ما قام به الشاب الكويتي حسن سلمان المعروف ب “أبو فلة” في حملة التبرع الأخيرة، يدعو للتساؤل عن أهمية استخدام حسابات وسائل التواصل الاجتماعي السورية وخاصة اليوتيوب عن دورها في دعم قضايا النازحين واللاجئين السوريين المتعددة بسهولة ودون الحاجة للكثير من التكاليف.
خلال يوم و4 ساعات، كان اليوتيوبور الكويتي أبو فلة مواليد ( 1998) حديث الإعلام المحلي ورواد مواقع التواصل السوريين إثر حملة التبرع الخيرية التي بدأها على قناته في اليوتيوب جمع خلالها مليون دولار للنازحين السوريين بالتعاون مع الأمم المتحدة، والتي ستكفي لـ5,715 عائلة لاجئة ونازحة أي أكثر من 17,000 شخص، بانتظار شتاء قاس.
ينتشر على برنامج اليوتيوب عدد من صانعي المحتوى السوريين كـ “ابن سوريا” و”حنش” و”أم سيف” و”أنس وأصالة”، إلا أن المحتوى الذي يقدمونه عبارة عن أحداث بسيطة “طفولية” ذات قيمة معدومة، أو حدث كبير ذات قيمة طريفة مشوقة مكلفة، لكنها لا تخدم قضايا النازحين واللاجئين السوريين، وعلى الرغم من ذلك، فإن لها جمهورا من المتابعين، منهم من يتناوله ويروج له بشكل غير مباشر وهو ينقد المحتوى متسائلاً عن جدواه، ومنهم من يتناوله كمادة فكاهية، ولكن يسهمون على الرغم من ذلك في الترويج لهم.
الملفت للانتباه أن أحد هؤلاء اليوتيوبر السوري” ابن سوريا” خرج بالأمس ينتقد أبو فلة لأجل حملته للنازحين واللاجئين السوريين، زاعماً أن هذا تصرف خاطئ ومن غير اللائق كسب المال عبر تجنيد معاناة النازحين واللاجئين السوريين كمادة تزيد من مشاهدة البث والترويج أخلاقيا ومادياً لمالك القناة.
أثار تصريح ابن سوريا غضب بعض السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي إثر كلامه الذي يحرم بنظرهم المحتاجين والفقراء في مخيمات اللجوء، والذين يأكل أجساد أطفالهم البرد والمرض، من مساعدات صانعي المحتوى والمؤثرين على يوتيوب، خاصة مع قلة المساعدات وكثرة الاحتياجات، وطول المعاناة التي يعيشها النازحون.
في حين أنه يجمع المال من خلال البث على قناته وهو يلعب ويلهو، متناسياً تسخير دوره المهم في تقديم المساعدات وجمع التبرعات الخيرية للنازحين السوريين، ربما ما دفع ابن سوريا لهذا القول عموماً هو داء الأقران والتفاعل الكبير الذي حظي به أبو فلة من رواد مواقع التواصل والوكالات الإعلامية ومشاهير الفن كالممثل الكوميدي المصري محمد هنيدي الذي نشر على صفحته يشكر صديقه أبو فلة.
غياب الوعي وعدم الإحساس بالمسؤولية الحقيقية واللهث وراء الذات الشخصية قد يكون أبرز الأسباب وراء إهمال قضايا النازحين من قبل اليوتيوبرز السوريين، ويحتاج هؤلاء اليوتيوبرز للتشجيع والوعي الكامل بمدى معاناة السوريين والجدية المتواصلة في تسخير منصاتهم للأعمال الخيرية، للنازحين أو اللاجئين السوريين في سوريا ولبنان والأردن، التي تشهد نسب فقر بلغت 90 بالمئة بحسب تقرير وكيل الإغاثة في الأمم المتحدة مؤخرا “غرينفيثس”.
بالعودة لأبو فلة، الشاب الفتي حديث السن، يتمكن من جمع مبلغ ضخم خلال وقت قياسي، من المهم أن نذكر أبرز ما يتميز به أبو فلة من صفات تجعله مؤثرا على منصته، وهو ما يجمع عليه متابعوه، قلبه الطيب، وعفويته السمحة وخفة ظله التي تجعله قريباً من متابعيه، هذه الصفات يظهرها أبو فلة خلال اللعب على ألعاب الفديو بوبجي وغيرها، وتحظى بملايين المشاهدات، تدفع للدراسة عن مدى التأثير النفسي لصانع المحتوى في التأثير في المجتمع.
لم تكن هذه الحملة الأولى لأبو فلة للسوريين فقد سبقها حملة قديمة جمع فيها حوالي 70 ألف دولار لمشروع ” بيوت إيواء للاجئين السوريين في شمال سوريا” في كانون الثاني من العام الحالي.
مقال رأي/محمد إسماعيل
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع