أعلنت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية في افتتاحيتها تأييدها للمرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية، هيلاري كلينتون، وقالت إنها مهيأة لتكون “رئيسة ممتازة للولايات المتحدة”.
وأوضحت “واشنطن بوست” أنه بالرغم من كآبة وبشاعة هذا الموسم السياسي “هناك حقيقة مشجعة عادة ما يتم تجاوزها وهو أن لدينا مرشحا مؤهلا ومهيأ للرئاسة، إنها هيلاري كلينتون فهي مهيأة لتكون رئيسة ممتازة للولايات المتحدة ونعلن عن تأييدها دون تردد.. وسنشرح بعد قليل سبب ثقتنا. ولكن لنجب أولا عن السؤال المتوقع: لا، لم نعلن هذا التأييد ببساطة لأن منافس كلينتون شخصية بغيضة”.
وقالت: “نحن ندرك أن كثيرا من الأمريكيين لا يثقون بكلينتون ولا يحبونها، وجزء من هذه المشاعر السلبية تعكس جزئيا طبيعة السياسة الحزبية المرة في بلدنا اليوم، وجزئيا الهجمات غير الأمينة ضدها لمدة عقود، وكذا بسبب أخطائها الحقيقية وهفواتها ونقاط ضعفها”.
وتابعت: “كما أننا لا نعمي أعيننا عن أن كلينتون تخبئ المعلومات وتغطي على الحقائق من اجتماعاتها المغلقة مع لجنة الصحة إلى فضيحة وايتووتر. ومن الإيميلات الشخصية التي أمرت بمحوها إلى الالتهاب الرئوي الذي حاولت تغطيته. ثم إنها ليست الأولى هي وزوجها اللذين يستفيدان ماديا من إلقاء المحاضرات، وإن كانا قاما بذلك على مستوى غير مسبوق. كما أن كلينتون لا تتمتع بكاريزما خارقة فليس عندها بلاغة الرئيس أوباما ولا السحر الشعبوي لجورج بوش الابن ولا حتى زوجها”.
واستدركت: “لكن، وفي هذا الزمن قد يكون هذا الضعف الأخير هو قوة في واقع الأمر. فإن تم انتخاب كلينتون فسيكون عليها أن تحكم بلدا منقسما وتعمل مع أعضاء كونغرس حريصين على إفشالها، وفي الوقت ذاته سيدعي منافسها المهزوم بأن فوزها كان مزورا”.
وتعلق: “ما هو الحل في هذه الأجواء، إما الثورة كما كان يدعو منافسها الديمقراطي أو أن تعد بنسف النظام كما يفعل منافسها ترامب؟ ولكن الحلين يؤديان إلى طريق مغلق. إلا أن كلينتون تعلم أنه إن كان بالإمكان التقدم فسيكون تقدم تدريجي ويحتاج إلى تعاون من الحزبين. فقد تكون أهمية البلاغة والسحر أقل من السياسة والمثابرة”.
وبعد كل هذا تنصف الصحيفة المرشحة الديمقراطية وتقول: “من العدل أن نتفحص تاريخ كلينتون العملي والتجارب التي تعلمت منها وجهزتها بشكل جيد لهذه البيئة. فشلت كسيدة أولى عندما حاولت إعادة صياغة نظام العناية الصحية الأمريكي بشكل راديكالي، ولكن بدلا من التراجع عادت ودخلت المعترك لمساعدة إدخال إصلاح بسيط ومهم حيث وسعت الخدمات الصحية لتغطي الأطفال الفقراء”.
وأضافت: “وكذلك محاولتها فتح صفحة جديدة في العلاقات مع روسيا عندما قدمت لوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف مفتاحا مكتوبا عليه (reset) عام 2009 وكذلك الدعم الفاتر لأوكرانيا عندما قامت روسيا بغزوها. ولكن نقد هذه المناورة ليس في مكانه حيث كان رئيس روسيا حين أطلقت هذه المبادرة هو ديمتري مدفيدف وليس فلاديمير بوتين ولم يعرف أحد كيف ستجري الأمور. فكان فعلها اختبارا ذكيا لاستعداد مدفيدف للتعاون”.
ولفتت “واشنطن بوست” أن كلينتون “حققت بعض التقدم في العلاقات مع روسيا مثل تقييد الأسلحة النووية وتسهيل إرسال الإمدادات للجيش الأمريكي في أفغانستان عبر الأراضي الروسية. وعندما فرض بوتين نفسه ثانية، أصبحت السياسة الروسية أكثر عدوانية وكانت رؤية كلينتون واضحة حول حاجة أمريكا لتعديل سياستها”.
