اعتادت “أم أمجد” المهجرة من حيّ الوعر في حمص كل صباح إعادة ترتيب حسابات المصروف اليومي، محاولة منها لتوفير مبلغ يعتبر الأكبر من بين المصروف الشهري، كـ (حليب الطفل الصغير وثمن الاشتراك بالأمبيرات الكهربائية، عداك عن مصروف الطعام المحير يومياً وسط تفاوت بأسعار السلع الموسمية) لتسديد آجار غرفتين صغيرتين كانت قد حصلت عليهما بعد عناء من أحد مكاتب العقارات في مدينة إدلب وبمبلغ 15 عشر ألف شهرياً.
تتراوح أجرة المنزل في إدلب بين 10 آلاف إلى 30 ألف ليرة سورية شهريًا، وتُحدّد بالاتفاق بين المالك والمستأجر، بحسب صاحب مكتب للعقارات الملقب “أبو محمد”، ويوضح للمركز الصحفي السوري أن هناك عدة مقاييس لتقييم المنزل، ابتداءً من مساحته وجودة إكسائه نهاية ببساطة الفرش داخله أو فخامته.
لكن أمورًا مستجدة في الإيجارات لم تكن موجودة في السابق، وانعكست عقب هدنة “تخفيض التصعيد” في المدينة، فالشقق العالية امتازت بأسعارها المرتفعة قياسًا على الشقق الأرضية سابقًا، بعد أن كانت الشقق الأرضية مرغوبة، خوفاً من تكثيف الطيران والغارات الجوية المحتملة في أي وقت وخاصة ليلاً.
أما الجديد الطارئ في مدينة احتضانها العديد من النازحين المهجرين قسراً من (ريف دمشق وتدمر وحلب وحمص) وصولاً للقادمين الجدد من أهالي الرقة هرباً من معركة تحرير المدينة.
ويؤخذ بعين الاعتبار وجود “أمبيرات” الكهرباء ووصول المياه الرئيسية إلى المنزل، وكلما كان على أطراف المدينة ارتفعت أجرته بعكس ما كان سابقًا، ويضيف السمسار “أبو محمد” رغم كل هذه الميزات والشروط، يبقى تحديد أجرة المنزل مرهونًا بالوضع الآني، فعند تدفق النازحين ترتفع الأسعار، عداك عن عودة بعض العائلات النازحة من المدينة إليها.
“أبو مصطفى” من أهالي المدينة، يملك منزلين فيها، يقول إن هناك فئتين للمستأجرين في إدلب النازحون ويشكلون النسبة الأكبر ممن يقصدها، ومن تبقى هم أشخاص من المدينة يستغلون فرصة الهدنة ويسارعون لإنشاء “عش الزوجية” عداك عن العائلات المتضررة منازلها جراء القصف الهمجي والتي تجد في دفع نفقات إعادة الاعمار وتصليح المنزل نفقات مادية مرهقة فوق مصابها.
يؤوي “أبي عبدلله” عائلة نازحة في منزل يملكه في المدينة، قادمة من حلب وعند فراغه يحرص على أن يكون سكانه الجدد أيضاَ نازحين رافضاً أن يتقاضى أي أجر لقاء ذلك على حدّ قوله، داعيًا أهالي إدلب لاستقبال النازحين دون مقابل..
ويقول “يكفي أنهم تركوا خلفهم كل ما يملكون ويصارعون حياة تشتعل غلاءً مع ارتفاع عملة الدولار.
يكشف لنا جار “أبي عبدلله” في حديثه معنا قائلاً “هناك تجار للبيوت لا يخشون الله ويستغلون حاجة النازحين الماسة مع ندرة تواجد بيوت للآجار، ناسين أنه لربما اضطررنا للنزوح نحن أيضاً”.
تضم مدينة إدلب مئات آلاف المدنيين، من سكان أصليين ووافدين، أمثال “أم أمجد” دون وجود إحصائية دقيقة لعدد السكان الإجمالي، ويعتبر المبلغ الذي تدفعه كآجار شهري متوسطاً وفقاَ لشهادات ممن لهن الخبرة في مجال “العقارات” لكن يبقى صعوبة تأمينه هاجساً مع قلة الدخل الوارد لأسرتها .
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد