إذا ما كنت تعتقد بأن بعض نظريات المؤامرة باتت أكثر من مجرد مصادفة قوية، فإنك ستُعجب بهذه المقالة، إن خبراء انقطاع الإنترنت في مركز مراقبة الشبكة العنكبوتية في الولايات المتحدة “دين”، جنباً إلى جنب مع العديد من مستخدمي تويتر والمدونين، يعتقدون بأن سفينة التجسس البحرية التابعة للمخابرات الروسية تقوم بالتنصت وتعطيل الكابلات تحت الماء في البحر الأبيض المتوسط والتي تغذّي سوريا بالإنترنت، في حين أن خبراء الاتصالات يقولون بأن الأمر ليس مرجحاً، ومع ذلك هناك العديد من العوامل التي يبدو بأنها تدعم هذه النظرية.
تبدأ القصة في سبتمبر عام 2015، عندما تم الاشتباه بقيام – يانتار- السفينة التابعة للبحرية الروسية بالتجسس على أسطول الغواصات النووية الأمريكية قبالة سواحل كوبا، واعتقدت حينها المخابرات الأمريكية بأن السفينة كانت تجمع البيانات من كابلات توجد تحت الماء في منطقة البحر الكاريبي في حين تتجسس أيضاً على أسطول الغواصات، ووفقاً لصحيفة نيويورك تايمز، فإن – يانتار- والتي وُظّفت رسمياً بوصفها سفينة تابعة لقوات البحرية الروسية الأوقيانوغرافية، كانت مجهزة أيضاً باثنين من الغواصات المستقلة.
وبالتحديد في أكتوبر من 2016، قامت تلك السفينة ذاتها بالرسو قبالة سواحل سوريا، وذلك وسط انقطاع للإنترنت في البلاد أبلغت عنها Dyn الأمريكية، وباتت كل من سوريا ولبنان في الآونة الأخيرة تعانيان من عدم استقرار في شبكة الإنترنت، وفقاً لـ Dyn الأمريكية، ويعتقد البعض بأن تلك المشاكل لا يمكن نسبها إلى تلك السفينة الروسية.
وقال دوغ مادوري، المحلل في دين لصحيفة motherboard بأنه لاحظ تنامياً كبيراً مؤخراً في عدم استقرار الإنترنت في سوريا، وأشار مصدر له من سوريا إلى أن كابلات الإنترنت الموجودة تحت الماء كانت سبب تلك المشاكل.
وقد تم تسجيل تحركات “يانتار” في البحر الأبيض المتوسط على مدى الأسابيع القليلة الماضية، وفي صور لخرائط غوغل متاحة للجمهور يمكن رؤية هذا، كما أن هنالك مجتمعاً نشطاً من مستخدمي تويتر أيضاً يقومون بتتبّع كل حركة ليانتار.
“إن هذه السفينة الآن ترسو قبالة السواحل السورية، لربما لأغراض البحث، إن الأمر يبدو معقولاً” كذلك أخبر مادوري لـ motherboard في اتصال عبر الهاتف عند مناقشة حقيقة النظرية، كما أضاف: “إن هناك نوعين من المواضيع المختلفة من الحقائق التي يمكن الاعتماد عليها، لقد حصلت على البيانات التي تبين أن هناك عدم استقرار في شبكة الإنترنت في كل من سوريا ولبنان في الأسبوع الماضي، كما أن لدي مصدر في سوريا والذي قال بأن الأمر يعود للكابل البحري المتعلق بتكنولوجيا المعلومات، إن تلك هي الحقائق المتواجدة حالياً، في حين أن هناك بعض الأشياء المتعلقة بهذه السفينة، إنها لمصادفة مرعبة”.
إن مدونة البحرية Hisutton.com تقوم أيضاً بتتبع السفينة “يانتار”، باستخدام بيانات النقل البحري المتاحة للجمهور لمراقبة قربها من كابلات الإنترنت المتواجدة تحت المياه السورية، إذ يعرض الموقع تحركات “يانتار” بما يتعلق بالكابلات تحت سطح البحر، والمتوجهة من قبرص إلى سوريا.
في حين أن الصدف من انقطاع التيار المتزامن مع قرب موقع السفينة كان كافياً لتأجيج الشكوك بتورطها، يقول مادوري: “أليس الأمر غريباً” بأن الخبراء في صناعة الكابلات البحرية يقولون بأن هذا النوع من التنصت والتعطيل غير ممكن”، وهم يرفضون بصورة قاطعة وجود أي نوع من التقنية التي تتيح الاستفادة من الكابلات البحرية تحت الماء، وأنهم لا يعتقدون بأن الأمر ممكن على الإطلاق”.
كما قال آلان مولدين، مدير الأبحاث في شركة أبحاث الاتصالات TeleGeography لصحيفة motherboard في رسالة بالبريد الإلكتروني بأن الأمر يبدو من غير المرجح بأن تستطيع السفينة الاستفادة من الكابلات البحرية، إذ قال “لا أستطيع أن أجيب على وجه اليقين، ولكنه يبدو أمراً بعيد المنال”، كما أضاف: “حتى لو استطاعت الوصول للكابلات، فكيف ستستطيع استرجاع ونقل البيانات لتتم معالجتها؟ إن الأمر يبدو جنونياً جداً بالنسبة لي، ولكن كل شيء ممكن الآن، لا أستطيع الجزم بالتأكيد حول الأمر، ولكن التنصت على الأرض هو أسهل بكثير”.
كما قال جوليان راولي، وهو مستشار كابلات تحت البحر، بأنه سيكون “من المستحيل عملياً” الاستفادة من كابل الألياف البصرية تحت الماء، “يجب عليك فيزيائياً أن تخترق كمية كبيرة من الطبقات الواقية ومن ثم الجدائل الثنائية نحو الألياف، كما أضاف بأن فعل هذا الأمر تحت الماء من شأنه أن يؤدي حتماً إلى دخول المياه الذي من شأنه أن يؤدي إلى إيقاف أداء الكابل بشكل دائم”، بينما اقترح راولي أنه وبدلاً من أن يكون الروس هم المتسبّبون بذلك، يمكن أن يكون النشاط الزلزالي هو المسؤول عن ذلك الاضطراب، فمنطقة البحر المتوسط هي منطقة زلزالية نشطة.
كما قال هوارد كيدروف، خبير الإرسال وشبكات الاتصالات البصرية، إن ذلك التنصت على الكابلات تحت الماء لن يكون مهمة سهلة، “إنه من الأسهل بكثير الوصول إلى الإشارات في المحطة النهائية (مع أو دون تعاون)، إن من الممكن تقنياً الوصول إلى الألياف البصرية، ولكن الوصول إليها في قاع المحيط، من خلال تدريع صلب وفولت عالي يمكن أن يكون تحدياً من الأفضل تجنبه”.
ومع ذلك، وفقا لمادوري “فإن الأمر يبدو مثيراً للشبهة”، ولذلك تواصلت motherboard مع السفارة الروسية في المملكة المتحدة للحصول على تعليق حول الأمر، وهي الآن في انتظار الرد، إذ أن هناك كم هائل من البيانات على الإنترنت بشأن أماكن تواجد والأعمال التي تقوم بها السفينة “يانتار”.
وعندما سئل عن التعليق على الأمر، أجاب متحدث باسم السفارة الروسية في لندن “ليس لنا علم بهذه القصة”.
motherboard– (ترجمة بلدي نيوز)