نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا حصريا قالت فيه إن الولايات المتحدة حذرت فيه العراق من مخاطر الحصول على منافذ للنظام البنكي لو طلبت من القوات الأمريكية الخروج من البلاد. فعدم وصول العراق إلى حسابات فدرالية يتم فيها حفظ العوائد من مبيعات النفط قد يؤدي إلى أزمة اقتصادية وسيولة حادة.
وقال كل من إيان تالي وإزابيل كولز في تقرير لهما من واشنطن وبيروت إن وزارة الخارجية حذرت من أن الولايات المتحدة قد تمنع العراق من الوصول إلى حسابات المصرف المركزي الذي يحتفظ بها في بنك الإحتياط الفدرالي بنيويورك، بشكل سيهدد الوضع الإقتصادي المنهار أصلا.
ويحتفظ العراق مثل بقية الدول بحسابات في نيويورك من أجل إدارة مالية البلاد بما في ذلك موارد النفط ومبيعاته. ومن هنا فمنع العراق من استخدامه قد يجعل الحكومة في بغداد على استخدام الموارد المالية التي تعد مهمة للإقتصاد وتوفير السيولة المالية.
وزادت مخاطر فرض عقوبات على العراق بعد الغارة الأمريكية في 3 كانون الثاني (يناير) والتي قتل فيها الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس بغد مغادرته مطار بغداد الدولي.
وصوت البرلمان العراقي الأحد الماضي على قرار حث فيه رئيس الوزراء عادل عبد المهدي للعمل من أجل إخراج القوات الأمريكية البالغ عددها 5.300 جنديا من العراق.
وفي رد على القرار غير الملزم والذي دعمه رئيس الوزراء هدد الرئيس دونالد ترامب بفرض عقوبات مشددة على العراق لو أجبرت بلاده على سحب قواتها من هناك. وتحرك العراق للعمل بهذا الإتجاه بناء على وصف لمكالمة بين رئيس الوزراء العراقي ووزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو والتي طلب فيها عبد المهدي بحث خطة لخروج آمن للأمريكيين. ولم يوافق بومبيو على الرواية العراقية وقال إن بلاده ستواصل الحملة ضد تنظيم الدولة في العراق.
ورفضت الخارجية التعليق أنها حذرت العراق من أنه سيمنع من استخدام حساباته في بنك الإحتياط الفدرالي. وقال مسؤول في مكتب رئيس الوزراء العراقي أن التحذير بمنع البنك المركزي استخدام حساباته بنيويورك مرر إلى عبد المهدي بمكالمة يوم الأربعاء.
وقال بنك الإحتياط الفدرالي الذي يمكنه تجميد حسابات بناء على قانون العقوبات أو احتوت الحسابات على أموال مشبوهة إنه لا يعلق على حسابات بعينها، في وقت رفض فيه المتحدث باسم رئيس الوزراء ولا السفارة العراقية بواشنطن أو المصرف المركزي التعليق وكذا وزارتي الخارجية والخزانة في أمريكا.
ويحاول المسؤولون العراقيون معالجة الوجود الأمريكي ببلادهم دونما افتعال أزمة مالية.
وأكدت الحكومة العراقية على أهمية إقامة علاقات صديقة مع الولايات المتحدة في وقت تمارس فيه الميليشيات المؤيدة لإيران ضغوطا باتجاه طرد القوات الامريكية.
وقال مسؤول عراقي بارز “في وضع يحدث فيه طلاق بالتراضي فإنك ستظل قلقا على الأطفال والحيوانات الأليفة والأزهار والأثاث”.
وقال عبد المهدي إن رحيل القوات الأمريكية هو الطريق الوحيد لتجنب النزاع بالعراق لأن الولايات المتحدة لا تثق بالقوات الأمنية العراقية لحماية قواتها. إلا أن هناك أسئلة حول قدرته على إخراج الأمريكيين لأنه يدير حكومة تصريف أعمال. ومن بين المعوقات لجهوده الأكراد والقادة السنة الذين قاطعوا جلسة البرلمان ولم يصوتوا على قرار طرد القوات الأمريكية.
وحث رئيس البرلمان السني المشرعين أثناء النقاش على القرار وذكرهم بالمعوقات “واحد من الخطوات التي يمكن للمجتمع الدولي اتخاذها هو وقف العقود المالية مع العراق ولن نكون قادرين على الوفاء بالتزاماتنا تجاه المواطنين”.
وتقول الصحيفة إن التهديد المالي ليس فرضيا، فقد تعرضت المالية العراقية لصعوبات عندما ضغطت الولايات المتحدة ولعدة أسابيع ومنعت العراق عام 2015 من الوصول إلى حساباته وسط مخاوف من وصول المال إلى سوق غير منظم ويصل إلى إيران وتنظيم الدولة.
وقال مدير بنك استثماري “ربيع سيكورتيز” شوان طه “لدى البنك الفدرالي سيطرة كاملة على كامل الإقتصاد” العراقي. وزادت التهديدات بالعقوبات من مخاوف العراقيين الذين عاشوا لسنوات في ظل الحصار الأمريكي. إلا أن الميليشيات الشيعية التي تقود الحملة لإخراج القوات الأمريكية طمأنتهم بأن العراق سيتحول باتجاه الصين.
ويرى مستشار لرئيس الوزراء أنه لا يتوقع تنفيذ أمريكا تهديداتها لأنها لو فعلت “فستخسر العراق وللأبد”. وبعيدا عن المخاطر المالية، يخشى الساسة بمن فيهم بعض الشيعة أن خروج القوات الأمريكية يعني عودة تنظيم الدولة من جديد. ويرون بوجود القوات الأمريكية كموازن لإيران التي أحكمت سيطرتها على العراق خلال فترة عبد المهدي. وتخشى أمريكا من تحويل العملة الأمريكية، حالة رحيل القوات إلى أعدائها بمن فيهم إيران.
وأضعفت العقوبات الأمريكية إيران وأثرت على العملة الإيرانية. ويستخدم الحرس الثوري الدولار الأمريكي لتمويل الجماعات الوكيلة له في الخارج.
وتعتبر مراكز الصرافة أو البنوك التي تديرها أو تملكها إيران في العراق مصدرا مهما لدعم الجماعات الموالية لها في البلد. ويدير بنك الإحتياط الفدرالي حسابات لـ250 حكومة ومؤسسة في العالم مثل الحساب الذي تملكه بنغلاديش وقام عملاء كوريين شماليين بسرقة 81 مليار دولار منه عام 2016.
وعندما يحتاج العراق العملة الصعبة يتقدم بطلب حيث يتم شحن أوراق النقد إليه لكي يوزعها على البنوك ومحلات تبادل العملة في البلاد.
نقلا عن القدس العربي