وتمضي الصحيفة بالقول: “كانت الرؤية واضحة لديها بعد كسب الانتخابات لمجلس الشيوخ عام 2000 حيث كان للمرء أن يتوقع أن تكون قد حملت بعض الأحقاد وخاصة تجاه مشرعي الحزب الجمهوري الذين كانوا قد هاجموا زوجها بصفة شخصية وبأسوأ ما يمكن خلال اتهامه ومحاكمته أمام مجلس الشيوخ. ولكن زملاءها من الحزبين وجدوا أنها تعمل بشكل مهني ولديها معرفة جيدة وتهدف إلى الإنجاز ومستعدة للتعاون مع الحزب الآخر والأقل تركيزا على الحصول على السمعة”.
وعن فترتها كوزيرة للخارجية تقول الصحيفة إن “الموظفين المهنيين في وزارة الخارجية يشهدون لها بهذه الصفات كوزيرة للخارجية خلال الفترة الرئاسية الأولى لأوباما، حيث كان لديها الاستعداد للاستماع لمختلف الآراء ومستعدة لقبول النصائح الذكية، وكان يحترمها الموظفون ونظراؤها الدوليون”.
“وتوفر حملتها الانتخابية لعام 2016 حالة للدراسة التي تبين كيف تعلمت الدروس فقد كانت حملتها مثالا على الفعالية والانتظام بعد حملة أقل انتظاما في 2008”.
وتخلص للقول: “بعبارة أخرى، فإن كلينتون مثابرة ومرنة وهادفة وذكية. على عكس السيد كلينتون أو السيد بوش عندما فازا. وهي تعرف واشنطن، على عكس أوباما عندما فاز، ولديها خبرة تنفيذية. ولا تسمح لمشاعرها أن تؤثر على المهمة التي هي بصددها. وهي في موقع إنجاز”.
وبعد كل هذا “ماذا يمكن أن تفعل؟ إن طموحاتها أقل مما نأمل عندما يتعلق الأمر مثلا بإصلاح برامج الاستحقاق غير القابلة للاستمرار أو التعليم الجامعي المجاني كما يرغب معظم من في حزبها ولكن معظم برنامجها جدير بالثناء وأجزاء منه قابلة للتحقيق: إصلاح الهجرة وزيادة الاستثمار في البنية التحتية والأبحاث والتعليم، التي ينفق عليها بفرض ضرائب أعلى على الأثرياء. سياسات أفضل للإجازات العائلية وإصلاحات للعدل الجنائي. ففي زمن تباطأ فيه النمو وزادت الفجوة في المداخيل كل هذه النقاط منطقية وكذلك دعمها لإجراءات تخفف ممن التغييرات المناخية وكذلك تنظيم ملكية الأسلحة النارية”.
وتقول: “تفهم كلينتون أهمية الدور القيادي الذي تضطلع به أمريكا في العالم. وكانت داخل إدارة كلنتون صوتا للديمقراطية وحقوق الإنسان والاستقرار، وكان أوباما يستمع أحيانا مثل (الطفرة في أفغانستان) وأحيانا لا يسمع مثل (التدخل في سوريا) والعالم أكثر خطورة بسبب ذلك”.
وتعلق الصحيفة الأمريكية بالقول: “كانت سياستها الخارجية أكثر صلاحية من رئيسها، وبالرغم من ميلها يسارا خلال الانتخابات الأولية لتتجاوزها ضد منافسها ساندرز إلا أنها بقيت متمسكة بالقيمة الأساسية المتعلقة بتفاعل أمريكا في العالم. وسيجدها الحلفاء أكثر اعتمادا من الرئيس الحالي وأكثر اعتمادا من منافسها. وسيكون العالم أكثر أمنا كنتيجة لذلك”.
ولم تخف الصحيفة قلقها فقالت إن “المقلق حول رئاستها (كلينتون) هو أن هناك بعض الدروس التي لم تتعلمها مثل الانفتاح والمسؤولية. فاستخدامها لخادم إيميل خاص كان خطأ وإن لم يكن جريمة. كما أن البطء في تفسيرها لم يجعل الأمر أفضل وابتعادها لفترات طويلة عن مساءلة الإعلام خلال حملتها ليس أمرا مشجعا”.
وعن مؤسسة كلينتون تقول الصحيفة إنها “تقوم بأعمال في أنحاء العالم، ولكن كان من الخطأ أن توظف فيها مستشارا لها في الوقت الذي كان لا يزال موظفا في الحكومة”.
وأكدت أن المرشحة الديمقراطية للرئاسة الأمريكية “نشرت حساباتها وضرائبها وذلك أفضل مما فعل ترامب الذي أظهر نفسه بأنه متعصب، وجاهل، ومخادع، ونرجسي، وانتقامي، وتافه، ومبغض للنساء، وغير مسؤول ماليا”.
عربي 21