في مشهد يبدو متناقضاً، انتقد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إيران لانتهاكها “روحية” اتفاقٍ يكبح برنامجها النووي، بالتزامن مع إعلان البيت الأبيض التزام إيران بالاتفاق النووي؛ ما يترتب عليه رفع مزيد من العقوبات الأميركية عن طهران.
ويأتي ذلك قبل أسابيع من حسم ترامب قراره ما إذا كان سيتمسك بالاتفاق، الذي وقَّعته طهران مع 6 دول كبرى، عام 2015، أم لا.
وقال ترامب للصحفيين، على متن طائرته الرئاسية، الخميس 14 سبتمبر/أيلول 2017: “الاتفاق مع إيران من أسوأ الاتفاقات التي رأيتها، بالتأكيد على الأقل يتم الحفاظ على روحية الاتفاق بشكل فظيع”.
وتابع انتقاداته للاتفاق الذي أبرمته إدارة سلفه باراك أوباما، قائلاً: “اتفاق إيران ليس عادلاً لبلادنا. إنه اتفاق ما كان ينبغي إبرامه أبداً”.
ووافقت الولايات المتحدة، الخميس، على الاستمرار في إعفاء إيران من عقوبات متعلقة ببرنامجها النووي، لكن فرضت إجراءات عقابية جديدة ضد أهداف متهَمة بهجمات إلكترونية أو بالتحريض على العنف.
وقال ترامب: “لن نقف مكتوفي الأيدي إزاء ما يفعلونه لبلادنا. لقد خرقوا العديد من العناصر وخرقوا أيضاً روحية الاتفاق”.
ومن المفترض أن يقرر ترامب في 15 أكتوبر/تشرين الأول ما إذا كانت إيران قد خرقت اتفاق عام 2015 النووي، ويخشى معارضوه إمكان أن يتخلى عن اتفاق يعتقدون أنه يمنع طهران من صنع قنبلة نووية.
لكن الرئيس لم يكشف ما إذا كان قد اتخذ قراره أم لا، وقال: “سوف ترون ما الذي سأقوم بفعله قريباً جداً في أكتوبر/تشرين الأول”.
رفع العقوبات
وفي تصريحات أدلت بها المتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيذر ناورت، في الموجز الصحفي اليومي، قالت الخميس 14 سبتمبر/أيلول 2017: “الإدارة (الأميركية) صدَّقت على إقرارات (بالتزام إيران بالاتفاق النووي)؛ للمحافظة على بعض المرونة في الوقت نفسه الذي نصيغ فيه سياسة للتعامل مع السلوكيات المختلفة لطهران”.
وطبقاً للاتفاق النووي مع إيران، تقوم واشنطن، بشكل دوري، بالتصديق، على التزام طهران بالاتفاق الموقع نهاية 2015؛ من أجل استمرار رفع العقوبات عنها.
بدوره، قال وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، في لندن، إن ترامب “سيأخذ في اعتباره مجمل التهديدات الإيرانية، وليس فقط القدرات النووية الإيرانية”.
وأضاف أن الاتفاق يلزم الموقِّعين عليه بـ”المشاركة إيجابياً في الأمن والسلم الإقليمي والدولي”.
ونوه تيلرسون إلى أن طهران مستمرة في دعم نظام بشار الأسد بسوريا لتطوير ترسانة الصواريخ الباليستية وتنفيذ هجمات إلكترونية، من شأنها تقويض الأمن في الشرق الأوسط.
طهران تردُّ
من جهة أخرى، أكد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أن طهران لن يتم إجبارها على إعادة التفاوض حيال الاتفاق.
وكتب ظريف على تويتر، أن “اتفاقاً أفضل هو وهْم كامل. على الولايات المتحدة التوقف عن الألاعيب والبدء بالالتزام مثل إيران”.
معارضو ترامب يعتبرون أن تخليه عن الاتفاق سوف يمهد الطريق لإيران لمعاودة التخصيب النووي، ويرسل إشارة إلى كوريا الشمالية ودول نووية أخرى بأن نزوة رئيس يمكن أن تشطب الحل الدبلوماسي.
وقالت تريتا بارسي، رئيس المجلس الإيراني-الأميركي الوطني وأحد مناصري الاتفاق النووي: “نتائج انسحاب أحادي من الاتفاق ستكون كارثية، وتعزل الولايات المتحدة وتهدد بأزمة نووية ثانية وحرب مدمرة”.
عقوبات جديدة
والخميس، أعلنت واشنطن فرض عقوبات جديدة على إيران تستهدف 11 كياناً وشخصاً يدعمون الحرس الثوري أو ضالعين في هجمات معلوماتية على النظام المالي الأميركي.
وقالت وزارة الخزانة في بيان: “تم تجميد كل الممتلكات والمصالح إلعائدة الى الكيانات والأشخاص المستهدفين ومنع الأميركيين من ممارسة أي تبادل معهم”، موضحةً أن أحد الكيانات المستهدفة يقدم دعماً للبرنامج الإيراني للصواريخ الباليستية.
ويهدف الاتفاق، الذي أبرم بفيينا في يوليو/تموز 2015 بين إيران والولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا بالإضافة إلى ألمانيا، إلى ضمان الطابع المدني حصراً للبرنامج النووي الإيراني، في مقابل رفع تدريجي للعقوبات الدولية عن إيران، التي طالما نفت سعيها لتطوير السلاح النووي.
ونهاية الشهر الماضي، أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن إيران تحترم التزاماتها الواردة في إطار الاتفاق المبرم مع القوى الكبرى.
وأكدت الوكالة خصوصاً أن طهران امتنعت عن تخصيب اليورانيوم بنسب محظورة ولم يتجاوز مخزونها من اليورانيوم الضعيف التخصيب أو من الماء الثقيل المستويات المتفق عليها.
هاف بوست عربي