أيام قليلة تفصل طلاب سوريا عن بدء عام دراسي جديد قد لا يكون لكثير منهم نصيب فيه، وأي عام سيحل عليهم وهم بين الخيام أو تحت رحمة طائرات تأبى مغادرة سمائهم.
ونظرا لاهتمام وزارة تربية النظام بمستقبل الأجيال وضمان تأمين مستقبل تعليمي يليق بهم، قام وزيرها “هزوان الوز” بافتتاح ورشة عمل بالتعاون مع منظمة “اليونيسيف” لإطلاق حملة تهدف لإعادة أكبر عدد ممكن من الطلاب إلى المدارس، وبحسب صحيفة الوطن الموالية للنظام جاءت هذه الحملة بعد أن فقد مئات الأطفال مدارسهم جراء سيطرة الجماعات المسلحة عليها واتخاذها مقرات لهم لتنفيذ أعمالهم الإجرامية بحسب تعبير “الوز”.
وأضاف “الوز” أن الوزارة قدمت توجيهات لجميع المدارس في مناطق سيطرة النظام لقبول الطلاب الوافدين من المناطق الساخنة وتسهيل أمورهم وتسجيلهم ضمن إجراءات مبسطة، بالإضافة لترميم المدارس وتأهيل الطلاب وتوزيع حقائب مدرسية وقرطاسية مقدمة من اليونيسيف بهدف إعادة الأطفال للمدارس وتأمين جو تعليمي مناسب.
لعل وزير التربية يتحدث بحرص وعناية ويخص بالذكر أولئك الأطفال الذين يعيشون في مناطق سيطرة النظام، مستثنيا بذلك آلاف الأطفال القاطنين في المناطق المحررة وكأن طفولتهم كتب عليها الشقاء والحرمان من كل شيء حتى التعليم، يتحدث بكل ثقة أن ماسماهم “بالمسلحين” هم من يسعون لتدمير المدارس وتهجير الطلاب ونشر الجهل والتخلف.
فهل يعقل أن وزير التربية غافل عما يقوم به النظام بشكل شبه يومي من إجرام وقتل وتشريد والضحايا في معظم الحالات هم أطفال في ربيع العمر؟، ولعل آخر مجزرة ارتكبتها حليفة النظام روسيا في أحد أسواق مدينة ادلب الشعبية خير شاهد على ذلك، فقد اغتالت فرحة الأطفال باقتراب العيد، ونسفت كامل معايير الإنسانية لتخلف وراءها مايقارب 100 شهيد والعديد من الجرحى.
فقدت رغد طفليها في تلك المجزرة لم تستوعب ماحدث فأي عيد حل عليها وطفلاها باتوا أشلاء لم تستطع حتى أن تضمهما وتودعهما، تقول:” أصرا أن ينزلا إلى السوق برفقة جدهما لشراء حقيبة المدرسة، لايمكنني أن أنسى كيف كانا متحمسين لاقتراب موعد المدرسة، وشراء مستلزماتها والتحضير لها، عيد أطفالي في الجنة مع جدهم وجميع الأطفال الذين قدر لهم أن يقتلوا بتلك الصواريخ الغادرة التي لاتعرف رحمة ولا شفقة، لاتعرف كبيرا أو صغيرا، لا تقيم اعتبارا لأيام فضيلة أو لعيد ينتظره الأطفال بفارغ الصبر ليجدوا فيه شيئا من طفولتهم الضائعة”.
وتكمل حديثها بدموع تعكس حرقة قلبها:” لا أعلم على من أبكي، على ولداي اللذان عاشا في الحرب وماتا فيها، أم على وطني الذي بات ساحة حرب لمن أراد أن يقتلع شيئا منه، “متى ستنتهي الحرب” سؤال كان دائما يخطر ببال أطفالي وأعجز عن الإجابة عليه”.
من هم الأطفال الذين يرغب “الوز” بإعادتهم للمدارس؟، وضمان مستقبل تعليمي يليق بهم، يكفيكم ادعاء بحرصكم على مستقبل الأطفال، فقد ضاع جيل بأكمله بين الخيام وبلاد اللجوء أو تحت رحمة طائراته، فهل من الممكن أن تكون هدنتهم موضع ثقة ويجرؤ الأهالي على إرسال أبنائهم للمدارس في المناطق المحررة؟، أم أنها ستشهد خروقات كالعادة.؟
المركز الصحفي السوري ـ سماح الخالد