قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إن لبنان يحاول ملأ الفراغ في السلطة وسط أسوأ أزمة تمر عليه منذ عقود.
وفي تقرير أعده جارد ماسلين ونزيه عسيران، قالا فيه إن قادة لبنان حوّلوا تركيزهم يوم الثلاثاء من أجل تشكيل حكومة جديدة، وبعد يوم من استقالة الحكومة في ظل الاحتجاجات المستمرة التي تطالب بتغير سياسي بعد مرور أسبوع على الانفجار القاتل في بيروت.
وطلب الرئيس ميشال عون من رئيس الحكومة المستقيل إدارة حكومة تصريف أعمال بسلطات محددة لحين تشكيل الحكومة الجديدة. ووجد عون نفسه أمام واقع الحفاظ على حكومة دياب نظرا لعدم وجود خيار آخر.
وقالت مها يحيى مديرة مركز كارنيغي الشرق الأوسط في بيروت: “نحن في حالة سقوط مستمر نحو الهاوية” و”لو لم نشكل الحكومة سريعا وبدأوا بتقديم نوع من خطة طريق للخروج من الهاوية فالطريق الوحيد هو السقوط”.
وأي حكومة جديدة، ستجد نفسها في مواجهة أسوأ أزمة اقتصادية لم تمر على لبنان منذ عقود، ونظام مصرفي مفلس، ونسب بطالة عالية ونقص حاد في العملة الأجنبية. كما يتعين عليها التعامل مع المحتجين الذين يطالبون برحيل كامل النخبة السياسية التي يحملونها مسؤولية الفساد وسوء الحكم.
ويواجه لبنان أيضا ضغوطا من الدول المانحة التي تطالبه بإصلاحات سياسية واقتصادية قبل أن تقدم حزم الإنقاذ له. وقدم دياب استقالة حكومته يوم الإثنين بعد الانفجار المدمر الذي خلف أكثر من 160 قتيلا، إلا أن استقالته لم تؤد لتخفيف حزن وغضب سكان بيروت الذين شارك عدد منهم في مسيرة حزينة إلى المرفأ لتكريم الضحايا. وقرأ المشاركون في المسيرة أسماء القتلى أمام تجمع حول المرفأ المدمر. وارتدى معظمهم اللباس الأبيض وحملوا لافتات: “حكومتي قتلت شعبي”.
ومشى حسن حمود (45 عاما) صاحب مطعم، والضمادات على عينه وكوعه بسبب الجراح التي أصابته نتيجة الانفجار. وخنقته الدموع وهو يحكي كيف دمر الانفجار عمله وأصابه وابنه.
وقال: “كل واحد مسؤول عن هذه الكارثة تجب معاقبته، وليس هذه الحكومة فقط. فقد حكموا البلد لمدة تسعة أشهر، فكيف نلومهم… إنه كل نظام الحكم”.
وعندما انتهت المسيرة، حوّل المشاركون انتباههم نحو مركز بيروت وهتفوا “ثورة”.
وترى الصحيفة أن استقالة حكومة دياب تعني للكثيرين انتقال لبنان من أزمة إلى أزمة. وشُكلت حكومة دياب في كانون الثاني/ يناير الماضي، بعد الاحتجاجات الشعبية نهاية 2019 والتي أطاحت بحكومة سعد الحريري.
وقال وزير الاتصالات السابق شربل نحاس: “لم يكن هناك أبدا حكومة، بل كانت واجهة اختفى وراءها 6 رجال يحكمون البلد”.
ومعظم أفراد النخبة الحاكمة في لبنان هم من أمراء الحرب الأهلية الذين يحملهم اللبنانيون مسؤولية عقود من الفساد الذي توج بانفجار الأسبوع الماضي.
وأصبح شعار الحشد ضد الطبقة السياسة منذ عام 2015 “كلن يعني كلن” هو الحاضر مرة أخرى في احتجاجات ما بعد الانفجار. ولا يمكن تشكيل حكومة جديدة بدون توافق الفصائل اللبنانية التي تتراوح من جماعات سياسية إلى دينية.
وكانت المفاوضات في الماضي من أجل تشكيل الحكومة تستغرق أشهرا. وبحسب وكالة الأنباء اللبنانية فقد دعا رئيس البرلمان نبيه بري إلى اجتماع عاجل مع أفراد كتلته البرلمانية.
وأشارت الصحيفة إلى طبيعة المحاصصة الطائفية في النظام السياسي وحصة كل طائفة في الحكم وتوزيع الوظائف في الحكومة والمقاعد في البرلمان حسب الانتماءات الطائفية التي تتحكم في تمثيلها مجموعة قليلة من الأحزاب السياسية.
ومن المتوقع أن تلعب القوى الخارجية دورا في تشكيل الحكومة، من إيران الداعمة لحزب الله، والسعودية التي كانت تقليديا تدعم القوى السنية، فيما تقوم الولايات المتحدة بحملة تهدف لتخفيف أثر إيران ووكيلها حزب الله في لبنان.
ويواجه لبنان أزمة فيروس كورونا، حيث سجل يوم الإثنين 295 حالة جديدة وأربع وفيات. وتعاني المستشفيات من ضغوط شديدة بعد الانفجار، حيث تعاملت مع أعداد كبيرة من المصابين بالإضافة لمرضى كوفيد-19.
ويتوقع برنامج الغذاء العالمي ارتفاع أسعار الغذاء في لبنان أضعافا مضاعفة نظرا لدمار المرفأ الذي كان يخزن فيه لبنان احتياجاته من الطعام.
نقلا عن القدس العربي