لاشك ان السعوديين سيتنفسون الصعداء ويشعرون بالاطمئنان لقرار الحكومة الإيرانية عدم ارسال مواطنيها إلى الحج هذا العام كما أعلنت طهران ذلك يوم الخميس الماضي.
وهي ليست المرة الأولى التي تمنع فيها إيران مواطنيها من أداء فريضة الحج أو مناسك العمرة.
فبعد تظاهرات الحج الإيرانية العنيفة عام 1987 قاطعت طهران مواسم الحج لثلاث سنوات متتالية.
فالحجاج الإيرانيون بعد الثورة الخمينية كانوا يمثلون مصدر قلق لسلطات الأمن السعودية ومصدر ازعاج لحجاج الدول الإسلامية الأخرى، بسبب التظاهرتين اللتين أمر الإمام الخميني الحجاج الإيرانيين ان يقوموا بهما في المدينة المنورة ومكة المكرمة، وهما تظاهرتا «البراءة من المشركين» في كل موسم حج.
لذا ولأول مرة في تاريخ الحج منذ 1981 بدأ الإيرانيون القيام بتظاهرات «البراءة من المشركين» يرفعون خلالها شعارات الثورة الإسلامية في إيران وصور الإمام الخميني والمسجد الأقصى والمسجد الحرام.
لكن في عام 1987 قامت قوات الشرطة والحرس الوطني بتطويق جزء من المسار المخطط للمسيرة ومنع المتظاهرين من العبور إلى المناطق غير المتفق عليها مع السلطات، الأمر الذي أدى إلى اصصدام الحجاج المتظاهرين مع قوات الأمن.
واشتدت حدة الاشتباك لمرحلة العنف بعد تدافع الحجاج الذي أودى بحياة بعضهم، نتج عن الاشتباك مقتل 402 شخصاً منهم 275 حاجاًّ إيرانياً و 42 حاجاً من جنسيات أخرى، و85 رجل أمن سعوديا.
تبادل المسؤولون الإيرانيون والسعوديون الاتهامات. حيث اتهمت إيران السعودية بقتل المتظاهرين بإطلاق النار عليهم بينما تنفي الرواية السعودية إطلاق رصاصة واحدة وترجع عدد القتلى إلى تدافع وعنف المتظاهرين. كما أسفرت الأحداث عن إصابة 649 شخصاً: 303 من الإيرانيين، 145 من السعوديين، 201 حاجاً من بلدان أخرى.
وكانت نتيجة الأحداث قطع الرياض علاقاتها الدبلوماسية مع طهران وتقليل العدد المسموح من الحجاج الإيرانيين من 150.000 إلى 45.000 .
أما طهران فقامت بمقاطعة الحج في المواسم الثلاثة التالية.
حتى تجددت العلاقات بين الطرفين في عام 1991 بعد اتفاق يسمح للإيرانيين بممارسة فريضة الحج مرة أخرى ووضع حد أقصى للحجاج الإيرانيين يبلغ 115.000 مع السماح لهم بالتظاهر لكن في مكان واحد تخصصه لهم السلطات السعودية. والتزم الطرفان بهذا الاتفاق على مدى العقدين التاليين.
ومنذ ذلك الحين لم يقع أي حادث دموي أو خلاف بين الطرفين بخصوص الحجاج الإيرانيين حتى وقوع حادثة تدافع الحجاج في منطقة منى العام الماضي التي راح ضحيتها أكثر من 2100 حاج منهم 465 إيرانياً وسط توتر في العلاقات بين طهران والرياض.
وقد أثارت طهران ضجيجا سياسيا وإعلاميا كبيرا اثر حادث التدافع محاولة الترويج بان السلطات السعودية غير مؤهلة للاشراف على مواسم الحج، ودعت إلى تشكيل لجنة تحقيق إسلامية لما جرى، ولكن فجأة هدأت الضجة الإيرانية بعد زيارة وفد إيراني برئاسة وزير الصحة إلى جدة وإطلاعه على تفاصيل ما جرى. ويلاحظ ان الطرفين السعودي والإيراني تكتما على ذلك، وبقية الدول الإسلامية التي فقدت مئات الحجاج في الحادث ليس لها مصلحة في إجراء تحقيقات وإثارة غضب السعودية.
