عادت عجلة الصناعة للدوران في مناطق سيطرة المعارضة السورية في ريف حلب الغربي، ويبلغ عدد العاملين في المصانع والمعامل في تلك المنطقة ما يقــــارب 15 ألف عامل، بمعدل رواتب وسطي يبلــــغ حوالي 35 ألف ليرة سورية، في حين أصبحت تلك المنشآت صيداً ثميناً لبراميل النظام، بهدف إخراجها من الخدمة وتشريد عامليها.
الفصائل على الأرض قـــدمت تطمينات لأصحاب المصانع:
يشير عدد من أصحاب المعامل في ريف حلب الغربي والممتدة من كفرحمرة وحتى دارة عزة، مروراً بتقاد وحور، إلى أنهم قاموا بإعادة تأهيل مصانعهم، بعد أن حطمت براميل النظام جزءاً كبيراً منها، واستولى اللصوص على عدد آخر، يقول «أبو محمد» صاحب منشأة صناعية تعمل على إنتاج البلاستيك أن عودته إلى معمله جاء إثر تواصل المكتب الاقتصادي التابع لحركة «نور الدين الزنكي» معه وإرسال تطيمنات من قبلهم بحمايته، وتأمين تصريف الإنتاج، دون أن يتعرض له أحد.
البراميل تدمر خطوط الإنتاج في المنشآت الصناعية
يستهدف طيران النظام بشكل شبه يومي المعامل والمنشآت الصناعية في المناطق الخاضعة لسيطرة معارضيه، ما يؤدي لتدمير عدد من خطوط الإنتاج فيها، فضلاً عن ترهيبه للقائمين عليها من أجل إجبارهم على الهروب وترك مصانعهم. أشار صاحب معمل دوائي شهير بحلب رفض الكشف عن هويته إلى أن مصنعه، واقع على خط الجبهة بين قوات المعارضة المسلحة وقوات النظام، لكنه مضطر لإعادة تشغيل المعمل، لأنه يعيل العشرات من العائلات الفقيرة في حلب، ويؤمن الدواء لمحتاجيه في المدينة والريف الحلبي.
من جهته قال الطفل «محمد» ويبلغ من العمر 15 عاماً، أنه اضطر للعمل في معمل بمنطقة حور من أجل تأمين لقمة الطعام له ولإسرته، النازحة من حي الشعار في مدينة حلب، وأضاف «محمد» أنه يحصل جراء عمله على مايقارب 20 ألف ليرة سورية، تعين العائلة على جلب الطعام، وبعض الإحتياجات الأساسية.
أوضح صاحب معمل الدواء أن البراميل المتفجرة أدت إلى تضرر كبير في خطوط الانتاج، وأخرجت عددا منها من الخدمة، وأن القصف وعوامل أخرى لم يسمها، أسهمت بانخفاض الانتاجية لما يقارب 50٪
وبموجب صاحب المعمل الدوائي، فإن معمله، فضلاً عن 14 معملاً دوائياً آخر في المنطقة، يؤمنون الأدوية لكافة المدنين في سوريا، ويصدرون كمية أخرى منها، لكن هناك دائماً من يبحث عن عرقلة عجلة الانتاج، سواء من قبل اللصوص، الذين يعترضون طريق الشحنات الدوائية، ويصادرون جزءا منها، فضلاً عن مزاجية النظام، في السماح للمواد الأولية بالخروج إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة.
مسؤول محلي في المعارضة: منحنا
ضمانات لأصحاب المعامل ولاحقنا اللصوص
وحول الآلية التي اعتمدتها المعارضة في إعادة المنشآت الصناعية للعمل.
قال رئيـــس المكتب الاقتصادي في حركة «نور الدين الزنكي» المنضــــوية تحـــت راية الجبـــهة الشامية «محمود الحسن» ان المكتب في البداية تواصـــل مع أصحاب المعامل من أجـــل إعادة الحياة إليها، حيث تم منحهم ضمانات، بعدم التعـــرض لهم من قبل المقاتلين، وحصر العمل داخل المصانع، بالإضافة إلى الأعمال المدنية الخاضعة لسلطة وسيطرة أصحاب المعامل، فضلاً عن كونهم أصحاب القرار في عملية الإنتاج وتأمين المواد الأولية لها.
أكد «الحسن» أن أصحـــاب عدد من المنشآت الصناعية قد تعرضوا للابتزاز من قبل بعـــض اللصوص وقطاع الطرق، لكن حـــركة «نور الدين الزنكي» وبالتعاون مع القوى الفاعلـــة على الأرض تمكـــنت من القـضـــاء عليهم.
وفيما يتعلق بأبــــرز الصـــعوبات التي تواجــــه أصحـــاب تلك المنشآت، أوضح أن القصـــف المتـــكرر، فضلاً عن غياب الكهرباء، بالإضـــافة للمواد الأساسية، هي أهـــم ما يعـــيق عمــــل المنشآت، وأشـــار إلـــى تقــــديم المعارضة لمساعدات لوجستية لأصحاب المعـــامل، من خـــلال المساهـــمــــة في تأمــــين مــــادة المازوت، بالإضافة للحمـــاية للمنتجـــات الخارجــــة من المصانـــع على الطرقات، نافياً في الوقت ذاته وجود أي ضرائب يفرضها المكتب على أصحاب تلك المنشآت.
15 ألف عامل في مصانع
الريف الغربي من حلب
قدر «الحسن» عدد العاملين في المنشآت الصناعية في ريف حلب الغربي، بحوالي 15 ألف عامل، فضلاً عن إعادة الحياة إلى ما يقارب 100 معمل من أصل 200، مقدراً الطاقة الإنتاجية بنحو 50٪ بسبب الظروف غير المستقرة التي تعاني منها تلك المنشآت.
كانت وزارة الصـــناعة الســـورية أعلنت منتصـــف العــــام الماضـــي أن حجم الأضرار في القطاع الصناعي بلغ 212.77 مليار ليــــرة سورية، في حين ذكــــرت منظمة الصحة العالمية أكــــثر من 90٪ من مصـــانع الأدوية الســـورية قد تضـــررت بدرجة كبيــــرة، وإن عدداً كبيراً من هذه المصــــانع أغلـــق نتيجة لأحداث العنف، وارتفاع تكلفة الوقود، مما أســـفر عن نقــص حاد في الدواء.
منار عبدالرزاق = «القدس العربي»