التقارير الأولية التي التقطت في منظومة الاقمار الصناعية الأمريكية شخصت أربعة سقوطات لصواريخ إيرانية في الصحراء العراقية وسقوطين في منطقة دير الزور في سوريا. إذا ما تأكدت بالفعل صور القمر الصناعي، فإن الصلية الاولى للصواريخ الباليستية الإيرانية، التي اطلقت نحو اهداف خارج إيران، لاول مرة منذ ثلاثين سنة، كانت فضلا عملياتيا. فقد فشلت الصناعات الجوية الإيرانية فشلا ذريعا.
اطلقت ستة صواريخ، ولكن اثنين منها فقط وصلا إلى الهدف ـ وليس واضحا بعد ما هو مستوى دقة الاصابة وما هو مدى الضرر الذي لحق بذاك الهدف من داعش. الشريط الذي عرضه الإيرانيون يتناول انفجارا واحدا، أصاب مبنى.
ان القوة الاستراتيجية الإيرانية ليست نمرا من ورق، ولكنها بعيدة عن أن تشكل ذاك التهديد الخيالي الذي حاول أن يرسمه قادة الجيش الإسرائيلي في بداية العقد كي يمنعوا القيادة السياسية من مهاجمة القدرات النووية الإيرانية. فتكنولوجيا الصواريخ الإيرانية متخلفة عن تلك المعروفة اليوم في الدول المتطورة ومعقول جدا الافتراض أنهم في الصناعة العسكرية الإيرانية يفحصون الان ماهية الخلل: هل هذه مشكلة تطوير ام مشكلة انتاج. وبالاجمال يدور الحديث عن صواريخ أرض ـ أرض جديد ظهر لأول مرة في المسيرة السنوية في طهران في ايلول/سبتمبر 2016.
إن أثر اصابة طائرات هو أثر كبير، دقيق ومثير للانطباع أكثر بكثير- ولكن الإيرانيين حبذوا استخدام صواريخ ارض ـ ارض، وذلك لان كل محاولة من جانبهم لادخال طائرات إلى الساحة السورية كانت ستنتهي باسقاطها من التحالف الأمريكي او من الروس. وهنا تنكشف نقطة الضغط الإيرانية: اسطول الطائرات الحربية لديهم قديم. كما استغرق الإيرانيين وقت طويل للرد على عملية داعش في البرلمان في طهران، ومعقول الافتراض بأن سبب ذلك يعود إلى قدرة جمع المعلومات الاستخبارية وعملية اتخاذ القرارات في القيادة الإيرانية.
ومع ذلك، فإن صلية من ستة صواريخ تفيد بأن للجيش الإيراني، توجد وحدات نار بحجم كتائب تستخدم هذا الطراز. وعملية داعش في طهران وفرت للإيرانيين مبررا لان ينفذوا لاول مرة نارا عملياتية لهذا الصاروخ في ظروف حقيقية مثل الشكل الذي تستخدم فيها سوريا كميدان تجارب لوسائل قتالية حديثة بالنسبة للروس ايضا.
اذا كان ثمة اشارة عسكرية ـ سياسية في اطلاق هذه الصواريخ، فإنه موجه اكثر نحو دول الخليج والسعودية.
فصواريخ ذو الفقار الذي استخدمها الإيرانيون تغطي هذه الدول، ويشير الإيرانيون إلى أن الحاجز الذي منعهم حتى اليوم من اطلاق الصواريخ خارج الاراضي الإيرانية قد تحطم. إذا عرضت دول الخليج والسعودية المصلحة القومية الإيرانية للخطر ـ فسيصبحون هدفا.
ينتمي صاروخ ذو الفقار إلى اسرة قديمة من الصواريخ التي توجد في المنطقة منذ سنوات عديدة، بما في ذلك ثلاثة انواع «فاتح 110» لمسافة نحو 350 كيلو متر، و «فاتح 313» لمسافة 500 كيلو متر. وحسب مصادر أجنبية، يحتمل أن تكون صواريخ من هذه الانواع وصلت مع مدى السنين إلى لبنان ايضا.
وصاروخ ذو الفقار لن يشكل تهديدا على إسرائيل الا إذا نصب على الاراضي اللبنانية، غير أن ليس للإيرانيين اي سبب يدعوهم لأن يحاولوا تهريب صواريخ من هذا الطراز إلى لبنان، في ظل المخاطرة بتدميرها على الطريق في الوقت الذي توجد فيه على الاراضي اللبنانية صواريخ لمسافة ناجعة تغطي معظم اراضي إسرائيل. فما بالك أن صواريخ الفاتح، ومثلها صواريخ «زلزال 3» بعيدة المدى التي توجد في لبنان، يمكن تحسينها وزيادة دقتها.
الجانب الاخر من هذا هو ما نشر في «وول ستريت جورنال» عن المساعدة العسكرية والمالية المحدودة التي تقدمها إسرائيل في السنوات الثلاثة الاخيرة للثوار في هضبة الجولان السورية. ومثلما يبذل الإيرانيون جهودا لزيادة نفوذهم في سوريا والوقف في الجبهة امام إسرائيل ليس فقط في لبنان بل وفي الجولان ايضا، تبذل إسرائيل كل ما في وسعها ـ سواء بوسائل سياسية أم بوسائل عسكرية ـ كي تفشل هذا الميل.
لا يمكن استبعاد امكانية أن تكون العلاقة المنسوبة لإسرائيل مع سكان الجولان الثوار ضد الاسد هي احدى الوسائل التي تستهدف عرقلة الإيرانيين وحزب الله من تثبيت قوتهم على الحدود الشمالية. فالثوار ليسوا سندا مستقرا لزمن طويل من أجل منع التسلل الإيراني إلى حدود الجولان. ولهذا فإن المساعدة ـ فضلا عن المساعدة الانسانية ـ محدودة. كما أن التجربة التي راكمتها إسرائيل في جنوب لبنان مع جيش لبنان الجنوبي تذكر وزراء الدفاع بوجوب الحذر من التعلق والعناق مع حلفائنا الجدد ـ فقصص الغرام هذه تنتهي بالاجمال بالفشل.
المصدر : القدس العربي