليها ويؤدي إلى نقص المواد الغذائية وقتالاً كثيفاً وغارات جوية. وقد يؤدي هذا إلى خلق أزمة نزوح. وتتوقع الحكومة خروج أكثر من 400.000 نازح وسيصل معظم هؤلاء مع تكثف القتال والغارات الجوية. ويحتاج استيعاب هؤلاء إلى 275 مليون دولار في الشهر، خاصة أن معظمهم سيصل إلى المخيمات بدون شيء إلا الملابس التي عليهم.
وتواجه منطقة كردستان أزمات حادة بسبب انهيار أسعار النفط وغياب الدعم من الحكومة المركزية. وتقول الصحيفة إن المنطقة تحاول الحفاظ على وضعها كمنطقة آمنة وتمنع تعرضها لهجمات كتلك التي ضربت تركيا وسوريا والعراق بدأت بإجراءات أمنية جديدة مثل إقامة حواجز تفتيش على نقاط العبور لفحص الداخلين للإقليم. ويحذر المحللون من عدم قدرة أي خطة على مواجهة موجات جماعية. وحتى لو استطاعت حكومة كردستان منع دخول الميليشيات إلا أن وصول موجات جديدة قد تؤدي إلى توترات إثنية وطائفية ونزاعات على المناطق. فقد أثار تقدم الأكراد في العراق وسوريا شكوكاً حول طموحاتهم بين حكومات المنطقة والسكان العرب الذين يخشون من تغيير خريطة المنطقة في وقت يستمر فيه الأكراد السيطرة على مناطق جديدة. ونقلت عن فلاح مصطفى، مدير دائرة العلاقات الخارجية في حكومة إقليم كردستان «كل المناطق التي حررتها قوات البيشمركه ستظل بيدنا». وهو ما يعني حرباً طويلة. فالطابع المثيرللانتباه في الحروب الجارية في المنطقة أنها تستعصي على الحل. كما يرى ماكس فيشر في «نيويورك تايمز».
سوريا المعقدة
وتحت عنوان «المفارقة السورية: لماذا تزداد الحرب سوءًا؟» كتب يقول إنه رغم اجتماعات السلام والتدخلات الخارجية والتي كان آخرها دخول تركيا إلا أن الأمور تتحرك نحو مزيد من المعاناة. فالحروب الأهلية التي يقول الأكاديميون إنها تستمر لأكثر من عقد أي ضعف ما مضى على الحرب في سوريا. إلا أن هناك عوامل أخرى تطيل أمد الحرب وكلها موجودة في الحرب السورية. وينبع معظم هذه العوامل من التدخلات الخارجية التي تزيد من حالة الجمود وتقفل كل أبواب الحل السياسي. كما أن تعدد اللاعبين- يعقد من وقف الحرب.
تعتقد باربرا اف ولتر من جامعة كاليفورنيا، سان دييغو، أن الحالة السورية معقدة. ولم تجد وهي الباحثة في الحروب الأهلية مشابها تاريخياً لها. فعادة ما تنتهي الحروب الأهلية عندما يخسر طرف أو يستنفد كل أسلحته أو يخسر الدعم الشعبي. وفي كل الحالات تنتهي الحرب بتسوية سلمية إلا في سوريا. فرغم تعب النظام والمعارضة من القتال الدائر منذ عام 2011 إلا أن كل طرف لا يقاتل وحده بل هو مدعوم من الخارج بمن فيها الولايات المتحدة وروسيا والسعودية وإيران والآن تركيا. ولهذا لن تنفد أسلحة النظام ولا المعارضة لأنها تأتي من الخارج وهو الذي يقدم الدعم السياسي لكليهما. ومن المعروف أن الدول الأجنبية لا تشعر بثمن الحرب الباهظ كما هو حال السكان المحليين. ولهذا السبب يقول جيمس فريسون، البرفسور في ستانفورد والذي درس الحروب الأهلية «لو كان لديك داعم خارجي فاحتمال استمرار الحرب أعظم». وعندما يطول أمد الحرب تقل فرص فوز أو خسارة الأطراف فيها. فالدعم الخارجي كما يقول فيشر لا يقضي على دينامية السلم بل ويعزز واقع التصعيد في ظل إنسداد الأفق. فكلما خسر طرف يزيد الداعم الأجنبي دعمه أو انخراطه بطريقة أو بأخرى. ويندفع الطرف الآخر لدعم جماعاته لمنع منافسه من تحقيق مكاسب في دائرة مفرغة من التصعيد والتصعيد المضاد.
قصة سوريا
وهذه هي قصة سوريا منذ بداية الحرب: في عام 2012 تدخلت إيران لمنع انهيار النظام. فردت دول الخليج عام 2013 بزيادة الدعم لمنع تقدمه وخسارة المعارضة. وبعد جولات أخرى دخلت الولايات المتحدة وروسيا الساحة. ورغم قدرة القوى العظمى على مواجهة كل تصعيد إلا أنها لا تستطيع حسم الحرب بسبب فرض الطرف الآخر ظروفاً جديدة على الساحة. فعندما دعمت أمريكا الأكراد في حربهم ضد تنظيم «الدولة» وزادت ثقتهم في النفس تدخلت تركيا لمنع توسعهم. وهناك ملمح آخر للحرب الأهلية أنها تدفع على ارتكاب المذابح من الأطراف المشاركة فيها، والهدف ليس الرعب فقط بل والتحفيز البنيوي. فعلى خلاف الحروب الأهلية التي تعتمد على الدعم الشعبي بشكل يقلل من ارتكاب المجازر، تعتمد الحكومة والمعارضة في سوريا على الدعم الخارجي الذي يدفع نحو العكس. وذلك حسب دراسة قام بها باحثون من جامعة أريزونا ونيويورك ونورث كارولينا.
ولأن المسلحين يعتمدون على الدعم الخارجي فلا يشعرون أن هناك حاجة لحماية المدنيين. وتؤدي هذه الدينامية لتحويل السكان المحليين لتهديد لا مصدرا للدعم. وجاء في الدراسة أن الحوافز الخارجية «تدفعهم نحو استغلال العنف والإرهاب لتشكيل تصرفات السكان». وبهذه المثابة يبدو القتل نتيجة لحسابات عقلانية وليس تعبيراً عن ضحايا أبرياء قتلوا خطأ. وارتكبت قوات النظام جرائم أكثر من المعارضة مع أن الأخيرة مارست جرائم وإن على قاعدة محدودة. ومن المميزات الأخرى التي تطبع الحرب السورية هي محاولة الحفاظ على الوضع القائم لخشية كل طرف مما سيحدث بعد نهاية الحرب. فخوف المعارضة مثلا من خسارتها مناطقها يجعلها تحرص على الوضع القائم بدلاً من مواصلة أهدافها العامة. وكما يقول فيرسون من ستانفورد «من المهم منع الطرف الآخر تحقيق انتصار بدلاً من الإنتصار». وفي السياق نفسه تخشى القوى الخارجية من انتصار الطرف الآخر، مع معرفتها أن تحقيق النصر غير ممكن. ومن هنا ترى إيران والسعودية في سوريا ساحة للنزاع على النفوذ الإقليمي. مع أن كل طرف يعرف أن استمرار الحرب ليس في صالح الجميع إلا الخوف من الهزيمة تدفع كل واحد نحو وضع لا حسم فيه. وفي ظل وجود تحالفات مائعة وأجندات مختلفة فكل ما يمكن أن يتفق عليه الجميع هو تجنب الهزيمة. ويرى فيشر أن طبيعة النظام والمعارضة تشجع على استمرار الحرب لا الحل وذلك بسبب ضعفهما. ويزيد تعدد الفصائل السورية وأيديولوجياتها المختلفة من تعقد الوضع. ولهذا السبب عادة ما تفشل المعارضة المتعددة. وحتى لو نجحت بهزيمة النظام فهي عادة ما تنتهي بحرب ثانية. وفي النهاية يتفق أكاديميون أن النصر في الحروب الأهلية لن يحصل إلا بثمن باهظ وعنف وحتى إبادة ضد المهزوم بمن فيهم السكان المحليين. وعادة ما يؤدي النصر لاندلاع حروب أخرى مع دول الجوار. ويتعلق بالموضوع السوري وغضب دول مثل السعودية من إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما من الحرب، علاقات إسرائيل القريبة من سوريا مع الدول العربية.
