جاء إعلان ويكيليكس للشعب التركي بالاستعداد من أجل كشفه عن مئات الآلاف من الوثائق التي ستفضح كما قال بنية النظام السياسي، بمثابة بيان رقم واحد لانقلاب عسكري، وبدا الإعلان إعلانًا تحريضيًا ضد الحكومة التركية وليس إعلانًا يبغي ويريد الكشف عن الحقيقة.
سارعت الحكومة التركية إلى إغلاق وحجب الموقع على الفور، مما قدم للموقع بنظري هدية مجانية في الترويج لإعلانه، ولكن تأخر الكشف عن الوثائق لأيام، وحين تم الإفراج عنها فوجئ كل من تابعها وتمكن من الوصول إليها أنها عبارة عن شكاوي لمؤيدي حزب العدالة والتنمية الذي تم اختراق بريده الإلكتروني من قبل ويكيليكس، وتبين أن التسريبات عبارة عن شكاوي محلية للناس إما تخص الخدمات العامة، أو تتعلق بإيواء اللاجئين السوريين، أو بسيطرة وتحكم الكيان الموازي بزعامة فتح الله غولن على الحياة السياسية والداخلية التركية.
إذن الانهيار الكبير الذي تعرض له الموقع عكس حالة غير أخلاقية أولًا، لأن هكذا مواقع من المفترض أن يكون هدفها ورسالتها الشفافية الإعلامية، وليس التحريض على الحكومات وغيرها، بطريقة أقرب ما تكون إلى الخصومة السياسية، والمناكدة والانتقام، بحيث بدت ويكليكس كخصم سياسي لبعض الحكومات والأحزاب، مما يصب في صالح آخرين.
الأمر الآخر الأهم في تسريبات ويكيليكس وهو أن كل وثائقه السابقة لم تكن تعني إلا حكومات محددة، وتصب في صالح معسكر روسيا وإيران والعصابة في سوريا، ولذلك تقوم بالكشف عن كل ما يدين خصوم السياسيين، ولذا لم يعد أحد يأخذ تسريباتها وكلامها على محمل الجد، لا سيما بعد الفضيحة الكبرى في التسريبات التركية التي تبين أنها لا تساوي الحبر التي كتبت بها.
أخيرًا الحل الوحيد أمام الحكومة التركية وغيرها، هي أميتوا تسريباتهم بالترك، ولو لم يتم حجب هذه المواقع منذ البداية لما تحقق لها تلك الشهرة التي حصدتها، والتي سريعًا ما تبخرت مع اللحظة الأولى حين تبين أنها شكاوي محلية لا علاقة لها بما أعلن أنها تخص وتعني بنية النظام السياسي التركي، فالشهرة السيئة السلبية هي شهرة في الأخير.
د ـ أحمد موفق زيدان – ترك برس