تحوز الحرب المُستَعِرة في اليمن على اهتمامٍ مُتجدِّد من واشنطن، خطبا لود المملكة العربية السعودية وحلفائها الخليجيين، التي تأمل أن يختار الرئيس دونالد ترامب الصراع ليكون معركته الأولى لدحر إيران.
وتقاتل السعودية إلى جانب دول مجلس التعاون الخليجي، عدا سلطنة عُمان، في اليمن منذ مارس/آذار 2015 في محاولةٍ لكسر الانقلاب الذي قامت به جماعة الحوثيين المدعومين من إيران بمساندة الرئيس السابق علي عبد الله صالح. وتعمل الدول الخليجية من أجل فرض سيطرة الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي يقيم في مدينة عدن العاصمة المؤقتة، وفق صحيفة The Wall Street Journal.
ولا تزال العاصمة اليمنية، صنعاء، ومناطق محيطة بها تحت سيطرة الحوثيين.
وبينما ساعدت إدارة أوباما والحلفاء الأوروبيون القوات التي تقودها السعودية من خلال بعض المعلومات الاستخباراتية والأسلحة، كانوا كذلك يدفعون باتِّجاه تسويةٍ سياسية مع الحوثيين، ونظروا إلى الجماعة باعتبارها فصيلاً سياسياً شرعياً. وقد اتَّخذت إدارة ترامب، حتى الآن، موقفاً أكثر تشدُّداً. فقد وصف مستشار الأمن القومي الأميركي، مايكل فلين، الأسبوع الماضي الحوثيين باعتبارهم أحد “التنظيمات الإرهابية الوكيلة” لإيران، وذلك على الرغم من أنَّ حكومة الولايات المتحدة لم تُصنِّف الميليشيا رسمياً كتنظيمٍ إرهابي.
وقد أصدر فلين هذا التصريح بعد فترةٍ قصيرة من هجوم الحوثيين وإضرارهم بفرقاطةٍ سعودية في البحر الأحمر. ووصف المُتحدِّث باسم البيت الأبيض، شون سبايسر، ذلك الهجوم في البداية باعتباره عملاً عدائياً من إيران “ضد سفن بحريتنا”، ولم يصحَّح موقفه إلا بعد أن أشار صحفي إلى أنَّ السفينة الحربية التي استُهدِفت كانت سعودية وليست أميركية.
وأرسلت الولايات المتحدة كذلك المُدمِّرة يو إس إس كول للقيام بدورياتٍ قبالة الساحل اليمني، على الرغم من أنّه ليس من الواضح إذا ما كانت مهمة السفينة الأساسية هي احتواء النفوذ الإيراني، أم دعم العمليات الأميركية المُتقطِّعة ضد القاعدة، مثل ذلك الهجوم الذي جرى الشهر الماضي ونُفِّذ بالاشتراك مع القوات الخاصة الإماراتية. ونفت إيران مِراراً أنَّها تُقدِّم مساعدةً عسكرية للحوثيين.
وعلى أي حال، يقول مسؤولون ومُحلِّلون خليجيون إنَّهم يشعرون بالارتياح من اهتمام واشنطن الجديد بالصراع اليمني، وهي الحرب التي استنزفت بالفعل الكثير من الموارد السعودية والإماراتية.
وقالت الدكتورة ابتسام الكتبي، رئيسة مركز الإمارات للسياسات، وهو مؤسَّسةٌ بحثية في أبو ظبي: “نريد من ترامب أن يحدَّ من النفوذ الإيراني. لدى اليمن ساحلٌ طويل، وما نود من أميركا أن تفعله هو أن تكون أكثر حزماً، وأيضاً استخدام سفنها لتأمين حدود اليمن ووقف وصول الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين”.
وأضافت ابتسام: “لم يرغب أوباما في فعل أي شيءٍ يُشوِّش على الاتفاق النووي مع إيران. ويبدو أنَّ الإشارات الآتية من إدارة ترامب تجاه مجلس التعاون الخليجي تؤشِّر على تعاونٍ أكبر”.
وإذا كانت إدارة ترامب تسعى إلى الحدِّ من النفوذ الإيراني في المنطقة، فإنَّ البدء باليمن يحمل مخاطر أقل، وليكن مثلاً، محاولة التراجع عن الاتفاق النووي.
وقال فارع المُسلمي، الخبير في شؤون اليمن بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن، إنَّ “ترامب يرغب بوضوحٍ في إستعراض عضلاته تجاه إيران واليمن هي الطريقة الأسهل لفعل ذلك، جزئياً لأنَّها ليست صراعاً استراتيجياً بالنسبة لروسيا، حليفة ترامب النظرية في سوريا”.
ويأتي هذا المزاج الجديد في واشنطن في الوقت الذي تواجه فيه السعودية ردود فعلٍ دولية متزايدة على حملة اليمن. ففي المملكة المتحدة، بدأ تحقيقٌ قضائي هذا الشهر، فبراير/شباط، للنظر فيما إذا كان يجب وقف مبيعات الأسلحة للسعودية.
ويقول أشخاصٌ مُطَّلِعون على تفكير الحكومة السعودية إنَّ الرياض لا تتوقَّع انضمام الولايات المتحدة إلى الحرب على الأرض ضد الحوثيين. لكن، كما يقولون، السعودية والإمارات والحلفاء الخليجيين الآخرين يرغبون من واشنطن المساعدة على وقف تدفُّق الذخيرة والأسلحة من إيران، وخصوصاً الصواريخ، التي تصل إلى الحوثيين عبر البحر أو الحدود مع عُمان.
ويقول هؤلاء الأشخاص إنَّ الحلفاء الخليجيين سيُقدِّرون إمداداً أكبر من الذخائر عالية الدقة، وكذلك تشاركاً أوسع نطاقاً للمعلومات الاستخباراتية، والمراقبة، والاستطلاع حول الأهداف الحوثية.
وقال آدم بارون، الخبير في شؤون اليمن بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية (مؤسَّسةٌ بحثية): “بالنسبة للسعوديين، من السهل تبرير تدخُّلٍ عسكري قوي في اليمن. فهي تقع عملياً في الفناء الخلفي للمملكة العربية السعودية، وتُعَد مسألةً داخلية بالنسبة لهم. أمَّا بالنسبة للولايات المتحدة، فالأمر مختلف إلى حدٍّ ما: فاليمن مكانٌ قد لا يسمع به الأميركي العادي مُطلقاً. ومن الصعب أيضاً اتِّباع نهجٍ قوي في اليمن دون أن تكون هناك نتائج عكسية في مكانٍ ما”.
هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Wall Street Journal الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
المصدر: هافينغتون بوست عربي