أدانت الأمم المتحدة غارات جوية على خمسة مستشفيات ومخزنين للمساعدات الإنسانية في إدلب في سوريا هذا الأسبوع ودعت لتطبيق نظام يسمح للأطراف المتحاربة بحماية المدنيين والمنشآت الطبية قرب الجماعات «الإرهابية».
وقال يان إيغلاند مستشار الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في سوريا إنه ليس واضحاً من نفذ هذه الهجمات لكنه أضاف أن الهجمات جزء من نهج متصاعد لمهاجمة «شرايين الحياة الإنسانية» بما في ذلك المستشفيات وسيارات الإسعاف والعاملون في المجال الطبي. وقال للصحافيين «نحتاج بشكل عاجل لنظام إخطار عملي ومحترم لهذه المنشآت المحمية تحترمه الأطراف المسلحة» رغم أنه أقر بأن بعض وكالات الإغاثة تعزف عن تقديم إحداثيات مواقعها للأطراف المتحاربة.
وقال مارك لوكوك، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة، إن سوريا مازالت تواجه تحديات صعبة وعميقة، وإن الشعب السوري مازال عالقاً في دائرة عنف مغلقة يجب كسرها.
وأضاف في جلسة مجلس الأمن الدولي التي عقدت عصر الأربعاء بتوقيت نيويورك، أنه فيما يتم إحراز تقدم على مستوى مناطق خفض التوتر منذ اتفاق الرابع من أيار/ مايو الماضي، هناك تقارير مقلقة حول الهجمات الجوية الأخيرة على إدلب وحماة التي أسفرت عن أعداد كبيرة من القتلى والجرحى وتدمير في البنية التحتية: «أشارت التقارير إلى أن غارة جوية وقعت بالأمس في منطقة وادي الزيب في ريف حماة، قد تسببت في مقتل حوالي ثمانين شخصاً كانوا يفرون من داعش. أنا قلق بشكل خاص حيال تقارير تفيد بضرب الغارات الجوية للمدارس والمستشفيات في إدلب. لقد أخبرنا شركاؤنا أن ثلاثة مستشفيات في كفرنبّل وخان شيخون وحيش، توقفت عن العمل تماماً مما ترك أكثر من نصف مليون نسمة بدون رعاية صحية».
مارك لوكوك الذي يتحدث لأول مرة أمام مجلس الأمن الدولي بصفته وكيل الأمين العام للإغاثة الطارئة، أشار إلى المعارك الجارية في الرقة ودير الزور ضد داعش، قائلاً إنها أدت إلى رفع مستوى العنف. وأوضح أنه مع تغير خطوط التماس، فإن إمكانيات الوصول الإنساني إلى المحتاجين تتغير: «بعد استعراض شامل من قبل الأمم المتحدة، فإن دير الزور وثلاثة وتسعين ألفاً وخمسمئة شخص يعيشون في المدينة، أزيلوا من قائمة المحاصرين. أربعمئة وتسعة عشر ألفاً وتسعمئة وعشرون شخصاً، معظمهم من الأطفال وفقا لليونيسف، مازالوا محاصرين في عشرة مواقع عبر سوريا. من بين هؤلاء، خمسة وتسعون في المئة محاصرون من قبل الحكومة السورية. واثنان في المئة (في الفوعة وكفريا) محاصرون من قبل جماعات مسلحة من غير الدول. وثلاثة في المئة في اليرموك، محاصرون من قبل الحكومة السورية والجماعات المسلحة من غير الدول على حد سواء. وفيما ينخفض عددهم، إلا أن محنة المحاصرين مازالت قاسية. ينبغي رفع الحصار عن هذه المناطق».
وتطرق مارك لوكوك إلى العوائق البيروقراطية من كل الأطراف، داعيا إلى إزالتها للتمكن من الوصول إلى جميع المحتاجين. وقال إن الوضع مازال خطيراً بالنسبة لعمال الإغاثة في سوريا الذين يواجهون مخاطر العنف كل يوم، مشيراً إلى أن العشرات منهم لقوا حتفهم منذ بدء الصراع.
هذا وأشار وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية إلى أن خطة الاستجابة الأممية لعام 2017 مازالت تعاني من نقص كبير في التمويل، داعياً إلى تجديد الدعم الدولي والوفاء بالتعهدات.
