خرجت الجهات الأمنية وكذلك الوسائل الإعلامية الرسمية والموالية للنظام السوري عن صمتها الذي امتد لأكثر من خمسة أعوام متتالية حيال ملف أعمال الاختطاف الذي ينتشر في العاصمة السورية دمشق بشكل كبير والذي ازداد خلال العامين الأخيرين بشكل ملحوظ، معتبرةً اختطاف الفتيات من قبل مجموعات مسلحة سقوطاً أخلاقياً من الفتيات أنفسهن، وسوء تربية ونتيجة بطش من ذويهن، مبرئة ساحة الخاطفين أنفسهم وتخلي مسؤوليتها حيال الفلتان الأمني في العاصمة.
رواية الإعلام الرسمي والموالي للنظام تقول: معظم حوادث الاختطاف التي طالت فتيات في دمشق، كانت تتم بعد عقد صفقات واتفاقيات بين الخاطفين والفتيات، ومن ثم تقوم عائلة الفتاة بالتذرع والادعاء أمام الناس بأن ابنتهم مختطفة، وكذلك نشر أخبار بأن الجهات الخاطفة تطلب مبالغ مالية كفدية، في إشارة من قبل الإعلام الموالي إلى أن ذوي المختطفات يتسولون على اسم ابنتهم التي اختطفها مسلحون بعد عقد صفقة معها، بحسب الإعلام السوري الرسمي.
كما أن الإعلام الرسمي والموالي لنظام دمشق عزز وجهة نظره والأفكار التي تعمد ترويجها عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول تورط الفتيات الدمشقيات بأعمال الاختطاف، واتهامهن بالسقوط الأخلاقي من خلال ما قال إنها تحريات وجمع معلومات وشهادات قام بها فرع الأمن الجنائي في العاصمة.
وأضاف إعلام النظام معززاً الاتهامات للفتيات المختطفات بأن معظم حالات اختفاء الفتيات في ضواحي دمشق والتي يدعي أهاليهم خطفهن هي حالات تكون فيها «الفتاة إما غادرت منزل ذويها برغبتها وبالاتفاق مع شخص آخر أو غادرت نتيجة ضغوط مورست عليها من قبل ذويها، فيتم اختلاق قصة الخطف من قبلها بقصد الحصول على أموال من ذويها لتغطية تكاليف معيشتها».
الناشطة الإعلامية والحقوقية المعارضة توليب عبد العزيز نفت بدورها رواية النظام السوري بشقيه الجنائي والإعلامي، مؤكدة على أن ما يجري في دمشق هو اختطاف بقوة السلاح والتهديد بالقتل بفصوله كافة، وإن الخاطفون هم من الجماعات المسلحة التي أنشأها الأسد ودعمها، والاختطاف بات وسيلة تجارية يمتهنها الخاطفون للحصول على مبالغ مالية من عائلة الفتيات المختطفات.
ورأت أن «الذرائع والحجج التي روجت لها الأفرع الأمنية لدى نظام الأسد عقب إعلامه الرسمي والموالي ما هي إلا لإبعاد التهم عن الجناة الخاطفين وعدم فتح هذا الباب الأمني بسبب تورط أبناء عدد من المسؤولين الأمنيين والعسكريين فيه، وكذلك هي رسالة يرددها الإعلام الموالي بأن المجتمع السوري ليس مجتمعاً محافظاً بل هو مجتمع ساقط أخلاقياً وشاذ»، مقابل تحسين صورة الأسد ونظامه.
وقالت عبد العزيز لـ «القدس العربي» خلال اتصال خاص معها: الفتيات المستهدفات بدمشق من قبل الميليشيات وخاصة «الدفاع الوطني» مستويات عدة، أولها «اختطاف بنات التجار الدمشقيين أصحاب رؤوس الأموال الوسطية وما دون، والهدف دوماً الحصول على فدية مالية منهم، وكذلك الحصول على تنازلات سياسية لصالح النظام السوري».
والمستوى الثاني بحسب الناشطة، هو الاختطاف المذهبي، وهو ما تقوم به جماعات مسلحة تابعة لشبيحة النظام السوري في دمشق، من تعمد اختطاف الفتيات الجامعيات وغيرهم من الشرائح الاجتماعية «السُنية»، بهدف إيذائهن والانتقام من أبناء الريف الدمشقي الذين وقفوا بوجه الأسد مطالبين بنظام حكمه.
أما المستوى الثالث، وهو الفلتان الأمني وانتشار السلاح في دمشق بشكل فوضوي من قبل ميليشيات وقوات عسكرية متنوعة، فكان الاختطاف كسرقة السيارات والمنازل، انتهاكات تخلفها فوضى السلاح، وغالباً تكون حالات الاختطاف هنا بقصد الحصول على مكاسب جنسية غير شرعية تحت التهديد بالقتل.
القدس العربي