المركز الصحفي السوري
علي الحاج أحمد 9/1/2015
إن حظوظ السوريين تتساوى بين الموت في البحر أو الموت بالسلاح الكيماوي، أو الموت بحمم القذائف والصواريخ والبراميل المتفجرة التي تنهال على السوريين، وتفضيل أي من الطرق للموت تختلف من شخص إلى آخر، لاشك أنّها رفاهية جديدة للسوريين، فهم أخيراً يملكون حق اختيار الطريقة التي يموتون بها.
يسعى بعض السوريون إلى الهجرة هرباً من أسلحة الدمار والفتك الكيميائي ومعتقلات التعذيب وسجون المخابرات ومن بطش النظام، ويحاولون الوصول إلى الدول الأوروبية عبر البحر، لكن “قوارب الصيد” التي يفترض ان تكون المنقذ من “الجحيم” تتحول الى “قوارب موت” يدفعون ثمنها حياتهم بعد دفع اموال مرتفعة يتدبرونها بصعوبة للعصابات التي تغريهم بنقلهم نحو الأمان والاستقرار.
وتشكل السويد وألمانيا الوجهتين الأوليين للاجئين السوريين لما تتمتعان به من سمعة جيدة كبلد استقبال للاجئين، ومع فرض قيود صارمة على منح تأشيرات سفر للسوريين إلى الاتحاد الأوروبي، يلجأ السوريون للمهربين الذين بدورهم يستغلون أوضاع السوريين الإنسانية للحصول على منافع مالية ضخمة، ويسعى معظم طالبي اللجوء السوريين للوصول إلى السويد لما تقدمه من منافع وتسهيلات، فالسويد هي أول دولة في الاتحاد الأوروبي تمنح الإقامة الدائمة للاجئين السوريين، أما ألمانيا فالكثيرون يرغبون بالسفر اليها لانها تقبل الطلبات.
وتبين الإحصاءات الصادرة عن مجلس الهجرة السويدي أن عدد طالبي اللجوء ازداد بنسبة 15% خلال الأشهر الستة الأولى من العام الماضي مقارنة مع نفس الفترة من عام 2013 والغالبية العظمى من طالبي اللجوء لا تزال تأتي من سوريا، وحسب إحصائيات المجلس وصل حوالي سبعة آلاف لاجئ سوري إلى السويد خلال العام الماضي حتى نهاية شهر آب أغسطس.
وكان رئيس المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة “انطونيو غوتيريس” اعلن اخيراً ان (17 دولة وافقت على فتح أبوابها أمام اللاجئين السوريين الراغبين في الهجرة)، مشيراً الى ان هذه البلدان يمكن أن تستقبل اكثر من عشرة آلاف لاجئ، يرغبون في مستقبل افضل، وورد اسم المكسيك بينها للمرة الأولى في حين أن الدول الاخرى هي: استراليا والنمسا وكندا وفنلندا وألمانيا والمجر ولوكسمبورغ وهولندا ونيوزيلندا والنروج واسبانيا والسويد وسويسرا والدنمارك وفرنسا والولايات المتحدة.
وتشير الارقام الى أن عدد النازحين السوريين داخل بلدهم وصل إلى 4.25 مليون نازح، في حين أن اللاجئين الذين تركوا سورية وصل عددهم إلى مليونين و120 ألف لاجئ.
وآخر فصول العذاب والمعاناة والمآسي التي تلاحق اللاجئين السوريين هي وقوعهم بايدي سماسرة “موت جدد” يركبونهم البحار بطريقة غير شرعية للوصول الى بلدان اوروبية غالبا ما تنهي الرحلة في بدايتها بغرق المراكب المهترئة ونهاية حياة راكبيها.
إنهم تجار انتزعت الرحمة من قلوبهم، يتجارون بأبناء جلدتهم من اجل الكسب والمال بعيدا عن أدنى درجات الإنسانية، والضحايا في ازدياد، والهاربون من الفقر والحرب يقعون في حبال هذه العصابات المنتشرة، فإما يقضون نحبهم في البحر غرقاً وتلفظ الامواج جثثهم إلى الشواطئ، أو تبتلعهم حيتان المياه الزرقاء.
“مهند” أحد الناجين من الغرق حيث قال: لقد بعت كل ما أملك حتى إستطعت تأمين 10 آلاف دولار لأحد المهربين لكي يخرجني أنا وزوجتي وطفلين إثنين، من الجحيم الذي نعيش فيه بريف حماة الشمالي، كانت رحلتنا الأولى إلى لبنان عن طريق البر، وهناك إلتقيت مع أحد المهربين ودفعت له المبلغ، وقد تفاجئت عندما أركبنا بقارب صيد لايتسع لأكثر من 20 شخص ليضع فيه 52 شخص، لقد كانت وجهتنا إلى إطاليا، وعندما إقتربنا من السواحل الإيطالية، أقدم طاقم قيادة السفينة على إعطابها لتكون قريبة من الغرق أو تبدأ به قبل الوصل إلى المياه الإيطالية لتستنجد بخفر السواحل والذي ليس بإمكانهم إنقاذ كل المسافرين، فقد تمَّ إنقاذ 39 شخص وغرق 53 شخص. وقد غرق طفلي وعمره ثلاث سنوت من بينهم.
وبحسب التقارير الواردة فإن ما لا يقل عن 3419 مهاجراً غير شرعي قضوا في عرض البحر الأبيض المتوسط في 2014، فيما حاول 207 آلاف مهاجر عبور المتوسط خلال العام الفائت وهو عدد فاق بنحو ثلاثة أضعاف الرقم القياسي السابق الذي سُجل عام 2011 حين فر 70 ألف مهاجر من بلادهم في خضم الربيع العربي.