لم يكد يمّر أسبوع على دخول “دونالد ترامب” البيت الأبيض حتى وقع مجموعة القرارات السريعة وربما غير المدروسة بالنسبة لكثير من دوائر السياسة داخل أمريكا وخارجها، منها القيود التي فرضها على الهجرة إلى أمريكا واللاجئين إليها، السوريون منهم تحديداً إذ أصبح يحظّر عليهم دخول الولايات المتحدة، لأي سبب كان إلى أجل غير مسمى، كما يمنع مواطني سبع دول أخرى منها إيران والسودان والعراق وليبيا والصومال واليمن، ما نلاحظه في هذا التمهيد أن جميع الدول التي تم حظر دخول مواطنيها إلى أمريكا هي دول إسلامية، وهذا مؤشر خطير على موقف دونالد ترامب والسياسة الأمريكية الجديدة تجاه الإسلام.
على الرغم من أن “ترامب” لم يعتبر يصور الإسلام مصدر الشرور كلها، كما كان يفعل أيام الحملة الانتخابية، لكنه بدا وكأنه ينفذ بالتدريج تلك الوعود الانتخابية السابقة ،وهذا ما بدا جلياً بمنع الإسلاميين من دخول الولايات المتحدة.. إنها وعود كشف عنها سريعاً تشير إلى هوية الرئيس الجديد وإنتمائه إلى اليمين المتطرف، حيث تم التوقيع عليها بقرارات (تنفيذية)، أثارت الجدل للجميع، سواء في دائرته الحكومية الجديدة، أم في الحزب الديمقراطي طرفي النقيض الصوري بالنسبة للسياسة الأمريكية.
فقد قالت متحدثة باسم وزارة الأمن الداخلي “إن الأمر التنفيذي الذي أصدره “ترامب” سيمنع حاملي البطاقة الخضراء من دخول مواطني الدول السبع المستهدفة (بهذا القرار)” بينما أعلنت إيران أنها سترد بالمثل على هذه الإجراءات.. وهانحن ننتظر حزمة الإجراءات الإيرانية التي سترد بها على القرارات الأمريكية، وقد تكون مجرد حرب إعلامية كما عهدها السوريون.. (سنرد بالوقت المناسب)!
يظهر السؤال الجلي هنا: هل ألقت قرارات الرئيس الأميركي بظلالها في مختلف الاتجاهات التي تبدأ بالتمييز العرقي ولا تنتهي بعدم انسجامها مع المواثيق الدولية؟
ردود فعل دولية متعددة، فهناك منظمات دولية دعت الولايات المتحدة للاستمرار في استقبال اللاجئين، كون تاريخ أميركا إيجابي في هذا الشأن، لكن على ما يبدو أن السياسة الأمريكية حزمت امرها في هذا الصدد وأغلقت قنوات التواصل مع تلك المنظمات في إشارة إلى المضي قدما بتطبيق ما اتخذته على القائمة التنفيذية.
ويأتي القرار ليبعدها عن إرثها التاريخي حيث تعتبر أكثر دولة رحبّت بالمهاجرين الذين هم من صنعوا التراث الحضاري والصناعي للولايات المتحدة، منذ بداية القرن التاسع عشر 1810 تحديدا، بل وماقبله، غذ نجد عشرات الآلاف ممن هاجروا من الشرق استقروا في القارة الأمريكية وتغلغلوا في نسيجها الاجتماعي والصناعي والتجاري، دونك عن مصانع القرار السياسية من مثل (خليل دبانة) رئيس مجلس الأمة في الشمال الأمريكي: كندا تحديدا.
أما إن تعاملنا مع هذا القرار من الناحية الأخلاقية، فالقرار بعيد كل البعد عنه ذلك كونه يطعن ببراءة الادعاء بأن الولايات المتحدة مفتوحة للأخرين، وخصوصاَ اللاجئون والمهجرون الهاربون من الاضطهاد الديني وممن يخافون على أرواحهم خصوصاَ جراء الحروب التي كثرت في الأعوام الأخيرة.
ليظهر السؤال الذي يطرح نفسه أين معايير الأخلاق والقيم الأمريكية القوية في تمثال الحرية في “نيويورك” هل هي مغيبة في ظل القرارات الجديدة؟
شعارات مكتوب على تمثال الحرية “أعطونا الضعفاء، أعطونا المهجرين، أعطونا من يحتاجون إلى العطف والحنان.. سنرحب بهم”.. تلك المعاني التي تدعيها أميركا وتتحلى بها غابت في الأسبوع الأول من الولاية الجديدة للبيت الأبيض، في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة.
أما السؤال المحيّر للجميع هل كان في السابق باب الولايات المتحدة مفتوحاً على مصراعيه؟ ولا توجد أي تدقيقات وتأشيرات؟
رغم أن من يسافر لأميركا يعاني قبل حصوله على تأشيرة إلا أنه لم تحصل مشاكل أمنية من قبل أشخاص جاؤوا من هذه الدول في زمن “أوباما” لنفهم اليوم على أن القرار جاء لخلل لا في المستوى الأمني، وإنما في المستوى السياسي، ويتعداه ليصل إلى المستوى الحقوقي-الأخلاقي.
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد