انتهت الانتخابات الأمريكية أخيراً بوصول المرشح عن الحزب الجمهوري ورجل الأعمال الشهير “دونالد ترامب” إلى سدة الحكم في البيت الأبيض, وبذلك طوت الولايات المتحدة الأمريكية والعالم صفحة جديدة من سجل الصراع الدائر بين الحزبين الأكثر شعبية ونفوذاً داخل الولايات المتحدة الأمريكية “الجمهوري والديمقراطي”.
مخاوف عديدة وكبيرة عبّر عنها العديد من زعماء العالم ولاسيما في أوروبا وأمريكا اللاتينية من التداعيات المحتملة لتصريحات ترامب في مناظراته أمام المرشحة إلى البيت الأبيض عن الحزب الديمقراطي “المهزومة” “هيلاري كلينتون”, التي اتسمت بطابع عنصري قد يعيدنا في الذاكرة إلى عهود سلطة “الرجل الأبيض الأرستقراطي” في الولايات المتحدة الأمريكية, طبعاً إن طبق ترامب تلك التصريحات على أرض الواقع وحوّلها إلى سياسة رسمية تنتهجها إدارته في التعامل مع ملفات الأزمات الداخلية والخارجية.
والأخطر من كل ذلك هو تعهد ترامب بمنع دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة الأمريكية إضافة للوافدين من دول قارة أمريكا اللاتينية, في مشهد صريح يكرّس مفاهيم العنصرية ويقوّض مبادئ الحرية والديمقراطية التي تتغنى بها الولايات المتحدة الأمريكية, والجميع يعلم أن الولايات الأمريكية اليوم تقوم على أساس نسيج اجتماعي وطبقي وعرقي يتصف بالاختلافات أو حتى التناقضات الاجتماعية والفكرية في صور أخرى.
وبعيداً عن وضوح ترامب في التعبير عن زوايا رؤيته المستقبلية, تبرز في بعض التفاصيل الأخرى جدلية تلوح في الأفق عن نية ترامب في إدارة بعض ملفات الأزمات الدولية.
بالوقت نفسه الذي أبدى فيه ترامب إعجابه بكل من رأس النظام السوري “بشار الأسد” ورئيس روسيا الاتحادية “فلاديمير بوتين” لكونهما يتعاونان سوية في محاربة ما يصفونه “بالإرهاب” في الشرق الأوسط كما قال “ترامب”, يتعهد الرئيس الجديد بإنهاء العمل في مذكرة التفاهم النووي التي عقدتها إدارة “أوباما” بالاشتراك مع الاتحاد الأوروبي مع حكومة طهران في وقت سابق, ما يترتب عليه عودة البرود والجمود على العلاقات الدولية لإيران وسحب بساط الشرعية لإحراج الحكومة الإيرانية وإظهارها بمظهر الحكومة “المارقة” من جديد, مع العلم أن حكومة طهران هي الحليف الأقوى لكل من حكومة النظام السوري في دمشق والحكومة الروسية في موسكو, بل هي متورطة مع هاتين الحكومتين بارتكاب مجازر عديدة بحق المدنيين السوريين وعلى الأرض السورية, حيث تغافل عنها ترامب واكتفى بالتركيز على الاستمرار في الحرب الأمريكية والدولية على “الإرهاب”, بما يوحي لنا أن ترامب في مرحلة ما قد يكون شريكا مباشرا للأسد وبوتين في حربهما الشعواء ضد الشعب السوري، من خلف ستار “الحرب على الإرهاب”.
إذن بين الوضوح والغموض والجدلية ينتظر المراقبون لنتائج الانتخابات الأمريكية أن ينهي ترامب تشكيل إدارته الجديدة التي ستخلف إدارة الرئيس المنتهية صلاحيته “باراك أوباما”.
فهل يستطيع ترامب تنفيذ تصريحاته التي وصفها العديد من الأمريكيين أنفسهم بالكارثية على الولايات المتحدة قبل غيرها؟!
المركز الصحفي السوري- فادي أبو الجود