في حوار الخلية التي اغتالت الناشط الإعلامي “أبو غنوم” وزوجته في مدينة الباب بحلب برر أحد القتلة الجريمة بأن ” المعلم هيك بدو “، دون أن يذكر سبباً آخرا لارتكابه هذه الجريمة البشعة.
المرعب في هذا الاغتيال ليس الفعل بذاته على عظم الجرم وشناعته بل مقدار ما وصل إليه البعض من الاستهانة بالأرواح، والجرأة على الدم الحرام لمجرد إرضاء “المعلم”، الذي لا يعدو أن يكون سمساراً بالثورة أو صاحب مصلحة أو خلاف مع المقتول.
تبرير فعل الاجرام والتوحش الذي أصبحنا نراه في عمليات القتل والاغتيال ليس وليد اللحظة بل هو قديم متعمق في نفوس البعض منذ سنوات، ويمكن أن نجد جذوره في الفكر الفاشي للنظام السوري الذي يرفع جنوده شعار “نفذ ثم اعترض”، أي اقتل ودمر المدن والبيوت فوق رؤوس أصحابها وارتكب المجازر بحق المدنيين بمجرد أن يصدر لك الضابط الأمر، ولا داعي لأن يؤنبك ضميرك أو يخزك دينك وأنت تسمع أصوات الثكلى والأطفال وصراخ المصابين فالأمر قد صدر و “هيك بدو المعلم”.
هذا الفكر أشنع من الجريمة ذاتها لأنه يعطي المجرم الأمان العاطفي والأخلاقي ويجعله يمارس ساديته بالقتل والتعذيب، ثم يعود لمنزله يمارس طقوس حياته الاعتيادية وربما تجده في الصفوف الأولى في المسجد يحتفل بعيد المولد ويذرف الدموع، كالمشهد “الفنتازي” الذي ظهر به بشار الأسد في مسجد بني أمية أخيراً يتلقى التهاني بعيد المولد ويوزع البركات على الحضور والحاضرات، وكأنه لم يقتل الآلاف ولم يهجر الملايين، أو هو حال عناصره الذين يرتكبون الجرائم بحق الشعب بدم بارد ويتصورون “سيلفي ” وهم متلبسين بجرائمهم ..وإذا سألتهم لماذا؟ يقولون لك “عبد المأمور” و” هيك بدو المعلم “.
إلقاء المسؤولية على الرتب الأعلى لا يعفي من يباشر بفعل الإجرام من المسؤولية فهو شريك بنفس المستوى دينياً وجنائياً وأخلاقياً ولا يمكن تسويغ فعله بالإكراه أو الخوف من العقاب أو “هيك بدو المعلم”.
محمد مهنا – مقال رأي