• د. محمد عادل شوك:.
لمّا عزمت إيران على تصدير ثورتها في عهد الخميني، عاجلها صدام بضربة استباقية في ( 22/ 9/ 1980م )، حيث عبرت التشكيلات البرية العراقية الحدود المشتركة معها، لتصبح أطول حرب في القرن العشرين، و أكثرها دموية في الشرق الأوسط، جاء ذلك بعد سلسلة اجتماعات طويلة في كل القواعد الجوية العراقية الإحدى عشرة، نتج عنها تحييد القوة الجوية الإيرانية منذ الوهلة الأولى.
و لمَّا حانت لحظة تجرّع السمّ لدى الخميني في ( 20/ 8/ 1988م )، تبخرت أحلامه في تصدير ثورته، و جعل مشروعه في تصدير الثورة يتأخر لأكثر من ثلاثين سنة.
و هو الأمر ذاته الذي فعلته إسرائيل في ( 5/ 6/ 1967م )، عندما فاجأت الجبهة المصرية بضربتها الاستباقية، التي أخرجت المطارات المصرية عن الخدمة خلال أربعة و عشرين ساعة.
و مؤخرًا أقدم الملك سلمان على الأمر ذاته في ( 26/ 3/ 2015 م )، حيث أطاشت ضربته الاستباقية سهامَ ( صالح، و الحوثي )، اللذين اتكأ عليهما فلول التآمر على ثورات الربيع العربي، و إيران على حدٍّ سواء.
و الأمر ذاته فعلته روسيا في سورية في ( 30/9/ 2015م )، مستفيدين من حالة التراخي الأمريكية من ناحية، و التباطؤ التركي من ناحية ثانية، و الانشغال السعودي في اليمن من ناحية ثالثة، و حالة التشرذم لدى الفصائل الثورية، ما بين محليٍّ و عالمي من جهة رابعة، و حالة الاحتقان لدى الحواضن الشعبية للثورة من ثُلَّة من الفاسدين المحسوبين على صفوف الثورة من جهة خامسة.
و هو ما جعل ميزان القوى يتغيّر دراماتيكيًا لصالح النظام، و قد كان أوضحه في ثلاث جبهات مهمّة ( الشيخ مسكين، الساحل، ريف حلب الشمالي ).
و الآن بعدما عزمت المملكة على الشروع في تدريبات عسكرية ستجرى في شمال المملكة، في العاشر من هذا الشهر تحت اسم ( رعد الشمال )، كجزء من إعدادها لمكافحة تنظيم داعش في سورية، بحسب ما كشف مصدران سعوديان لشبكة ( سي إن إن )، حيث من المتوقع أن يصل عدد المتدربين إلى ( 150 ) ألفًا، معظمهم من السعوديين، إلى جانب قوات مصرية، سودانية، أردنية، و تأتي في وقت تتوقع فيه السعودية السيطرة على العاصمة اليمنية صنعاء قريبًا.
ثمّ ستتطوّر الأمور لتكوين نواة قوات بريّة للتدخل في سورية بمشاركة المغرب، تركيا، الكويت، البحرين، الإمارات، قطر، و ذلك بعد أسبوعين من تعيين السعودية وتركيا قيادة للقوات المشتركة التي ستدخل سورية من الشمال عبر تركيا.
إذْ ترى السعودية أن الغارات الجوية وحدها لن تهزم داعش، و لابُدّ من وجود قوات لمسك الأرض عقب الضربات الجوية، و عندما يُهزم التنظيم يُمكن لهذه القوة المشتركة أن تقوم بإعادة التوازن لساحة القتال ونشر السلام في هناك، عوضًا عن حالة التراجع لصالح النظام، مسنودًا بدعم روسي وإيرانيّ واضحين.
تأتي هذه التطوّرات بعد قيام النظام و حلفائه الروس على وجه الخصوص بإفشال مؤتمر جنيف 3؛ اتكاءً على حالة التراجع لصالحهم، و لاسيّما في تلك الجبهات الثلاث.
و في ظلّ مسعى سعوديّ لكسب الجولة في اليمن ضد إيران، بعد علوِّ نبرتها عقب دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ؛ و لاسيّما أن المراهنة على كسب هذه الجولة مهمّة جدًا للملك سلمان، و وزير دفاعه محمد بن سلمان، داخليًا و خارجيًا، و هو الأمر الذي سيرسم شكل الهرم في المملكة لسنوات طويلة قادمة.
فهل سينجح هذا المسعى في إنقاذ الموقف في سورية، بعدما عبثت الأيادي الإيرانية و الروسية في مشهده كثيرًا، على مدى ( 1745 يوم و ليلة )