المركز الصحفي السوري – عاصم الإدلبي
يشاهد العالم كل يوم المشاهد القاسية التي تأتي من مخيم اليرموك بدمشق، ولسان حال كل سوري يقول: هل يجب أن يتغير اسم مخيم اليرموك إلى “يرموكي” على غرار “كوباني” حتى يتحرك ضمير المجتمع الدولي ويجد حلاً للمأساة القائمة في المخيم.
أكثر من عشرين ألف مدني بينهم ثلاثة آلاف طفل مهددون بالموت جوعاً في مخيم اليرموك بدمشق، وبعد أكثر من ثلاث سنوات على حصار المخيم من قبل النظام السوري، ومع اشتداد المعارك في الأيام القليلة الماضية بين تنظيم الدولة الإسلامية ومقاتلي أكناف بيت المقدس المقرب من حركة حماس، يبقى مصير ممن بقي من أهالي المخيم عالقاً بين مطرقة النظام وسندان الاشتباكات بين تنظيم الدولة و الفصائل الأخرى، ومن يدفع الفاتورة هم أهالي المخيم .
العالم كله سمع بـ “كوباني” أو “عين العرب” المدينة السورية في الشمال على الحدود مع تركيا، وقد تشكل تحالف دولي من أكثر من67 دولة لإخراج تنظيم الدولة الإسلامية من المدينة، بينما مخيم اليرموك لم يسمع به العالم “الحر” إلى الآن، ولم يحرك ساكناً لإنقاذه، رغم أن حصاره استمر أكثر من حصار لينين غراد وستالينغراد في الاتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الثانية.
يقع مخيم اليرموك على مسافة 8 كم من العاصمة دمشق إلى الجنوب منها، وهو مخيم أنشئ عام 1957، على مساحة تقدر بـ2.11 كم مربع فقط لتوفير الإقامة والمسكن للاجئين الفلسطينيين في سوريا، وهو من حيث تصنيف وكالة الأونروا لا يعتبر مخيم رسمي. وهو أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين في سوريا، يزدحم المخيم بالمساكن الاسمنتية والشوارع الضيقة ويكتظ بالسكان ولا يقتصر سكانه على اللاجئين الفلسطينيين فقط بل يضم عدد كبير من السوريين الذين ينتسبون للطبقة الفقيرة من المجتمع السوري، يقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين في المخيم قبل 2011 بنحو 136 ألف وذلك حسب إحصائية للأونروا.
في عام 2012 حاول ثوار دمشق وريفها السيطرة على المخيم، حيث سيطروا على شارع الثلاثين، الشارع الواصل بين المخيم وحي الحجر الأسود، ثمّ تعرّضت الأبنية المطلة على هذا الشارع إلى قصف عنيف من قبل الدبابات دمّر أجزاء منها، خصوصاً أن هنالك ثكنة عسكرية تابعة لقوات النظام قرب المخيم مقابل جامع سفيان الثوري الواقع في حيّ القاعة، ما جعل الوضع العسكري يأخذ منحى الحصار بين قوات النظام و كتائب الثوار، وبقي المدنييون داخل المخيم في حالة حصار دائم أدت إلى مجاعة.
أرقام مخيفة جداً ووضع كارثي يعيشه المخيم بسبب الحرب، حيث أن المخيم يعاني مجاعة في سوريا في القرن الحادي والعشرين بسبب الحصار المستمر منذ 3 سنوات رغم أن سوريا كانت قبل الحرب من البلدان التي تتمتع بالاكتفاء الذاتي، حيث تفيد مصادر ميدانية أن عدد الذين ماتوا بسبب الجوع في المخيم بلغ 177 حتى الآن .
طرحت عدة مبادرات لإدخال المواد الإغاثية إلى المخيم، وكانت تبوء بالفشل بسبب عدم سماح النظام للقوافل الإغاثية بالدخول وتعرضهم لإطلاق نار عند محاولتهم إدخال المعونات إلى داخل المخيم، منها المبادرة التي كانت تقضي بإخراج ثلاثمائة مريض وجريح من سكان المخيم، وكان أغلبهم نساء وأطفال، غير أن قوات النظام المحاصرة قامت بإطلاق النار لدى خروجهم ما دفعهم إلى العودة أدراجهم، قامت عدة فعاليات فلسطينية لدعم أهالي المخيم منها حملة ” هنا مخيم اليرموك”، وفعالية “أنقذوا مخيم اليرموك”.
غداة الأوضاع الأخيرة التي يعيشها المخيم نتيجة الاشتباكات الدائرة وقصف قوات النظام للمخيم بالبراميل المتفجرة، دعا مجلس الأمن الدولي يوم الاثنين الماضي6 أبريل إلى “ممر آمن” للمدنيين وتسهيل وصول المساعدات إلى المدنيين المحاصرين، كما دعا إلى إجلاء من يريد الخروج من المحاصرين ضمن المخيم.
في السياق نفسه أعلن وزير المصالحة الوطنية في حكومة النظام علي حيدر اليوم الأربعاء أن الوضع الراهن في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوب دمشق يستدعي “حلا عسكريا” فرضه على الحكومة دخول المسلحين الى المخيم.
وكانت حركة حماس قد أدانت في بيان لها أمس السبت الماضي “اقتحام مخيم اليرموك، والاعتداء على أهله، ومحاولات البعض تحويله إلى ساحة اقتتال لا تخدم اللاجئ الفلسطيني”، مطالبة السلطة وكافة الفصائل الفلسطينية بـ”التحرك العاجل بناءً على موقف موحد يحمي اللاجئين”.
السؤال الذي يطرح دائماً ما هي حجم المأساة التي من الممكن حدوثها في أي مكان في العالم ولم تحدث في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوب دمشق؟!، ألا يجب أن يتحرك ضمير المجتمع الدولي وخصوصاً الدول العربية لفعل شيء لإنقاذ أرواح عشرين ألف محاصر في مخيم الجوع في سوريا؟!
خاص المركز الصحفي السوري