رفعت الإدارة الأميركية من حدّة تصريحاتها مع إرسال النظام السوري قوات إضافية إلى الجنوب، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة “تنذر حكومة #روسيا ونظام الأسد من مضاعفات جدّية نتيجة الخروقات، وتطلب من روسيا ضبط القوات المؤيّدة للنظام ومنعها من اتخاذ خطوات إضافية في منطقة التهدئة بالجنوب الغربي”.
لا ثقة بموسكو
يعبّر البيان الأميركي عن إحباط واضح، فواشنطن عوّلت على التفاهمات مع موسكو لتوجيه الجهود نحو القضاء على#داعش وإقامة مناطق تهدئة حيث تتمكن قوات #المعارضة من تطبيع الحياة اليومية.
يضمن الاتفاق الأميركي الروسي أيضاً بقاء القوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها بعيدة عن الحدود الجنوبية، والآن يرى الأميركيون أن هدفي الاتفاق مع موسكو ينهاران: فالنظام السوري يحرّك قوات ضخمة إلى الجنوب ويخرق نظام التهدئة، كما أن ميليشيات #إيران تتقدّم معه إلى منطقة درعا وتنتشر في المنطقة.
في تصريح لـ”العربية.نت” قال مسؤول في وزارة #الخارجية_الأميركية إن “روسيا وافقت على العمل مع النظام لإخراج القوات المدعومة من إيران لمسافة محددة من مناطق انتشار قوات المعارضة المعتدلة ومن حدود حليفنا إسرائيل والأردن”، وأضاف “إننا لم نرَ ذلك”.
يطرح هذا الأمر الكثير من التحديات على واشنطن، لأنها لا تريد الدخول في مواجهات مباشرة مع إيران في #سوريا، والدبلوماسيون الأميركيون يصابون مرة بعد أخرى بخيبة من موسكو، ولديهم قناعة أنهم لا يستطيعون الوثوق بروسيا وتعهداتها، ويعتبرون أن أهداف روسيا تختلف تماماً عن أهداف الولايات المتحدة، ويشعرون بإحباط كبير لأن موسكو تقدّم للنظام السوري كل أنواع الحماية في المحافل الدولية، وتقدّم له كل أنواع الدعم العسكري على الأرض، فيما تريد واشنطن لجم تصرفات النظام السوري من دون محاربته، وتريد من نظام الأسد الدخول في مفاوضات جدّية للتوصل إلى حل نهائي للحرب الأهلية السورية.
بولتون في موسكو
هذه واحدة من التحديات التي يواجهها مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون في زيارته الأولى إلى موسكو بعد أيام، وسيكون همّه الأكبر ترتيب اتفاق مع موسكو لـ”القضاء على النفوذ الإيراني”، خصوصاً في سوريا. فقد وضع الأميركيون استراتيجية واسعة لمواجهة إيران، وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية بوضوح على لسان مساعد وزير الخارجية بالوكالة دايفيد ساترفيلد أن الجنود الأميركيين موجودون وسيبقون في سوريا لمواجهة النفوذ الإيراني، والآن تشعر واشنطن أن عليها التوصل إلى رؤية مشتركة مع روسيا لضمان مخرج في سوريا يجيب عن كل الحاجات الاستراتيجية الأميركية.
بانتظار ظهور نتائج زيارة بولتون إلى موسكو وربما عقد اجتماع قمة بين الرئيسين دونالد ترمب وفلاديمير بوتين خلال الأسابيع المقبلة، تضع واشنطن شروط الحد الأدنى. وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية لـ”العربية.نت “على الميليشيات التابعة لإيران والمقاتلين الأجانب مغادرة سوريا للتوصل إلى حل سياسي مستديم للصراع”.
وبالتالي تربط واشنطن أي حلّ في سوريا بخروج إيران وميليشياتها، كما تريد أن تضمن ابتعاد إيران عن الحدود مع الأردن وإسرائيل، وتريد بمساعدة روسيا، قطع “الطريق السريع” الذي أقامته #طهران عبر بغداد ودمشق وصولاً إلى بيروت والبحر المتوسط.
لدى الإدارة الأميركية بعض مواطن القوة في سوريا، فالجنود الأميركيون منتشرون في منطقة شمال شرق سوريا وصولاً إلى دير الزور والحدود مع العراق، وفي منطقة التنف حيث تتجمّع قوات من المعارضة السورية. كما تقوم واشنطن بتنسيق موقفها مع الأردن وتنظر برضا وصمت إلى الغارات الإسرائيلية على الإيرانيين والميليشيات التابعة في سوريا.
مصادر المعارضة السورية في واشنطن تتحدّث عن خطورة من نوع آخر، وهي أن النظام السوري يحاول إقناع الأطراف المعنية أنه الطرف الأفضل لحماية الحدود الجنوبية، وهو مستعدّ لفعل ذلك بقوته وبدون عناصر إيرانية وموالية لها، وتضيف المعارضة أن إسرائيل لا ترى مشكلة في ذلك ما دامت إيران بعيدة عن حدودها، وستقبل بالنظام السوري على خط انتشار قواتها في الجولان كما حصل منذ العام 1973.
ما يزيد البلبلة حول ما يحصل في الجنوب هو نشر رسالة إلكترونية لم تتأكّد “العربية.نت” من صحتها، وتقول إنها من “حكومة الولايات المتحدة” وهي موجّهة لقادة الفصائل في منطقة درعا، وتقول إن واشنطن تتفهّم “الظروف الصعبة التي تواجهونها الآن ولا نزال ننصح الروس والنظام السوري بعدم القيام بأي عمل عسكري يخرق منطقة خفض التصعيد في جنوب غرب سوريا”، وتدعو الرسالة مستقبليها إلى اتخاذ قراراتهم “حسب مصالحكم ومصالح أهاليكم وفصيلكم كما ترونها، وينبغي ألا تسندوا قراركم إلى افتراض أو توقع بتدخل عسكري من قبلنا”.
المصدر : العربية