أعلنت المملكة العربية السعودية عن تشكيل تحالف إسلامي عسكري ضد “الإرهاب” بمختلف أشكاله، نهاية العام الماضي، يتكون من 34 دولة ويحظى بدعم 10 دول إسلامية أخرى بينها إندونيسيا، تكون الرياض غرفة العمليات لها.
وتثار تساؤلات يتداولها مراقبون حول إمكانية أن يكون الدافع الذي حول مؤتمر الرياض من “صك” بلا رصيد، إلى “صك” برصيد عسكريّ قادرٍ على فرض شروطه في اجتماع “فيينا” المزمع عقده، هل هو فقدان دول الإقليم الثقة بمصداقية الأسد وحلفائه بالوصول لحلّ سياسي؟
أم أن التحالف الإسلامي دافعه التغلغل “الشيعي” الذي يشكل تهديداً مباشراً للبعد الأيديولوجي للمنطقة؟ وماذا عن سياق هذا التحالف؟ وكيف يقرأ في فلك المتغيرات والتحركات السياسية الخاصة بسوريا؟ وهل سياقه يدل على أن سوريا هي الخطوة الأولى لقوات التحالف في معالجة الواقع في المشرق العربي؟
بخصوص هذا الأمر رأى هشام مروة، نائب رئيس الائتلاف الوطني السوري في حديثه لـ “الخليج أونلاين”، أن “تطور الإرهاب أمر خطير بالنسبة للسعودية وباقي الدول، خاصة بعد أخذه تشكيلات مختلفة، فأصبحت معالجته واقعاً مفروضاً وعملاً استراتيجياً لمصلحة المنطقة ويؤدي لإعادة توازنها”.
واستبعد مروة أن يكون نظام الأسد جزءاً من أهداف التحالف الإسلامي، موضحاً: “معاييرنا كمعارضة تضع بشار الأسد ضمن قوائم الإرهاب؛ نتيجة دعمه وتورطه بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”، متابعاً: “هدف التحالف هو مكافحة الإرهاب، ومكافحته بالنسبة للدول المشاركة، تقتصر على التنظيمات المتطرفة وبالدرجة الأولى تنظيم داعش، أما الأسد فلا أتوقع أنه في الأهداف المدرجة، فالواضح أن أهدافهم هي التنظيمات الإرهابية، ويسرنا أن يصنف حزب الله في هذه التنظيمات”.
وخلافاً لمروة أكد عبد الرحمن الحاج، الخبير في الجماعات المسلحة، لـ “الخليج أونلاين”، عدم استثناء قوات الأسد ونظامه من العمليات العسكرية الكفيلة بإسقاطه.
وقال: “تصريحات الخارجية السعودية بوجوب رحيل بشار الأسد سواء بحل سياسي أو بالقوة العسكرية، لا تأتي من فراغ، ولكنه توافق دولي على إسقاط الأسد”.
وأشار إلى أن “هذا التحالف سيشكل دوراً رئيسياً، وسيلعب دوراً هاماً بالمرحلة المقبلة في سوريا”، لافتاً إلى أن “الحرب على الإرهاب والأطراف الدولية المغذية له، ستكون المركز الأساس لاهتمام هذا التحالف”.
واستطرد الحاج: “باختصار، هذا التحالف لا يتعلق بسوريا فحسب، بل يشمل كافة المناطق الأخرى كالعراق وليبيا وغيرها”.
ويعتقد عبد الرحمن الحاج أن التحالف الإسلامي العربي هو “ردة فعل طبيعية تجاه السياسات اللامبالية بمصالح المشرق العربي، إضافة إلى التخوف السني من نتائج النزاعات التي تصنعها إيران، تحت إطار طائفي يعزز الإرهاب ويغذيه في المنطقة”.
وتابع: “ليس بالإمكان تجنب قراءة هذا الحدث بعيداً عمّا يجري في سوريا والتحركات السياسية الأخيرة، لذا ودون أدنى شك، فإن سوريا ستكون محور الاهتمام الرئيسي لهذا التحالف العربي الإسلامي، إذا ما حصل بالمستقبل القريب أي تحرك عسكري ما”.
وأضاف أن أحد أهم الدوافع لتوقيت إنشاء هذا التحالف “هو وجود شبه اتفاق لدى المراقبين والسياسيين على أن مفاوضات فيينا لن يكتب لها النجاح؛ وذلك بسبب عدم جدية الأطراف الداعمة للنظام، وعلى رأسها الاحتلال الإيراني والروسي في الوصول إلى حلّ سياسي”.
وأفاد الحاج أن “شكل التدخل العسكري في سوريا، لا نستطيع التنبؤ به الآن، لكن إذا ما قامت الدول بالتدخل العسكري، سيكون ذلك على الأصعدة كافة، الجوية والبرية ومن خلال مد المقاتلين السوريين بالأسلحة الكفيلة بردّ الطائرات الحربية للنظام والروس”.
وأوضح: “سيكون هناك تنسيق كامل ما بين قوات التحالف الدولي والتحالف العربي الإسلامي في محاربة تنظيم داعش الإرهابي، الذي يعتبر نصف المشكلة في الملف السوري”، مشيراً إلى أن “مشاركة 34 دولة بقيادة السعودية وتركيا، بالإضافة إلى وجود باكستان الدولة النووية المحاذية لإيران من الطرف الشرقي الجنوبي، تدل على أن المعركة كفيلة بتغيير المعادلة العسكرية والسياسية على الأرض”.
الحاج أشار أيضاً إلى أن “أحداً لا يستطيع الجزم بالمعايير المستخدمة في تحديد الفصائل الإرهابية، ولكن الارتباط بالقاعدة، وكل تنظيم أجنبي من خارج سوريا، سيكونان أحد المعايير الأكثر تأثيراً في تحديد الفصائل الإرهابية”.
لكنه استبعد وضع حزب الله في قوائم الإرهاب، موضحاً: “أنا غير متفائل وغير متوقع ذلك، ولكن إذا وضعت المليشيات الشيعية الآتية من إيران والعراق والأفغان في قوائم الإرهاب، سيكون ذلك إنجازاً كبيراً، وفي حال لم يوضع حزب الله الإرهابي بقوائم الإرهاب، فإن ذلك محاباة للإرهاب، وتعزيز لفرضية الإرهاب السني وفرضية استهداف المسلمين السنة في العالم” بحسب قوله.
الخليج أونلاين