في تحليله لأزمة المهاجرين إلى أوروبا بعد 5 سنوات على نشأتها وموقف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من تدفقهم إلى بلادها عندما أعلنت في نهاية أغسطس/آب 2015 أن “ألمانيا بلد قوي.. ويمكننا معالجة هذا الأمر”، كتب إيشان ثارور أن ما فعلته ميركل، وليس ترامب، يبدو أنه قد ثبت صحته.
وأشار الكاتب في مقاله بصحيفة واشنطن بوست (Washington Post) إلى أن “هذا الأمر” كان تدفقا تاريخيا للمهاجرين واللاجئين، ومعظمهم من سوريا وأفغانستان والعراق، حيث أدى نزوحهم من بلاد الشام وشمال أفريقيا إلى مشاهد فوضوية في البلدان الواقعة على طول الحدود مع ألمانيا، وهدد هذا الوضع بإفشال نظام الحدود الداخلية المفتوحة للقارة.
ورأى في خطاب ميركل أنه كان ضرورة سياسية وأخلاقية، حيث أظهرت استطلاعات الرأي في ألمانيا وقتها دعم الأغلبية لنهجها. وحاولت السلطات إيجاد منازل لما يزيد عن مليون وافد جديد، ودمجهم في المجتمع الألماني، ولشجاعتها وحسمها جعلتها مجلة تايم الأميركية شخصية العام لعام 2015.
ومع ذلك كان رد الفعل العنيف سريعا ومستمرا، حيث استغل السياسيون اليمينيون المتطرفون في أوروبا استعداد السياسيين أمثال ميركل لفتح البوابات أمام المهاجرين الأجانب، ومعظمهم من المسلمين، لوصفه كأنه نوع من الخيانة.
وفي غضون أشهر انقلب الرأي العام ضد ميركل حيث طغت حوادث العنف المرتبطة بالمهاجرين على عناوين الأخبار وأشعلت السياسة الأوروبية وأعطى تدفق طالبي اللجوء زخما لحزب البديل اليميني المتطرف الذي كان هامشيا في السابق والذي أصبح أكبر حزب معارض في ألمانيا في البرلمان في عام 2017.
التخويف المستمر من المتطرفين الإسلاميين الذين يمكن أن يتنكرون في صفة لاجئين لم يكن في محله. وبدلا من ذلك كان هناك تصعيد واضح في التعبئة والعنف اليميني المتطرف في ألمانيا، كما حدث في فبراير/شباط عندما قتل إرهابي يميني 9 أشخاص في إحدى ضواحي فرانكفورت
وعبر الأطلسي انضم ترامب أيضا إلى المعركة، في 2015 كمنافس لترشيح الحزب الجمهوري، عندما استغل حوادث مثل هجوم تنظيم الدولة الإسلامية في باريس الذي شارك فيه عدد قليل من المهاجرين الذين سلكوا نفس طريق اللجوء من سوريا، لتبرير مقترحات لإلغاء الولايات المتحدة برامج اللاجئين وحتى منع جميع المسلمين من السفر إليها.
وحفزت كراهية الأجانب الصريحة في نبرة صوته قاعدة يمينية، ورفعته إلى الرئاسة. وخلال رئاسته كان بين الحين والآخر يهاجم ميركل بلا هوادة لاستسلامها المفترض للمهاجرين.
ومع ذلك لفت الكاتب إلى أن البيانات الجديدة المتوفرة الآن تدحض هستيريا منتقدي ميركل المناهضين للهجرة. وأشار إلى وجود قصة نجاح للتكامل يجب أن تروى.
فقد ذكرت صحيفة غارديان البريطانية أن “أكثر من 10 آلاف شخص وصلوا إلى ألمانيا كلاجئين منذ عام 2015 أتقنوا اللغة بما يكفي للتسجيل في إحدى الجامعات الألمانية. وأكثر من نصف الذين جاؤوا يعملون ويدفعون الضرائب. ومن بين الأطفال والمراهقين اللاجئين قال أكثر من 80% إن لديهم شعورا قويا بالانتماء إلى مدارسهم الألمانية ويشعرون بأنهم محبوبون من أقرانهم”.
كما أن هذا التدفق للوافدين لم يثبت أنه أصعب في الاستيعاب من مجتمعات المهاجرين السابقة. فقد أشارت مجلة إيكونومست إلى أنه “بحلول عام 2018 كان 43% من طالبي اللجوء في سن العمل الذين وصلوا بين عامي 2013 و2016 في القوة العاملة أو في التدريب (مقارنة بأكثر من 75% من الفئة العمرية ذاتها في ألمانيا ككل) أفضل من موجة اللاجئين من يوغوسلافيا في التسعينيات”.
ولفت الكاتب إلى أن التخويف المستمر من المتطرفين الإسلاميين الذين يمكن أن يتنكرون في صفة لاجئين لم يكن في محله. وبدلا من ذلك كان هناك تصعيد واضح في التعبئة والعنف اليميني المتطرف في ألمانيا، كما حدث في فبراير/شباط عندما قتل إرهابي يميني 9 أشخاص في إحدى ضواحي فرانكفورت.
وختم مقاله بأن ميركل لا تبدو نادمة على قرارها المصيري في عام 2015 عندما قالت في وقت سابق من هذا الصيف، وهي تتحدث عن العذاب الذي بدا أن العديد من طالبي اللجوء يواجهونه، “سأتخذ نفس القرارات بشكل أساسي. وعندما يقف الناس على الحدود الألمانية النمساوية أو الحدود المجرية النمساوية يجب معاملتهم كبشر”.
نقلا عن الجزيرة