“أورينت نت”
تشهد منطقة جنوب دمشق مزيداً من حالات التوتر بين بعض فصائل الثوار، بينما يعاني السكان من الآثار التدميرية للحصار، حيث وصلت أسعار المواد الغذائية لمستويات غير معقولة ولا يمكن تصديقها، بينما وصل أعداد شهداء الجوع 250 شهيداً.
من جهته يقوم النظام بمحاولات لزرع الفتنة بين بلدات الجنوب الدمشقي، من خلال اتفاقيات “الهدن” التي أبرمها مع بعض البلدات، وحرمان البلدات الأخرى من المساعدات والمواد الغذائية.
الإغاثة فقط لأهل البلد!
قامت بلدات “ببيلا، بيت سحم ويلدا” بالاتفاق على هدنة مع النظام في شهر شباط 2014 بينما بقي حي “التضامن” ومخيم “اليرموك” تحت حصار خانق، حيث يعاني الأهالي الأمرين.
مع ابرام الهدنة بدأت أسعار المواد الغذائية بالانخفاض التدريجي، على سبيل المثال سعر كيلو الرز انخفض من 12000 إلى 250 ليرة سورية بعد فتح معبر ببيلا (سيدي مقداد).
مع بدء دخول المواد التموينية والسيارات الاغاثية، كانت الاعانات فقط لأهل بلدات ببيلا وبيت سحم ويلدا، حيث أن الجواب على محاولات السكان من باق يالاماكن الحصول على المواد التموينية هو (الإغاثة فقط لأهل البلد)، ويعود الأطفال والنساء خائبين مذلولين، من أجل بعض المواد التموينية التي وإن اصبحت بأسعار رخيصة نسبياً إلا أن الحصار قد استنزف موارد الكثيرين من السكان.
الخالة “أم توفيق”
هذا الشرط الغريب بتخصيص الاغاثة لاهالي البلدات المهادنة فقط سيؤدي إلى كثير من النزاعات والمشاكل.
“الخالة أم توفيق” سيدة من حي التضامن فقدت ابنها بسبب الحصار المفروض على الحي بينما ارتقت ابنتها شهيدةً في مجزرة “علي الوحش” *، أما زوجها الذي كان في صفوف الثوار فقد أصيب في إحدى المعارك ولا يمكنه الحركة.
كانت “الخالة أم توفيق” تجلس على الرصيف في أحد شوارع يلدا، شاحبة اللون وثيابها مغبرة، وقالت “أم توفيق” للأورينت نت عند سؤالها عن حالتها “ما رضيو يعطوني شي حتى رغيف الخبز … قالوا لي: اذا لم يكن معي كرت اغاثة أهل يلدا فلا نستطيع اعطائك قشة “.
“كيلو رز”!
أعيد اغلاق معبر ببيلا، بعد تسعة أشهر، بشكل كامل بسبب مقتل أحد عناصر الميلشيات الشيعية على طريق المطار، وبعد ساعة من إغلاق المعبر سحبت جميع المواد التموينية من الاسواق، وبدأت المواد الغذائية تباع خلسة، وبأسعار مرتفعة جدا، فسعر الكيلو الواحد للسكر ارتفع من (250) إلى 3000 ليرة، وقتل في الحصار الثاني ثلاثة من المدنيين من مخيم اليرموك.
بعد مرور حوالي الشهر على اغلاق المعبر اشتبكت مجموعة من الثوار من مخيم اليرموك مع مجموعة أخرى من يلدا وتدخلت جبهة النصرة لفض الاشتباك وما زالت المفاوضات جارية بين الطرفين لانهاء النزاع.
يقول “أبو محمد” أحد سكان المخيم “للأورينت نت ” عن الخلاف مع ثوار يلدا: في اليوم الثلاثون على إغلاق معبر ببيلا كانت إحدى نساء المخيم في السوق تريد أن تشتري بعض الطعام “ما يكفيها ويكفي أولادها ليوم واحد”، فوقفت على إحدى البسطات وسألته: ألديك رز؟ فحاول البائع كما روت المرأة أن يستغل حاجتها، فتوجهت فوراً إلى أحد قادة الكتائب في المخيم وأخبرته بما جرى، فتعهد لها بأنهم سيقتصون لها من البائع ويعاقبونه.
توجه قائد الكتيبة مع بعض عناصره في اليوم الثاني إلى سوق يلدا، وعند وصولهم إلى المتجر المعني، قال البائع: ” أنا ابيع ما أريد ولمن أريد وبالسعر الذي أريد “. وخرج عليهم بسلاحه وبدأ بإطلاق النار بشكل عشوائي، فتركه عناصر الكتيبة ليعودوا بأسلحتهم ليجدوا أن كتائب من يلدا قد تمركزت في المكان، ومنعتهم من دخول السوق، ودارت الاشتباكات بين الطرفين لمدة ساعة تقريباً، قبل أن تتدخل “جبهة النصرة” بين الطرفين.
على الطرف الآخر، فإن أهالي يلدا يروون القصة بشكل آخر، ويصرون على أن البائع لم يقل ما زعمته المرأة، ولم يحاول استغلال حاجتها وانما ذكر لها فقط سعر الرز.
تجري الآن المفاوضات بين الطرفين حيث يطالب أهالي يلدا بتشكيل محكمة للبت في القضية، بينما يطالب أهالي المخيم بالإضافة لتشكيل المحكمة بتزويد الأسواق بالمواد التموينية وتوحيد الأسعار.
يقول ناشطو المنطقة إن هذه “المشاكل الحياتية” تحدث بشكل شبه يومي، فالحصار الطويل وغياب مرجعية موحدة للتدخل وفض النزاعات يؤدي إلى انتشار هذا النوع من المشاحنات التي قد تتظور “لما لا يحمد عقباه” فالجميع يسعى لتأمين قوت يومه، وطالبوا بتشكيل جسم قضائي موحد “لفض النزاعات وتنظيم العلاقات بين السكان والتجار”.