رفعت شركة “وتد” التابعة لـ “هيئة تحرير الشام” أسعار المحروقات للمرة الرابعة على التوالي بحجة ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الليرة التركية، وهو ما يزيد من معاناة السكان بإدلب، كون “وتد” هي المورّد الوحيد للمحروقات في المحافظة، حيث ارتفع سعر البنزين المستورد إلى 4.50 ليرة تركية، بعدما كان بـ4.40، كما ارتفع سعر المازوت المستورد إلى 4.40 بعدما كان بـ4.25.
وفي الوقت ذاته ارتفع سعر المازوت المكرَّر بدائياً من 3.50 ليرة تركية، إلى 3.60، فيما وصل سعر أسطوانة الغاز إلى 62 ليرة تركية، بعدما كانت بـ 60 ليرة، في حين لم تخفض الشركة الأسعار مع هبوط أسعار النفط العالمي إلى ما دون 20 دولاراً للبرميل الواحد وذلك مع استيراد الشركة للنفط عن طريق تركيا.
يقول محمد عمر (اسم مستعار) وهو أحد تجار المحروقات: “كان صافي الأرباح لشركة وتد من عملية احتكار بيع البنزين والغاز والمازوت في شهر واحد ما يقارب (مليون و83 ألف دولار)؛ وربحت من عملية بيع الغاز (329 ألف دولار) و(723 ألف دولارا) من عملية بيع المازوت والبنزين؛ خصوصا قبل انخفاض النفط العالمي، في حين زادت أرباحها إلى الضعف مع انخفاض أسعار النفط العالمي؛ وعدم تخفيض الأسعار بأكثر من 10 بالمائة”.
ويضيف “مع انخفاض الليرة التركية واعتماد بيع الوقود بالليرة التركية، زادت وتد سعر المحروقات ثلاثة مرات؛ في حين أن أسعار النفط العالمي لم ترتفع كثيراً وما يساعدها على ذلك احتكار السوق ومنع وجود شركات منافسة؛ حيث يتم ترخيص الشركات في معبر باب الهوى وإلى الآن لم تحصل أي شركة على ترخيص؛ سوى شركة وتد التي تتبع بشكل مباشر لقياديين في هيئة تحرير الشام”.
ويؤكد العمر في حديثه لأورينت نت، أن غلاء أسعار المحروقات يؤثر على السكان بشكل مباشر، لا سيما أن أصحاب السيارات والمصالح التجارية والمدنيين الذين يعتمدون على النقل سيرفعون أجور المواد وأسعار النقل بحجة غلاء الوقود؛ وهو ما يؤثر بشكل رئيسي على حياة الناس وخصوصا مع اقتراب دخول فصل الشتاء وحاجة الناس للديزل”.
ومؤخراً ارتفعت وتيرة الانتقادات لشركة “وتد”، والمظاهرات والوقفات الاحتجاجية ضدها في إدلب، على خلفية رفعها لأسعار المحروقات بشكل متكرر، بدعوى ارتفاع سعر النفط العالمي.
وخلال الأسابيع الماضية رفعت الشركة أسعار المحروقات ثلاث مرات على التوالي، وفي كل مرة كان سكان وناشطو محافظة إدلب يوجهون انتقادات لها عَبْر وسائل التواصل الاجتماعي، واتهامات باحتكار استيراد المحروقات عن طريقها حصراً.
عبد الله الحسين، وهو صاحب محل محروقات، يقول: “كان هناك آلاف محال المحروقات التي تعتاش عليها آلاف العائلات في الشمال السوري؛ ولكن مع ظهور شركة وتد قامت بالتضييق على محال المحروقات من خلال احتكار شراء الوقود من المناطق الشرقية وعدم السماح ببيعها بشكل حر وبيعها بأسعار مرتفعة لمحال المحروقات؛ ما جعل هامش الربح لا يذكر؛ الأمر الذي دعا آلاف المحال إلى الاغلاق؛ وذلك بعد حصر بيع الوقود للكازيات المرخصة للشركة”.
ويضيف الحسين “الربح اليومي لمحل المحروقات كان قبل افتتاح شركة وتد يتراوح بين (4 دولارات و7 دولارات)؛ في حين أنه بعد احتكارها الوقود وبيعها بأسعار مرتفعة أصبح هامش الربح لا يتجاوز دولارين، لذلك فإن المحال الصغيرة التي تعتمد في الحصول على قوتها اليومي أصبحت بلا مدخول يذكر وهو ما تسبب في بطالة آلاف العمال وذهاب أرباحهم إلى جيوب الشركة والمسؤولين عنها”.وحول ارتفاع اسعار الوقود وتأثيرها السلبي على المدنيين يشير الحسين إلى أن “الليرة التركية تواصل انهيارها، أي أن احتمال ارتفاع أسعار الوقود مستمر، وربما يكون هناك ارتفاع كبير في فصل الشتاء مع ازدياد الطلب على المحروقات؛ ومن المحتمل أن تقوم الشركة بقطع الوقود لعدة أيام وذلك من أجل إجبار المدنيين على تقبل الأسعار الجديدة؛ وهو ما يزيد العبء على آلاف الفقراء في الشمال السوري المحرر”.
من جهته يوضح الباحث الاقتصادي نبال قلعة جي تأثير الطاقة على الاقتصاد في الشمال السوري، بأن “الطاقة هي عصب الاقتصاد، لأنها تحرك كل القطاعات الاقتصادية؛ أي الماء والكهرباء ومواد المعامل والمواد الغذائية سترتفع أجورها مع ارتفاع الطاقة؛ حتى أن الامر سيزيد من تكلفة انتقال المدنيين بين المناطق؛ وكل القطاعات الاقتصادية تصبح بطيئة الحركة وتتأثر سلبا، إذ أن هذا الارتفاع سيؤدي إلى تفاقم الوضع الاقتصادي المنهك أصلاً”.
ويلفت الباحث إلى أن “الناس أصبحت تقلل من نفقات المعيشة في الشتاء مقابل الحصول على الوقود؛ خاصة أن المعاناة يتأثر بها بشكل خاص كبار السن والأطفال الذين لا يتحملون البرد القارس؛ حيث أن نسبة 10 بالمائة فقط يمكنهم شراء الديزل في ظل ارتفاع سعره المتكرر؛ في حين أن القسم الكبير بات يعتمد على البدائل كالبيرين والثياب القديمة والحطب”.
ويختم قلعة جي حديثه بأن “ارتفاع أسعار النفط العالمي له علاقة بارتفاع أسعار الوقود؛ لأن شركة وتد تستورد الوقود من تركيا وكما نعلم أن تركيا ليست منتج للنفط، وإنما هي مستورد فعندما تركيا تستورد النفط وتبيعه لشركة وتد؛ فإن ارتفاع سعر البرميل سيؤثر بشكل مباشر على أسعاره في كازيات الشمال السوري”.
نقلا عن اورينت نت