ولاشك انه لم يكن هذا الحادث السبب في تنامي علاقات العداء بين الرياض وطهران، فالعداء والصراع السياسي بينهما كان هو الأشد وهو الذي أدى إلى قطع العلاقات بينهما مرة أخرى، بعد الضجة السياسية التي أثارتها طهران بسبب إعدام السعودية لرجل الدين السعودي الشيعي نمر باقر النمر وقيام متظاهرين إيرانيين باقتحام مبنى السفارة السعودية في طهران.
وفي ظل تصاعد لهيب نيران الصراع الإيراني – السعودي في العالم العربي والمنطقة بسبب تصدي السعودية للهيمنة على المنطقة، لاشك ان السعوديين كانوا يتوقعون ان تستغل طهران موسم الحج القادم لتحريك حجاجها للقيام بتظاهرات في المدينة المنورة ومكة المكرمة، بحجة القيام بمسيرتي «اعلان البراءة من المشركين» الأمر الذي سيثير اضطرابات في المشاعر الإسلامية وسط ملايين الحجاج المسلمين.
وفي العادة تزور السعودية كل عام وقبل أشهر من موعد الحج وفود من الدول الإسلامية للقاء مسؤولي وزارة الحج السعودية للاتفاق على ترتيبات حج مواطنيهم، وهذا ينطبق على إيران.
لذا جاء قبل نحو اسبوعين وفد إيراني برئاسة رئيس منظمة الحج الإيراني سعيد أوحدي، ولكن بدا وبسبب التوتر بين البلدين أراد الإيرانيون ان يفرضوا مطالب بشأن ترتيبات حج مواطنيهم، ولكن السعوديين أابدوا تشددا في تلبيتها، خوفا من نوايا الحكومة الإيرانية باشعال موسم حج هذا العام وإثارة الاضطرابات فيه.
لذا أعلنت طهلران وعلى لسان وزير الثقافة علي جنتي انها لن ترسل مواطنيها للحج محملا السلطات السعودية مسؤولية «منع الإيرانيين من الحج» مشيرا إلى ان السعوديين تصرفوا بشكل غير لائق مع الوفد الإيراني الذي ذهب للاتفاق على ترتيبات الحج، وقال «ان السعوديين كان سلوكهم غير لائق، ولم يوافقوا على مقترحاتنا بشأن التأشيرة والنقل الجوي وتوفير أمن الحجاج».
وأوضح أن «المسؤولين السعوديين لم يعدوا بمنح التأشيرة للحجاج الإيرانيين، ورأوا أن على الحجاج الإيرانيين التوجه إلى بلد ثالث للحصول على التأشيرة، ما يشير إلى عدم توفر الظروف لأداء مناسك الحج».
السعودية بدورها ردت على الاتهامات الإيرانية هذه وأكدت انها سعت للتوصل مع الوفد الإيراني إلى اتفاق بشأن ترتيبات حج الإيرانيين، بما فيها منح التأشيرة لراغبي الحج عبر الموقع الالكتروني.
وأكد بيان صدر عن وزارة الحج والعمرة السعودية أن المملكة لا تمنع أي مسلم من أداء مناسك الحج والعمرة.
وحمّلت وزارة الحج السعودية حكومة إيران «مسؤولية «عدم قدوم مواطنيها إلى المملكة لأداء فريضة الحج هذا العام 1437هـ، مشيرة إلى أنها قدمت كل التسهيلات للوفد الإيراني الذي زار المملكة أخيراً، وأصرّ على تحقيق مطالب متشددة تتعلق بالتأشيرات والنقل الجوي، وأبانت أن توقّف قدوم المعتمرين الإيرانيين من داخل إيران حدث من حكومة طهران، التي تتخذ ذلك وسيلة ضغط على الرياض.
ويلاحظ عدم قيام عشرات الآلالف من الإيرانيين بأداء العمرة التي تعودوا على ادائها بالشهرين اللذين يسبقان شهر رمضان، الأمر الذي يشير إلى ان طهران أصبحت تمنع مواطنيها أيضا من أداء «العمرة». في النهاية المواطن الإيراني هو الخاسر من محاولة حكومته تسييس الدين لصالح صراعها السياسي، ولاشك ان السعودية وحجاج الدول الإسلامية الأخرى سيشعرون بعدم القلق من الفوضى والاضطرابات في غياب الإيرانيين.
