مع تصاعد المخاوف من فيروس كورونا وجد الأطباء والممرضون الذين يقاتلون على الخط الأول في مقاومته أنفسهم عرضة للإنتهاك والهجوم.
ففي تقرير لصحيفة “واشنطن بوست” قالت فيه “أن تكون طبيبا وسط وباء فيروس كورونا أمر صعب ولكن سانجيباني بانجغراهي، الخبيرة النفسية في مستشفى حكومي، غرب الهند وجدت أن جيرانها انقلبوا عليها”. وأخبرتها امرأة في الحي “نحن متأكدون أنك مصابة بكورونا”، وقالت إن جيرانها في العمارة السكنية صرخوا في وجهها قائلين “لن نسمح لك بدخول البناية”.
وتعلق الصحيفة أن عمال الصحة والأطباء يحظون في بعض المدن بثناء وتصفيق حار نظرا للساعات التي يقضونها وهم يعملون في علاج المصابين بالفيروس، وفي مدن أخرى يواجه الأطباء والطواقم الطبية التمييز بل والهجوم. ففي المكسيك وكولومبيا والهند والفلبين وأستراليا ودول أخرى بدأ السكان الذين يرعبهم فيروس كورونا بمهاجمة العاملين في القطاع الطبي ويرمونهم بالشتائم وطردهم من شققهم وحتى رش مزيج من الماء والكلور عليهم، لتطهيرهم على ما يبدو. ويظل الجناة أقلية من السكان إلا أن السلطات المكسيكية التي خشيت من تعرض الطواقم الطبية للتحرش والإنتهاك خصصت حافلات خاصة للممرضين والممرضات. وفي أجزاء من استراليا حثت السلطات الممرضين على عدم ارتداء زيهم الخاص في الشوارع العام خشية تعرضهم للهجمات.
وفي الأسبوع الماضي أمر الرئيس الفليبيني روديغو دوترتي الشرطة بتقديم الحماية للطواقم الطبية والإبلاغ عن أي هجوم يتعرضون له، بما في ذلك رش البعض مادة مبيضة على وجوه الموظفين في المستشفى.
وتعلق الصحيفة إن العدوانية التي أبداها البعض في عدد من الدول صدمت العاملين في المجال الطبي الذي يعملون تحت ضغوط شديدة وماتت أعداد منهم حول العالم بسبب إصابتهم بفيروس كورونا. وفي عدد من الدول تعمل الطواقم الطبية دونما توفر للبدلات الواقية وحتى الأقنعة الطبية.
وتقول بانيغراهي، الخبيرة الصحية “أتفهم خوف الناس ولكن شتم الأطباء ليس مقبولا” و “نحن أكثر عرضة للخطر منهم”. وانتهت حالتها عندما تدخلت الشرطة والساسة في المنطقة حيث اعتذر لها الجيران قائلين إن الأخبار حول الفيروس أرعبتهم. ولكن بقية العاملين في المجال الصحي في الهند لا يزالون يتعرضون للسباب. وكتبت نقابة الأطباء رسالة إلى الحكومة المركزية قالت فيها إن الكثير من الأطباء والعاملين الطبيين طردوا من بيوتهم. وقالت “هناك الكثير من الأطباء عالقين في الطرقات مع حقائبهم ولا يعرفون أين سيذهبون، وفي كل أنحاء البلاد”. وتقول السلطات إن الهجمات تعكس سوء فهم للفيروس وأن المستشفيات تمارس قواعد نظافة صارمة لمنع انتشاره.
