من سليم العمر وإسماعيل جمال وغالينا بيلوفا: سجل إسقاط تركيا لمقاتلة روسية تطوّراً خطيراً في النزاع الجاري في سوريا، وظهرت إشارات عديدة إلى إمكان تصاعد تفاعلات هذا الحدث عالمياً وإقليمياً الذي يعتبر الأول من نوعه من حيث إسقاط طائرة روسيّة (أو سوفييتية) منذ الخمسينات من القرن الماضي.
ودفع إسقاط تركيا العضو في حلف شمال الاطلسي أمس الثلاثاء مقاتلة روسية على الحدود السورية، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى التحذير من «عواقب خطيرة» على العلاقات بين البلدين وسوريا إلى إدانة «الاعتداء السافر» على سيادتها.
فيما أكد الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، أمس الثلاثاء، إن من حق تركيا الدفاع عن سيادتها، متوقعا أن تجري عدة اتصالات بينه وبين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال الأيام المقبلة. وأضاف في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند بواشنطن، عقده أمس: إن «تركيا مثل أي دولة أخرى، تمتلك الحق في الدفاع عن أراضيها وأجوائها».
وتابع «أعتقد أنه من المهم لنا الآن، أن نتأكد أن كلا من الروس والأتراك يتحاوران مع بعضهما البعض، ومعرفة ما حدث بالضبط واتخاذ التدابير اللازمة لعدم حدوث أي نوع من التصعيد».
ولفت إلى أن حادث إسقاط الطائرة، يشير إلى «المشكلة الجارية المتمثلة في العمليات الروسية، لكونهم (الروس) يقومون بها بالقرب من الحدود التركية وأنهم يطاردون المعارضة المعتدلة المدعومة ليس من تركيا فحسب بل من عدد كبير من البلدان». وقال «لو أن روسيا وجهت طاقاتها تجاه داعش، لما كان لبعض هذه الصدامات أو الأخطاء المحتملة أن تحدث على الأغلب». وأوضح الرئيس الأمريكي أن بلاده لم ترفض أبداً «أن تعمل روسيا أو أي بلد آخر لدينا اختلافات معه في التحالف المعادي لداعش».
وذكر أن «التحدي كان يتمثل في أن روسيا تركز على تقوية (بشار)الأسد بدلاً من التركيز على داعش».
وأعلنت الرئاسة التركية في بيان أن المقاتلة من طراز سوخوي-24 ، فيما أفادت وسائل إعلام تركية مقتل أحد طياري المقاتلة الروسية وأسر آخر على أيدي مسلحي المعارضة السورية.
واعلنت هيئة الاركان الروسية ان جنديا روسيا آخر قتل الثلاثاء في سوريا خلال عملية انقاذ فاشلة لطياري المقاتلة التي اسقطتها انقرة في وقت سابق، ويفترض ان يكون احدهما قتل.
وقال الجنرال سيرغي رودسكوي في بيان نشر على موقع وزارة الدفاع «تم تنفيذ عملية بحث وانقاذ لاجلاء الطيارين الروسيين من مكان التحطم بمساعدة مروحيتين من طراز ام آي 8. اصيبت احدى المروحيتين باضرار جراء نيران واضطرت الى الهبوط. قتل جندي».
واضاف انه تم اجلاء باقي طاقم طائرة ام آي 8 الى قاعدة روسية في سوريا في حين دمرت المروحية بقذيفة هاون اطلقت من الاراضي التي يسيطر عليها المتمردون.
وأكدت موسكو أن إحدى مقاتلاتها أسقطت، وأن أحد الطيارين قد قتل، بعد أن كانت الأنباء قد تضاربت حول مصيرهما، ففيما قال متحدثون باسم فصائل مقاتلة وناشطون إعلاميون معارضون إن أحد الطيارين الروسيين اللذين سقطا في ريف اللاذقية قتل فيما وقع الآخر في الأسر، تحدث مسؤول في الحكومة التركية أن تركيا تعتقد أن الطيارين الروسيين اللذين أسقطت طائرتهما قرب حدود سوريا على قيد الحياة، وأن بلاده تعمل على الإفراج عنهما من قبضة المعارضة السورية. وحسب المعلومات المتوفرة لـ«القدس العربي» فإن الطائرة الروسية سقطت في مناطق النظام، او ما يعرف بمناطق اشتباك، مقابل بلدة كسب وتحديدا فوق «المرصد 45» للنظام.
وقالت مصادر لـ«القدس العربي» إن الطيار الأول وقع في مناطق المعارضة، والثاني هبط في منطقة اشتباك مع النظام، وإن مجموعة من اللواء العاشر في الساحل السوري توجهت للإمساك به، ومعهم مجموعة من الفرقة التركمانية الثانية، ولكن بعض المقاتلين يقولون إن «جبهة النصرة» قد تكون استولت على الجثة بعد أن توجهت إحدى مجموعاتها لموقع سقوط الطائرة، خاصة وأن «النصرة» لديها مجموعات عديدة في هذه المنطقة، وتعتبر من أقوى الفصائل على الإطلاق، حيث تسيطر على مناطق اشتباك متعددة مع النظام في تلك المنطقة قرب كسب، متل جبل زاهية، والمرصد 45، ونبع المر، ولكن لا يوجد تأكيد حتى الآن حول مصير الطيارين الروسيين والفصيل الذي قبض عليهما إن كان «النصرة» أو غيرها.
واستدعى كل من البلدين ممثله الدبلوماسي في البلد الآخر، وقرر حلف شمال الأطلسي عقد اجتماع لسفرائه أمس الثلاثاء.
وقال مسؤول أمريكي إن القوات الأمريكية لم تشترك في إسقاط الطائرة الروسية. وكانت هذه المرة الأولى التي يتم فيها الاعتراف علانية بأن طائرة حربية روسية أو سوفييتية تسقطها دولة عضو في حلف شمال الأطلسي منذ خمسينيات القرن الماضي. وأيد الجيش الأمريكي ما أعلنه العسكريون الأتراك من أنهم حذروا الطائرة الروسية عشر مرات قبل إسقاطها الثلاثاء قرب الحدود السورية.
وقال المتحدث العسكري الأمريكي الكولونيل ستيف وارن «تمكنا من سماع كل ما حدث. هذه (الاتصالات) كانت على قنوات مفتوحة». وقال ردا على سؤال بشأن التحذيرات العشرة التي قالت تركيا إنها وجهتها إلى الطائرة الروسية التي اتهمتها باختراق أجوائها، «اؤكد هذا الأمر».
وكانت هيئة الأركان التركية أعلنت في بيان على موقعها الالكتروني أن المقاتلة الروسية انتهكت الأجواء التركية بوضوح وقد أنذرت «عشر مرات في خمس دقائق».
ونصح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الروس بعدم زيارة تركيا. وقالت واحدة من أكبر الشركات التي تقوم بتنظيم رحلات سياحية إلى تركيا إنها ستوقف بصورة مؤقتة تنظيم الرحلات. (تفاصيل ص 4 ورأي القدس ص 23)
بوادر نزاع دولي وإقليمي جديد بعد إسقاط تركيا مقاتلة روسية
مقتل جندي روسي بقصف مروحية في سوريا… وأوباما يؤيد حق أنقرة في الدفاع عن سيادتها وبوتين يهدد بـ«عواقب وخيمة»
القدس العربي