وأضاف أنه يبدو أن الإيرانيين وحزب الله مدينون بالفضل للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي زج بالعديد من جنرالاته العسكريين في إدارة المعركة داخل سوريا ضد المعارضين للنظام، مما أدى إلى تطبيق سياسة تطهير عرقي، ونزوح موجات هائلة من اللاجئين السوريين السنة مغادرين بلادهم.
طفل بالقرب من مدرسته المدمّرة بريف حلب جراء قصف روسي (رويترز) |
إستراتيجية وتغيير
ويشير تحليل بن يشاي إلى أن النظام السوري قبل وصول الروس كان يدير حربه على معارضيه بمساعدة من إيران وحزب الله بطريقة “إطفاء الحرائق”، حيث كانوا يقومون ببعض العمليات العسكرية المتناثرة هنا وهناك، بدون إستراتيجية واضحة، في محاولة منهم لإبعاد المسلحين عن المناطق الحساسة المركزية من النواحي الاقتصادية والمعنوية، ومنعهم من السيطرة على المواقع العسكرية ومقار النظام.
وتابع بن يشاي “هذا الأمر لم يحل بين وصول النظام السوري في ربيع 2015 إلى مرحلة تشبه التهاوي التدريجي، حتى دخل الروس في ساحة المعركة بسوريا، ليس بالضرورة حبًّا لبشار الأسد والإيرانيين، وإنما للمحافظة على مصالحهم وكنوزهم الإستراتيجية في الدولة السورية”.
وأشار بن يشاي -وهو خبير لديه صلة وثيقة بالجنرالات الإسرائيليين- إلى أن طريقة العمل العسكري الأولية التي اتبعها الروس في سوريا لم تكن ناجحة، فقد تشابهت كثيرا مع الأساليب التي اتبعتها قوات التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة في ليبيا، وسوريا، والعراق، حيث قامت هذه السياسة على عمليات القصف الجوي لتمهيد الطريق أمام القوات المحلية على الأرض، الممثلة بالآلاف منالحرس الثوري الإيراني، ومليشيات الباسيج، والمليشيات الشيعية القادمة من العراق وأفغانستان.
ثم أدرك الجنرالات الروس بعد ثلاثة أشهر من العمل، وتبادل الاتهامات المتصاعدة بينهم وبين نظرائهم الإيرانيين، أن إستراتيجيتهم العسكرية في سوريا خاطئة، لأنهم علموا متأخرين أن أحد أسباب قوة المسلحين المعارضين للأسد أنهم موجودون بين السكان السنة، ويحظون بدعمهم وتأييدهم، ولذلك فقد أدار المسلحون السوريون مع الروس حرب عصابات واستنزاف تقليدية دون سقف زمني لها.
خبرة وتطبيق
وبحسب كاتب المقال فإن الجنرالات الروس أرادوا الاستفادة من خبرتهم العسكرية في الشيشانوأفغانستان، واليوم في سوريا، باتخاذ قرار للذهاب بعيدا في حربهم الشاملة دون الأخذ بعين الاعتبار الرأي العام الدولي.
ويتم ذلك من خلال التفريق بين المسلحين وبيئتهم الشعبية الحاضنة، وضرب الطرق التي توفر لهم المساعدات العسكرية من الخارج، عبر تركيا والأردن ولبنان، عبر تطبيق سياسة تطهير عرقي تعمل على هروب المدنيين السوريين، وجعلهم لاجئين في الدول المجاورة تمهيدا لوصولهم إلى أوروبا.
وكل هذا يتم بجانب فرض حصار تجويع على المسلحين والمدنيين السنة الذين لم يهربوا، والتسبب في موتهم جوعا، وهو التطهير العرقي الأكبر في تاريخ الإنسانية منذ الحرب العالمية الثانية، حيث شمل ثمانية ملايين سوري، فأصبح ثلث السوريين لاجئين في أراضيهم وفي الدول المجاورة، كما زاد عدد القتلى السوريين عن 300 ألف، واقترب عدد المصابين من مليون سوري، حسب ما ذكره بن يشاي.