السعودية وإسرائيل
وتساءلت «نيويورك تايمز» عن إمكانية حدوث تقارب بين إسرائيل والدول العربية. مشيرة للتطورات في الملف السعودي- الإسرائيلي. فرغم عدم وجود علاقات رسمية أو اعتراف بإسرائيل وحالة العداء والحرب التي شارك فيها البلدان عام 1973 «إلا أن هناك أدلة على تحسن في العلاقات وتطورها سراً خلال السنوات الماضية بل وإمكانية تطورها لتحالف واضح بسبب عدم ثقتهما بإيران». وترى أن علاقات جيدة بين الجيران قد تضع الشرق الأوسط الذي يعيش الفوضى على «مسار إيجابي» ولكنها ستترك القضية الفلسطينية في الظلام. ومصدر اهتمام الصحيفة هو زيارة وفد سعودي بقيادة الجنرال السعودي المتقاعد أنور عشقي القدس الشهر الماضي، حيث عقد جلسة محادثات مع دوري غولد، المسؤول البارز في وزارة الخارجية الإسرائيلية. مشيرة إلى أن الجنرال عشقي وغولد بدءا اتصالاتهما السرية في عام 2014 وفي العام الماضي ظهرا علناً بمناسبة عقدت في واشنطن. وتعتقد أن الإتصالات بين البلدين هي جزء من جهود رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التحاور مع أعداء بلده.
وفي الوقت نفسه ومنذ وصوله إلى السلطة قبل 18 شهراً كشف الملك سلمان ونجله ولي ولي العهد الأمير محمد عن استعداد لاتخاذ مواقف في السياسة الخارجية محفوفة بالمخاطر. مشيرة إلى أن هناك أسباباً عدة تدفع البلدين للعمل معاً: الكراهية لإيران وخوفهما من انتشار الفوضى بالمنطقة وحنقهما على الولايات المتحدة بشأن توقيع الإتفاق النووي مع إيران وسياسات أخرى تتعلق بالموقف الأمريكي من الحرب في سوريا. وتضيف أن السعوديين والإسرائيليين يتعاونون سراً ومنذ مدة ليست بالقصيرة في قضايا الأمن والإستخبارات. وترى أن نتنياهو الخائف من توسع المقاطعة الدولية ضد إسرائيل يحاول توسيع دائرة الدول التي تعترف بدولته واستثمار العلاقات الاقتصادية بينها وبين الدول العربية، حيث أصلح العلاقات مع تركيا وقوى الصلات مع أفريقيا.
ورغم عدم تعامل البعض مع الجنرال عشقي بجدية وفيما إن كان يمثل موقف الحكومة السعودية إلا أن زيارته للقدس والتي تضمنت مقابلات مع أعضاء في الكنيست تشير لانفتاح سعودي جديد يهدف لفحص طبيعة رد الرأي العام في كلا البلدين على اتصالات كهذه.
وبدأت السعودية حملة إعلامية في المملكة لتحضير الرأي العام لعلاقات جيدة مع إسرائيل. مشيرة إلى أن إسرائيليين وسعوديين قابلوا بعضهم البعض في منابر نقاش ولقاءات أكاديمية. كما وفتحت إسرائيل قنوات اتصال مع السعودية وكذلك الإمارات العربية المتحدة. وتعتبر هذه القنوات «حقيقية ومهمة» حسب دانيال ليفي مدير برنامج الولايات المتحدة/الشرق الأوسط. وهناك جهود مصرية لبناء علاقات دافئة مع إسرائيل. وتحسن التعاون الأمني بين البلدين منذ وصول عبد الفتاح السيسي إلى السلطة عام 2014 مما أدى لتعاون أكبر ضد حركة حماس في غزة. وقبل اسبوع من زيارة الوفد السعودي قام وزير الخارجية المصري سامح شكري بأول زيارة لوزير خارجية مصر إلى إسرائيل منذ 9 أعوام. ورغم توقيع اتفاقية سلام بين البلدين منذ عام 1979 إلا أن العلاقة بينهما لم تكن أبدا دافئة. وتتساءل الصحيفة: أين يترك كل هذا الفلسطينيين؟ فقد جاءت زيارة الوفد السعودي والمصري بذريعة تحسين فرص السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وتحدث الجنرال عشقي عن إحياء مبادرة السلام التي تقدمت بها السعودية في عام 2002 والتي وعدت بتطبيع العلاقات مع دول الجامعة العربية كجزء من صفقة لإنهاء النزاع مع الفلسطينيين. وتخشى الصحيفة أن يتوقف مسار تحسين العلاقات بين الدول عند نقطة معينة وعدم المضي لحل الأزمة الفلسطينية مع أن نتنياهو أكد على أهمية تحسين العلاقات مع الدول العربية أولا كشرط لعقد سلام مع الفلسطينيين لاحقاً. وهذا يعني ترك المظالم الفلسطينية، مصدر التوتر في المنطقة تتفاقم بدون حل.
القدس العربي