ورحب ستافان دي ميستورا، المبعوث الخاص للأمين العام لسوريا، في مداخلته أمام مجلس الأمن بإنشاء أربع مناطق للتخفيف من حدة التصعيد الناجمة عن اجتماعات عمان واستانا جنباً إلى جنب مع مناطق نزع السلاح التي توسط فيها الاتحاد الروسي، ووصفها بأنها خطوة مهمة في الجهود المبذولة لكبح العنف. وقال إن تنظيم «الدولة (داعش) يتعرض للضرب بينما تتقدم قوات الحكومة السورية في ريف حماة وحمص الشرقي». وفي الوقت نفسه، حققت قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي مزيداً من التقدم ضد تنظيم داعش»، حيث سيطر على معظم مدينة الرقة».
وقال المبعوث الخاص للامم المتحدة إنه فى الوقت الذى تحقق فيه بعض التقدم فان الوضع فى سوريا ما زال هشاً ويتعرض بشدة للتراجع، وحث الجانبين على تقييم الوضع بشكل واقعي ومسؤول والعودة إلى محادثات جنيف، الذي ينوي عقدها في تشرين الأول/أكتوبر المقبل.
وأعرب دي ميستورا عن قلقه إزاء الهجوم الذي شنته جبهة النصرة في مقاطعتي إدلب وحماة، مشيراً إلى أنه منذ أول نيسان/أبريل، قصفت الغارات الجوية بعض المدنيين والهياكل الأساسية المدنية. واضاف «لذلك فان الوضع بعيد عن الكمال او المثالي».
وقال إنه يتعين القيام بالمزيد لحماية المدنيين وضمان بقاء سوريا موحدة. وأضاف أن من واجب الحكومة أن تشارك حقا في المفاوضات مع المعارضة. «والآن، بعد أن بدأت هزيمة الإرهاب في سوريا، الوقت قد حان لعملية حقيقية وشاملة. يجب حث الحكومة على أن تظهر بالقول والعمل على أنها تريد حقاً إجراء مفاوضات. يجب أن تركز المناقشات على تشكيل حكم شامل، ووضع جدول زمني لدستور جديد، وإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة». وأضاف المبعوث الخاص أن على المعارضة إعطاء إشارة واضخة أنها تريد التحدث بصوت واحد في مفاوضات حقيقية مع الحكومة، مضيفاً: «لا أحد يطلب من المعارضة التوقف عن كونها معارضة، ولكننا نحث المعارضة أن تدرك أنها ستكون أكثر مصداقية وفعالية عندما تقف معا، وتظهر استعدادا للأخذ والعطاء».
«على الرغم من أن هناك بعض التخفيف من حدة العنف في سوريا، فهذا ليس الوقت المناسب للإرتياح»، قالت السفيرة الأمريكية نيكي هيلي في جلسة مجلس الأمن المخصصة لسوريا. «إن العمل السياسي يجب أن يسير بالتوازي مع جهودنا الرامية إلى تخفيف حدة التصعيد، وبدون حل سياسي سيستأنف العنف وأي مكاسب ضد داعش ستكون مؤقتة فقط . أي اتفاقات على الورق في أستانا لن تنجح وسيظل الشعب السوري ضعيفاً ويتناقض مع بعضه البعض بدون عملية سياسية يستطيع فيها النظام والمعارضة أن يشاركا بحسن نية ولكن النظام السوري يرفض أن يأتي إلى طاولة المفاوضات بحسن نية».
والولايات المتحدة ملتزمة بإيجاد حل في سوريا وقالت هيلي «وعلينا أن نزيد من إيصال المساعدات الإنسانية إلى المجتمعات المحاصرة للمعاناة. وعلينا أن نحمل النظام مسؤولية منع وصول المساعدات لكن الحل الدائم الوحيد في سوريا والسبيل الوحيد لإنهاء العنف وهزيمة الإرهاب هو من خلال انتقال سياسي، لا يسمح للنفوذ الإيراني بأن يحل محل داعش أو الأسد في السلطة. وإذا استمرت الحرب الأهلية، سيعاني المزيد من الناس ومكاسبنا ضد داعش لن تفتح الباب أمام المتطرفين الآخرين الذين يسعون لاستغلال الصراع . نقدم لكل الذين إستجابوا لنداء المأساة الإنسانية في سوريا شكرنا واحترامنا ولكن يجب ألا ننسى – ولن ننسى – ما هو مطلوب لحل هذه الأزمة حقا: عملية سياسية حقيقية يمكن من خلالها للشعب السوري أن يكسب قدرته على ضمان سلامته وتحديد مستقبله».
القدس العربي