وصل العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إلى القاهرة، أمس الخميس، في مستهل زيارة رسمية تستغرق خمسة أيام، وتهدف إلى تأكيد دعم الرياض لحكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي وللعلاقات بين البلدين في مختلف المجالات بدءا من الجانب العسكري وحتى الاقتصاد.
وهذه أول زيارة رسمية يقوم بها الملك سلمان للقاهرة منذ توليه الحكم خلفا لأخيه الملك عبد الله في يناير/ كانون الثاني 2015، لكنه قام بزيارة وجيزة لمنتجع شرم الشيخ المصري في مارس/ آذار العام الماضي للمشاركة في مؤتمر دولي لدعم وتنمية الاقتصاد المصري.
وقال الملك سلمان في تغريدة نشرت على حسابه الرسمي على تويتر مساء أمس الخميس إن «لمصر في نفسي مكانة خاصة ونحن في المملكة نعتز فيها وبعلاقتنا الاستراتيجية المهمة للعالمين العربي والإسلامي. حفظ الله مصر وحفظ شعبها.»
وصباح أمس قال السيسي في تغريدة على حسابه الرسمي على تويتر أيضا «أرحب بأخي جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين على أرض وطنه الثاني مصر.»
وكان الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي وصل إلى القاهرة قبل قليل من وصول الملك سلمان.
وتشارك مصر في تحالف عسكري عربي تقوده السعودية في اليمن لقتال الحوثيين المدعومين من إيران لكنها تمتنع عن إرسال قوات برية.
وقال دبلوماسيون غربيون في القاهرة والخليج إن ذلك أدى إلى توتر العلاقات بعض الشيء، لكن الرياض قبلت في نهاية الأمر أسباب مصر وتأكيداتها العلنية بأنها ستدافع عن السعودية في مواجهة أي تهديد خارجي.
وقالت مصادر في المخابرات المصرية إن السيسي يريد أن تسهم الزيارة في تخفيف التوترات وجذب المزيد من الاستثمارات السعودية وطمأنة الرياض بشأن دعم القاهرة لموقفها إزاء اتساع نفوذ إيران في المنطقة.
وقالت مصر أمس الخميس إنها «منزعجة» من تقارير تشير إلى ضبط شحنات أسلحة إيرانية أثناء تهريبها إلى اليمن على مدى الأسابيع الماضية، وذلك في محاولة فيما يبدو لإبداء الدعم للسعودية في صراعها على النفوذ مع إيران.
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية عن أحمد أبو زيد المتحدث باسم وزارة الخارجية قوله إن الأمر «يثير علامات استفهام حول التناقض بين المواقف الرسمية الإيرانية وممارساتها الفعلية التي لا تسهم في تعزيز الاستقرار في المنطقة بل تعكس استمرار سياسة التدخل غير البناء في الشأن العربي.»
وأظهرت مصر حفاوة بالغة بزيارة العاهل السعودي، فمنذ أيام يبث التلفزيون الرسمي تقارير عن متانة العلاقات بين البلدين وأهمية الزيارة التي وصفت بالتاريخية. وأمس الخميس بثّ التلفزيون لقطات أرشيفية وأفلاما وثائقية عن زيارات سابقة قام بها ملوك السعودية لمصر في فترات مختلفة.
وأصدر الديوان الملكي السعودي بيانا صباح أمس الخميس قال فيه إن زيارة الملك سلمان لمصر تأتي «انطلاقا من الروابط الأخوية المتينة بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية.»
وأضاف أن الجانبين سيبحثان خلال الزيارة «سبل تعزيز تلك العلاقات في المجالات كافة وبحث القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.»
وقالت رئاسة الجمهورية في بيان إن الجانبين أكدا خلال جلسة محادثات جمعت الملك سلمان بالرئيس السيسي أمس الخميس على «حرصهما على أن تُشكل هذه الزيارة نقلة نوعية في العلاقات الأخوية والتاريخية التي تجمع بين البلدين الشقيقين وأن تدعم أواصر التعاون الثنائي في جميع المجالات.»
وأغدقت السعودية ودول الخليج المساعدات على مصر منذ عام 2013 لكن يقول مراقبون إنها شعرت بالإحباط على نحو متزايد بسبب عجز حكومة السيسي عن معالجة الفساد وضعف الاقتصاد وتقلص الدور المصري على الصعيد الإقليمي.
وكانت مصادر دبلوماسية قالت إن من المقرر أن يكشف المسؤولون خلال الزيارة عن استثمارات سعودية قيمتها أربعة مليارات دولار.
ويوم الثلاثاء قال مصدران حكوميان في مصر لرويترز إن زيارة العاهل السعودي ستشهد توقيع اتفاقية لتمويل احتياجات مصر البترولية لمدة خمس سنوات بحوالى 20 مليار دولار وبفائدة اثنين في المئة بجانب تقديم قرض لتنمية شبه جزيرة سيناء بقيمة 1.5 مليار دولار.
وقالت بعض المصادر في الرياض إنه سيتم الإعلان عن اتفاقات للتعاون بشكل أوثق في عدد من المسائل من القوات المسلحة إلى الاقتصاد.
وكان الملك سلمان أمر في ديسمبر/ كانون الأول الماضي بمساعدة مصر في تلبية احتياجاتها البترولية على مدى السنوات الخمس المقبلة وزيادة الاستثمارات السعودية هناك لتصل إلى أكثر من 30 مليار ريـال.
الى ذلك رحب حزب «البناء والتنمية»، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية في مصر، بزيارة الملك سلمان بن عبد العزيز لمصر. واعتبر الحزب في بيان له تلقت «القدس العربي» نسخة منه أن زيارة العاهل السعودي لمصر «بما له من رصيد هائل في نفوس المصريين وقبول لدى كل الأطراف، أن يتمخض عن الزيارة توسطه لتسوية الأزمة السياسية على أسس عادلة». وقال طارق الزمر رئيس حزب «البناء والتنمية» في اتصال مع «القدس العربي» أن الملك سلمان يمكن أن «يجمع الشعب المصري على كلمة سواء لتعود مصر سندا ودرعا وداعمة للأمة العربية والإسلامية وقضاياها».
واعتبرت «الجماعة الإسلامية» المحسوبة على التيار السلفي أنه انطلاقا من مسؤوليتها «الوطنية والأخلاقية ومن قبل المسؤولية الدينية التي يستشعرها كل مصري حريص على هذا الوطن، فإنها تطالب «المؤسسات المصرية الوطنية باستثمار زيارة الملك والعمل على إنهاء الأزمة المصرية على أسس مرضية تحقق تماسك الوطن وتنهي حالة الانقسام».
كما «طالب الحزب القوى الوطنية والأحزاب السياسية والمؤسسات الدينية والشخصيات العامة بأن تتوحد كلمتهم وتتكاتف جهودهم لدعم أي توجه يسهم في توحيد الشعب المصري وتجاوز أزماته الراهنة».
وكانت الجماعة الإسلامية في مصر أعلنت منتصف 2011 عن إطلاقها لحزب «البناء والتنمية» ليعبر عن الجماعة وأهدافها وليجمع أعضاءها المنتشرين في أنحاء مصر وفي الخارج، آخذة خطوة تاريخية تكسبها الشرعية القانونية. وأعلنت عن أربعة وكلاء مؤسسين للحزب الجديد، وهم طارق الزمر، وصفوت عبد الغني، والشاذلي الصغير وأشرف توفيق.
وتقيم بعض قيادات الحزب في الخارج وموزعة بين الدوحة وإسطنبول.
القدس العربي – رويترز