وفي مثال صارخ قام رجل بإطلاق النار على مسعف في سيارة إسعاف في منطقة كوزيون بالفلبين. وخاف المهاجم أن تدخل العربة قسما فرعيا وتنشر الفيروس. وقال مركز بيتر بول الطبي في كاندليرا إن السيارة كانت تنقل طواقم طبية إلى المستشفى وليس مصابون بالفيروس. وأضافت المستشفى أن السيارة يتم تعقيمها وتطهيرها بشكل منتظم. وأضافت الصحيفة أن هجمات متفرقة ضد العاملين الطبيين حدثت حول العالم بما فيها الولايات المتحدة. وفي الأسبوع الماضي قالت ممرضة من شيكاغو لمحطة محلية “إي بي سي7 تي في” إنه تعرضت للكمة على عينها عندما كانت في الحافلة من رجل اتهمها بنشر الفيروس. وأضافت أنها عندما تذهب إلى العمل وتعود منه بملابسها تراقب الناس يتبعدون عنها. وتحدثت للمحطة بشرط عدم الكشف عن هويتها حيث قالت “أعتقد أن القلق هو أن أي عامل صحة هو معد” وحامل للفيروس. وتخشى السلطات من أن ينفجر الخوف من العمال الصحيين على شكل هجوم عليهم وعلى المؤسسات الصحية. ففي عاصمة ساحل العاج، أبيدجان حاول المحتجون تدمير مركز فحص لفيروس كورونا تحت الإنشاء. وأظهرت لقطات فيديو متظاهرين وهم يفككون الألواح الخشبية في وقت حاولت فيه الشرطة إطلاق الغاز المسيل عليهم. ونقلت وكالة أنباء “رويترز” عن البعض قولهم إنهم لا يريدون أن يكون المركز قريبا منهم. وقال أحدهم “إنهم يريدون قتلنا”. وقال المسؤولون إن المركز لم يصمم لعلاج مرضى كوفيد-19 بل للفحص والتأكد من وجود الفيروس.
ويقول العاملون الطبيون إن الهجمات والشتائم قد تؤدي إلى إحباط معنويات العاملين في الوقت الذي تزداد الحاجة فيه إليهم. وقال رئيس تحالف قادة الممرضين الشباب والمدافعين عنهم في الفلبين رينجير أنتيكويرا “إذا استمرينا بالتحرش بهم فسيتركون أعمالهم وسيكون نظامنا الصحي في خطر”.
وفي المكسيك انتشرت الريبة من الممرضين والممرضات لدرجة أنهم توقفوا عن الذهاب إلى العمل بملابسهم الرسمية. وتقول لويزا كاستيلو، إنها طالما ارتدت زيها الأبيض وبفخر لكنها اكتشفت في يوم أنه أصبح تهمة. وبعدما أنهم مناوبتها اليومية في مستشفى غوادلاخارا المدني، كانت تقف وحدها عند محطة الحافلة التي تجاهلتها وتوقفت عند مجمع سكني قريب وأنزلت الركاب. و “كان واضحا أنهم لم يكونوا يريدون السماح لي بالركوب”. وكانت واحدة من ممرضين من ولاية جاليسكو تقدموا بشكاوى تمييز وتحرش ضدهم. وردت الحكومة بتوفير حافلات خاصة وأقنعة واقية. وفي ولاية دورانغو في الشمال استدعى المسؤولون أصحاب شركات الحافلات وأكدوا ألا مخاطر صحية لنقل العمال في القطاع الطبي. وقال فرناندو لويس كويتنوس، المتحدث باسم وزارة الصحة “نشاهد كيف يقوم الناس في إيطاليا بالتصفيق للممرضين عندما يغادرون بيوتهم إلى المستشفى”. وقال إن هناك حافلات خاصة تقوم بنقل الممرضين وسيارات تنقلهم بتخفيض نسبة 30% من الأجرة. وتقول الممرضة ساندرا أليمان أنها استمعت للنصيحة: لا ترتدي الزي في الشارع العام ولكنها عندما كانت في طريقها يوم الجمعة إلى المستشفى العام لمناوبتها الليلية توقفت لتشتري قهوة من محل. وعند خروجها بدأ الأطفال برمي الشراب والصودا عليها وهم يصرخون “كوفيد، كوفيد”. وعندما عنفت أليمان الأطفال صفعتها والدتهم في وجهها، وعندما حاولت الهروب وقعت وكسرت إصبعها. وهي تعاني الآن من خوف لم تعهده أبدا وهو الخروج إلى الشارع بزيها ولكنها تخطط للعودة إلى العمل عند تعافيها.
نقلا عن القدس العربي