تتفاقم أزمة آلاف السوريين، وغالبيتهم من النساء والأطفال، الهاربين من القصف الروسي وهجمات نظام الأسد مع تدهور حالة الطقس وانتظارهم في العراء.
وتحت وطأة المعارك في ريف حلب الشمالي (شمال) إثر هجوم عنيف للجيش السوري، الاثنين الماضي، فرّ الآلاف من بلداتهم وقراهم باتجاه الحدود التركية.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، إن “الأوضاع التي يواجهها النازحون كارثية”، مضيفاً: “تنام عائلات بالكامل منذ أيام عدة في البرد في الحقول أو الخيم، وليس هناك أي منظمة دولية لمساعدتهم، بل يساعدون بعضهم بعضاً”.
يبيتون في العراء
ونشر ناشطون سوريون أشرطة فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر النازحين في الحقول المحيطة بمدينة أعزاز التي تبعد 5 كيلومترات عن الحدود التركية.
وقال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بافل كشيشيك، لوكالة الصحافة الفرنسية: “نخطط لرد إنساني في شمال حلب مع الهلال الأحمر السوري، إلا أن هناك صعوبة للوصول الى هناك”.
وبحسب المرصد السوري، فرّ منذ الاثنين الماضي 40 ألف مدني من 6 بلدات وقرى استعادتها قوات النظام خلال هجومها على شمال حلب.
كذلك، أوضح عبدالرحمن أن “آخرين فرّوا من بلدات واقعة تحت سيطرة الفصائل المقاتلة بسبب الضربات الجوية الروسية المكثفة”.
ووفق الأمم المتحدة فإن 20 ألف شخص ينتظرون عند معبر باب السلامة السوري المغلق في وجههم.
وقال مأمون الخطيب، مدير وكالة شهبا برس في حلب: “نصبت نحو 500 خيمة على الجانب السوري، ورغم ذلك فإن أعداد الأسر التي افترشت العراء، إن كان على الطرقات أو في البساتين وحتى المساجد، أكثر من تلك التي حصلت على خيمة تأويها”.
نقص كبير بالمواد الغذائية
وأشار الخطيب الى “نقص كبير بالمواد الغذائية والمحروقات وحليب الأطفال في المناطق الشمالية ترافق مع ارتفاع الأسعار”.
وبعد زيارة تفقدية للمنطقة الحدودية، قال حاكم محافظة كيليس التركية سليمان تبسيز إنه “من غير الوارد حتى الآن (فتح الحدود). الوافدون الجدد يتم استقبالهم في مخيمات على الجانب السوري من الحدود”.
وكان وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو قال، السبت 6 فبراير/شباط، إن تركيا لا تزال تعتمد “سياسة الحدود المفتوحة” أمام اللاجئين السوريين، من دون تحديد موعد للسماح لهؤلاء الآلاف بالدخول.
ويُحكم الجيش السوري السيطرة على مواقع عدة استعادها خلال الأيام الماضية في ريف حلب الشمالي، فيما تواصل الطائرات الحربية الروسية استهداف مناطق عدة.
واستعاد الجيش السوري منذ بدء هجومه، الاثنين الماضي، بلدات عدة في ريف حلب الشمالي وكسر الحصار عن بلدتي نبل والزهراء، ونجح في قطع طريق إمدادات رئيسية للفصائل المقاتلة بين الأحياء الشرقية التي تسيطر عليها في مدينة حلب وتركيا.
وفي ضوء ذلك، نجحت قوات النظام في تضييق الخناق أكثر على الأحياء الشرقية للمدينة، حيث يعيش حوالى 350 ألف مدني، وفق المرصد السوري.
كما لم يبق أمام مقاتلي الفصائل سوى منفذ واحد يتعرض أيضاً لقصف جوي شمال غربي المدينة باتجاه محافظة إدلب (غرب)، الواقعة بالكامل تحت سيطرة الفصائل الإسلامية والمقاتلة باستثناء بلدتين.
وبحسب قناة “الجزيرة”، فإن عشرات الآلاف من النازحين يفترشون العراء في ظل أجواء باردة وماطرة، وهناك عدد كبير من النازحين من الأطفال والنساء والمسنين إضافة إلى وجود العديد من المرضى ممن تقطعت بهم السبل بعد تقدم قوات النظام في عدة محاور بريف حلب، وباتوا في حاجة لمساعدة عاجلة.
تحذير سوري
وحذر وزير الخارجية السوري وليد المعلم في مؤتمر صحفي في دمشق، السبت، من أن “أي تدخل بري في الأراضي السورية من دون موافقة الحكومة السورية هو عدوان، والعدوان يرتب مقاومته التي تصبح واجباً على كل مواطن سوري”.
وأضاف: “لا أحد يفكر في الاعتداء على سوريا أو انتهاك سيادتها؛ لأننا سنعيد من يعتدي على سوريا بصناديق خشبية سواء كان تركياً أو سعودياً، أو كائناً من يكون”.
بدوره، اعتبر رئيس الحرس الثوري الإيراني الجنرال محمد علي جعفري، السبت، أن السعودية “لن تجرؤ” على إرسال قوات الى سوريا.
وجاءت تصريحاته رداً على إعلان المتحدث باسم التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن، مساء الخميس، أن الرياض مستعدة للمشاركة في أي عملية برية يقررها التحالف الدولي بقيادة واشنطن ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.
وفي اليوم نفسه أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن لديها “أسباباً جدية” تحمل على الاعتقاد بأن أنقرة تعد “لتدخل عسكري” في سوريا.
والسبت أعلنت حركة أحرار الشام الممثلة في الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة من اجتماع المعارضة في الرياض انسحابها من مباحثات جنيف “حتى اشعار آخر”.
وعزت الهيئة في بيان هذا الانسحاب إلى “تعرض الإخوة المجاهدين والمدنيين الآمنين بريف حلب الشمالي للحصار من قبل قوات النظام والميليشيات الشيعية والإيرانية”.
هافينغتون بوست عربي