وهي ليست المرة الأولى التي تمنع فيها إيران مواطنيها من أداء فريضة الحج أو مناسك العمرة.
فبعد تظاهرات الحج الإيرانية العنيفة عام 1987 قاطعت طهران مواسم الحج لثلاث سنوات متتالية.
فالحجاج الإيرانيون بعد الثورة الخمينية كانوا يمثلون مصدر قلق لسلطات الأمن السعودية ومصدر ازعاج لحجاج الدول الإسلامية الأخرى، بسبب التظاهرتين اللتين أمر الإمام الخميني الحجاج الإيرانيين ان يقوموا بهما في المدينة المنورة ومكة المكرمة، وهما تظاهرتا «البراءة من المشركين» في كل موسم حج.
لذا ولأول مرة في تاريخ الحج منذ 1981 بدأ الإيرانيون القيام بتظاهرات «البراءة من المشركين» يرفعون خلالها شعارات الثورة الإسلامية في إيران وصور الإمام الخميني والمسجد الأقصى والمسجد الحرام.
لكن في عام 1987 قامت قوات الشرطة والحرس الوطني بتطويق جزء من المسار المخطط للمسيرة ومنع المتظاهرين من العبور إلى المناطق غير المتفق عليها مع السلطات، الأمر الذي أدى إلى اصصدام الحجاج المتظاهرين مع قوات الأمن.
واشتدت حدة الاشتباك لمرحلة العنف بعد تدافع الحجاج الذي أودى بحياة بعضهم، نتج عن الاشتباك مقتل 402 شخصاً منهم 275 حاجاًّ إيرانياً و 42 حاجاً من جنسيات أخرى، و85 رجل أمن سعوديا.
تبادل المسؤولون الإيرانيون والسعوديون الاتهامات. حيث اتهمت إيران السعودية بقتل المتظاهرين بإطلاق النار عليهم بينما تنفي الرواية السعودية إطلاق رصاصة واحدة وترجع عدد القتلى إلى تدافع وعنف المتظاهرين. كما أسفرت الأحداث عن إصابة 649 شخصاً: 303 من الإيرانيين، 145 من السعوديين، 201 حاجاً من بلدان أخرى.
وكانت نتيجة الأحداث قطع الرياض علاقاتها الدبلوماسية مع طهران وتقليل العدد المسموح من الحجاج الإيرانيين من 150.000 إلى 45.000 .
أما طهران فقامت بمقاطعة الحج في المواسم الثلاثة التالية.
حتى تجددت العلاقات بين الطرفين في عام 1991 بعد اتفاق يسمح للإيرانيين بممارسة فريضة الحج مرة أخرى ووضع حد أقصى للحجاج الإيرانيين يبلغ 115.000 مع السماح لهم بالتظاهر لكن في مكان واحد تخصصه لهم السلطات السعودية. والتزم الطرفان بهذا الاتفاق على مدى العقدين التاليين.
ومنذ ذلك الحين لم يقع أي حادث دموي أو خلاف بين الطرفين بخصوص الحجاج الإيرانيين حتى وقوع حادثة تدافع الحجاج في منطقة منى العام الماضي التي راح ضحيتها أكثر من 2100 حاج منهم 465 إيرانياً وسط توتر في العلاقات بين طهران والرياض.
وقد أثارت طهران ضجيجا سياسيا وإعلاميا كبيرا اثر حادث التدافع محاولة الترويج بان السلطات السعودية غير مؤهلة للاشراف على مواسم الحج، ودعت إلى تشكيل لجنة تحقيق إسلامية لما جرى، ولكن فجأة هدأت الضجة الإيرانية بعد زيارة وفد إيراني برئاسة وزير الصحة إلى جدة وإطلاعه على تفاصيل ما جرى. ويلاحظ ان الطرفين السعودي والإيراني تكتما على ذلك، وبقية الدول الإسلامية التي فقدت مئات الحجاج في الحادث ليس لها مصلحة في إجراء تحقيقات وإثارة غضب السعودية.
ولاشك انه لم يكن هذا الحادث السبب في تنامي علاقات العداء بين الرياض وطهران، فالعداء والصراع السياسي بينهما كان هو الأشد وهو الذي أدى إلى قطع العلاقات بينهما مرة أخرى، بعد الضجة السياسية التي أثارتها طهران بسبب إعدام السعودية لرجل الدين السعودي الشيعي نمر باقر النمر وقيام متظاهرين إيرانيين باقتحام مبنى السفارة السعودية في طهران.
وفي ظل تصاعد لهيب نيران الصراع الإيراني – السعودي في العالم العربي والمنطقة بسبب تصدي السعودية للهيمنة على المنطقة، لاشك ان السعوديين كانوا يتوقعون ان تستغل طهران موسم الحج القادم لتحريك حجاجها للقيام بتظاهرات في المدينة المنورة ومكة المكرمة، بحجة القيام بمسيرتي «اعلان البراءة من المشركين» الأمر الذي سيثير اضطرابات في المشاعر الإسلامية وسط ملايين الحجاج المسلمين.
وفي العادة تزور السعودية كل عام وقبل أشهر من موعد الحج وفود من الدول الإسلامية للقاء مسؤولي وزارة الحج السعودية للاتفاق على ترتيبات حج مواطنيهم، وهذا ينطبق على إيران.
لذا جاء قبل نحو اسبوعين وفد إيراني برئاسة رئيس منظمة الحج الإيراني سعيد أوحدي، ولكن بدا وبسبب التوتر بين البلدين أراد الإيرانيون ان يفرضوا مطالب بشأن ترتيبات حج مواطنيهم، ولكن السعوديين أابدوا تشددا في تلبيتها، خوفا من نوايا الحكومة الإيرانية باشعال موسم حج هذا العام وإثارة الاضطرابات فيه.
لذا أعلنت طهلران وعلى لسان وزير الثقافة علي جنتي انها لن ترسل مواطنيها للحج محملا السلطات السعودية مسؤولية «منع الإيرانيين من الحج» مشيرا إلى ان السعوديين تصرفوا بشكل غير لائق مع الوفد الإيراني الذي ذهب للاتفاق على ترتيبات الحج، وقال «ان السعوديين كان سلوكهم غير لائق، ولم يوافقوا على مقترحاتنا بشأن التأشيرة والنقل الجوي وتوفير أمن الحجاج».
وأوضح أن «المسؤولين السعوديين لم يعدوا بمنح التأشيرة للحجاج الإيرانيين، ورأوا أن على الحجاج الإيرانيين التوجه إلى بلد ثالث للحصول على التأشيرة، ما يشير إلى عدم توفر الظروف لأداء مناسك الحج».
السعودية بدورها ردت على الاتهامات الإيرانية هذه وأكدت انها سعت للتوصل مع الوفد الإيراني إلى اتفاق بشأن ترتيبات حج الإيرانيين، بما فيها منح التأشيرة لراغبي الحج عبر الموقع الالكتروني.
وأكد بيان صدر عن وزارة الحج والعمرة السعودية أن المملكة لا تمنع أي مسلم من أداء مناسك الحج والعمرة.
وحمّلت وزارة الحج السعودية حكومة إيران «مسؤولية «عدم قدوم مواطنيها إلى المملكة لأداء فريضة الحج هذا العام 1437هـ، مشيرة إلى أنها قدمت كل التسهيلات للوفد الإيراني الذي زار المملكة أخيراً، وأصرّ على تحقيق مطالب متشددة تتعلق بالتأشيرات والنقل الجوي، وأبانت أن توقّف قدوم المعتمرين الإيرانيين من داخل إيران حدث من حكومة طهران، التي تتخذ ذلك وسيلة ضغط على الرياض.
ويلاحظ عدم قيام عشرات الآلالف من الإيرانيين بأداء العمرة التي تعودوا على ادائها بالشهرين اللذين يسبقان شهر رمضان، الأمر الذي يشير إلى ان طهران أصبحت تمنع مواطنيها أيضا من أداء «العمرة». في النهاية المواطن الإيراني هو الخاسر من محاولة حكومته تسييس الدين لصالح صراعها السياسي، ولاشك ان السعودية وحجاج الدول الإسلامية الأخرى سيشعرون بعدم القلق من الفوضى والاضطرابات في غياب الإيرانيين.
سليمان نمر – القدس العربي