إعلان الجيش العربي الأردني لأول مرة عن تطبيق قواعد الإشتباك بالنار وتدمير سيارة شحن صغيرة داخل الأرض السورية يفيد مجدداً في تذكير الرأي العام ومن بعده المجتمع الدولي بجدية قرار السلطات إغلاق الحدود وإعتبارها عسكرية مغلقة ووقف استقبال اللاجئين أو إغاثتهم بدون تنسيق مشترك.
وفقاً للتصريح العسكري الأخير ظهر الأحد حاولت سيارة لاند كروزر الإقتراب من الساتر الترابي الأردني فتحركت دورية الرد السريع لحرس الحدود وطاردتها وأعطبتها داخل الأرض السورية فهرب من فيها وتبين ان السيارة مليئة بالمخدرات. وهذا تماماً ما قال الأردن رسمياً انه سيفعله مع الأفراد والآليات إذا ما حاولت الإقتراب وبدون تنسيق مسبق.
في الماضي وقبل الإعتداء الإرهابي في منطقة الركبان الحدودية كانت السيارات الآتية يتم إنذارها قبل ضربها بالنار لكن ما حصل في عملية الركبان بدل في قواعد الإشتباك حيث تم إطلاق النار وفوراً وإعتبار اي هدف بشري او آلي متحرك نحو الحدود العسكرية المغلقة «عدواً» يقصف فوراً وبدون إنذار.
الجديد في المسألة عندما يتعلق بالإفصاحات العسكرية للرأي العام هو أن دورية الرد الأردنية توجهت نحو السيارة التي كانت تحاول الإقتراب من الحدود وضربتها بالنار داخل الأراضي السورية وطاردتها. ومعنى الكلام عسكرياً ان الأهداف المشتبه بها ستضرب داخل الأرض السورية وليس عندما تصل إلى الأرض الأردنية.
الرسالة تقول بوضوح بأن الجيش الأردني سيتعامل وكما سبق ان قال البيان العسكري بصرامة وفعالية مع اي محاولات إقتراب بعد الاختراق الذي حصل خلف مخيم الركبان حيث تمكنت سيارة مخادعة من مغادرة مخيم الركبان للاجئين والتحرك نحو الحراسات الأردنية المتقدمة والإنفجار فسقط سبعة شهداء اغلبهم من طاقم الخدمات اللوجستية الذي يساعد في تأمين سكان مخيم عشوائي في المنطقة.
الخبراء في بواطن الأمور يتوقعون أن تكون السيارة المفخخة التي تمكنت من الإقتراب والإنفجار في عملية إرهابية «مؤذية» تمكنت من التسلل من بين المؤشرات الأمنية اللوجستية مما دفع الجيش لإعتبار المنطقة برمتها معسكراً مغلقاً تحت لافتة ممنوع الإقتراب والجديد تماما تحت لافتة الضرب بالنار ثم المطاردة داخل الأرض السورية حيث لا توجد حدود بالمعنى الرسمي والشرعي ولا يوجد جيش لدولة أخرى في الطرف الأخر.
استراتيجية الأردن تحولت على الحدود بعد عملية الركبان من مقولة الحرص على بقاء المشكلة السورية داخل اراضيها كما قال مرات عدة لـ»القدس العربي» الناطق الرسمي الدكتور محمد مومني إلى الإشتباك عملياً مع الأهداف الشريرة لو تطلب الأمر حتى داخل الأراضي السورية.
في كل الأحوال سيسهر الأردنيون ليلهم الطويل على الحدود بسبب الأحداث في سوريا وفقاً لمقولة شهيرة سمعتها «القدس العربي» من وزير الداخلية والبرلماني المخضرم سابقاً سعد هايل السرور. الجانب المعلوماتي في تنفيذ عملية الركبان الإرهابية وتمكنها من الإختراق في نقطة عسكرية تحرس عملياً معسكراً أضخم خلف الحدود الأردنية هو الذي دفع الأردن لتغيير بروتوكولهم في قواعد الإشتباك.
الأردن على هذا الأساس يجازف حتى بالترتيبات الدولية التي لا توفر الغطاء الأمني والمالي اللازم لحماية الأرض الأردنية خلال التعاطي مع أزمة اللجوء السوري الإنساني المعقدة وقد إعتبر العاهل الملك عبدالله الثاني شخصياً ان أولويته أمن التراب الأردني في إتصال هاتفي مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.
النقطة التي يستخدمها الأردن بكثافة جدلية في الحوار مع المجتمع الدولي هي تحذيراته السابقة من «اختلاط» اللاجئين بالإرهابيين واحتمالية اختلاط الإرهابيين بصفوف اللاجئين وهو ما حصل فعلاً مع سيارة اعتداء الركبان التي تحركت اصلاً بإتجاه الحدود الأردنية من المخيم المجاور وباعتبارها سيارة معتمدة لنقل مستلزمات اللاجئين.
الأسوأ في سيناريو العقل السياسي الأردني هو ان هجوم الركبان الإرهابي جاء بعد اقل من ثلاثة اسابيع على هجوم إرهابي آخر عرف باعتداء مخيم البقعة وإنتهى بإستشهاد خمسة من عناصر المخابرات على يد ما يعتقد انه «ذئب منفرد» يتبع تنظيم «الدولة».
العمليتان..الركبان والبقعة وضعتا التحديات الأمنية الأردنية في واجهة وصدارة اهتمام وسائل الإعلام والبحث في العالم حيث إستثمرت فيهما للمشاغبة والمناكفة الصحافة الإسرائيلية وبطريقة لا تخلو من الخبث.
وأصدر بخصوصهما معهد واشنطن تقريراً صنف فوراً بإعتباره سلبيا ًوسيئاً ويغالط الوقائع قبل ان تختطف الإضطرابات في بلدة ذيبان أضواء الإعلام ايضاً على الصعيد الداخلي.
بسام البدارين
القدس العربي