بقلم الكاتب محمد فخري جلبي
تساؤل تفتح إجابته أقواسا من الجدل !!، هل ترامب الرئيس الأمريكي جاسوس روسي ؟؟، وهل المؤشرات والدلائل المطروحة في وسائل الإعلام على تورط معاوني ترامب بالاتصال مع ضباط استخبارات روس حقيقة أم محض افتراء ؟؟
في ظل تواتر الأحداث الأخيرة حول علاقة ترامب مع الجانب الروسي، وأبرز تلك الأحداث هي أصداء الضربة الصاروخية الأمريكية على مطار الشعيرات السوري وقيام الجانب الأمريكي بإبلاغ موسكو قبل الضربة وماخلفته تلك الضربة من خسائر بسيطة عطلت المطار ليوم واحد فقط !!
يتجه أغلب المحللين السياسيين في الولايات المتحدة إلى دفع عربة الاتهام إلى منصة الرأي العام الأمريكي حول العلاقة السرية بين ترامب والطغمة السياسية الحاكمة في روسيا، بينما على الصعيد العربي الغائب عن الواقع يدافع العديد عن قداسة دونالد ترامب وبأنه يشكل الكابوس الحقيقي للكرملين، كما أن ضجيج الضربة الصاروخية المفتعل دفع البعض كالإعلامي فيصل القاسم بتشبيه اللاعب الروسي على أنه (نمر من ورق ) !! فأين تكمن الحقيقة ؟؟
وضمن السياق ذاته تساءلت مجلة فورين بوليسي الأمريكية (قبل الانتخابات الرئاسية )حول ما إذا كان دونالد ترامب، المرشح الجمهوري لمنصب رئيس الولايات المتحدة هو في حقيقة الأمر جاسوس روسي يعمل لحساب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يحاول التدخل في الشؤون الأمريكية الداخلية.
وأشارت المجلة الأمريكية إلى أنه بالرغم من عدم حتمية الإجابة التي يحاول التقرير الذي نشرته، الوصول إليها، وإمكانية ألا يكون ترامب يعمل لصالح الرئيس الروسي، لكنها أكدت أنهما صديقان لهما مصالح مشتركة، وتوصل الكاتب إلى نتيجة بعد البحث في جميع الأدلة، وفحواها أن ترامب هو دمية في يد بوتين، ومصنع حقيقي لخططه التي يسعى من خلالها للسيطرة على الولايات المتحدة.
بيد أن علاقة اللاعب الروسي مع الطبقة السياسية الأمريكية ليست بجديدة العهد. ولايمكن توجيه أصابع الاتهام بالتخابر مع الكرملين لدونالد ترامب فقط !! وللكشف عن هذا الأمر اتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لجنة الاستخبارات بمجلس النواب الأمريكي بغض الطرف عن علاقات الرئيس الأسبق بيل كلينتون وزوجته المرشحة السابقة للرئاسة هيلاري كلينتون بروسيا، وكان ترامب قد اتهم هيلاري بمنح الروس 20% من اليورانيوم الأمريكي دون ذكر تفاصيل في سياق الدفاع عن سياساته تجاه موسكو وذلك بمؤتمر صحفي في 17 فبراير الماضي، وهنا يتضح لنا أسباب تخوف بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي (من الحزبين الديمقراطي والجمهوري ) حول ماهية العلاقة السرية بين ترامب وبوتين، ويدحض بشكل لاجدال فيه ضعف موسكو على الصعيد الدولي بالتغلغل في كواليس الولايات المتحدة ليصل الأمر بهم إلى تعين الرئيس.
فهل النمر الورقي قادر على إحداث زلزال من الدرجة العاشرة على مقياس السياسية الأمريكية ؟؟ سؤال جوهري يوضع على طاولة الإعلامي القدير فيصل القاسم، والجدير بالذكر أن فوز ترامب هز واشنطن، كما هزت علاقاته المريبة بروسيا أركان الولايات المتحدة وحلفائها.
ومع استمرار فضح جوانب الدور الروسي في السياسة الأميركية، يستمع مجلس النواب الأمريكى إلى شهادة مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي، ورئيس وكالة الأمن القومي، مايك روجرز، فى جلسة علنية نادرة للجنة الاستخبارات بالكونجرس حول تدخل روسيا فى الأنتخابات الأمريكية العام الماضى، وصلة حملة ترامب الأنتخابية بالروس.
كما ثارت الظنون والأراجيف حول تلك العلاقة عقب كشف وكالة الاستخبارات الأمريكية عن رد الفعل المبتهج بين كبار المسؤولين الروس وبينهم بعض ممن يعتقد المسؤولون الأمريكيون أنهم على علم بالحملة الإلكترونية الروسية للتدخل فى الانتخابات، ساهم فى تقييم الاستخبارات الأمريكية بأن جهود موسكو كان هدفها إلى حد ما المساعدة فى فوز ترامب بالبيت الأبيض، كما أن معلومات أخرى جمعتها وكالات الاستخبارات تحدد هوية الأطراف المشاركين فى تسليم الرسائل الإلكترونية للديمقراطيين لموقع ويكيليكس، والتفاوت فى مستويات أجهزة الاستخبارات الروسية المستمرة للتسلل إلى المعلومات الحساسة فى شبكات الكمبيوتر الخاصة بالحملتين الجمهورية والديمقراطية .
وضمن مسلسل خداع الولايات المتحدة، ومواظبة دونالد ترامب على حماية حلفاء بوتين في العالم، فقد انكشف مؤخرا حقيقة التهديد الأمريكي المصطنع لكوريا الشمالية !! حيث يذكر بأن مسؤولين أمريكيين كانوا أكدوا أن حاملة الطائرات الأمريكية “Carl Vinson” بمرافقة قوة بحرية ضاربة قد أُمرت بتغيير مسار إبحارها والتوجه إلى شبه الجزيرة الكورية، إلا أنه تبين لاحقا أنها واصلت إبحارها نحو أستراليا كما كان مقررا لها، وأن انتظار مشهد استعراض القوة البحرية الأمريكية أمام سواحل كوريا الشمالية لا جدوى منه الآن . مما أحدث انعطافا جذريا لموقف حلفاء واشنطن في كوريا الجنوبية حول مدى مصداقية الولايات المتحدة بكبح جماح “كم جونغ أون ” زعيم كوريا الشمالية ، فرأى مرشح الحزب الحاكم للرئاسة في كوريا الجنوبية ، يونغ بيو كونغ، أن من غير المناسب الحكم على واقعة مكان وجود حاملة الطائرات الأمريكية قبل الحصول على معلومات دقيقة، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن التصريح الذي أدلى به السيد ترامب مهم للغاية لأمن كوريا الجنوبية القومي.
مضيفا: “ولو كان هذا كان كذبا، فإن كوريا الجنوبية لن تثق فيما سيقوله ترامب لاحقا”.
وللحديث عن أم القنابل ومهرجان أبراز العضلات الأمريكية، وفي حديث لقناة “زفيزدا” الروسية أعرب الخبير الروسي عن دهشته للضجة التي أحدثها استخدام واشنطن قنبلتها المذكورة في أفغانستان، معيدا إلى الأذهان توفر قنابل بنفس الشدة لدى بعض الدول العظمى منذ الحرب العالمة الثانية.
كما ذكّر الخبير العسكري ميخائيل خودارينكو بأن روسيا ألقت خلال مكافحة الإرهاب وتجارة المخدرات في أفغانستان 289 قنبلة بشدة “أم القنابل” التي ألقتها واشنطن مؤخرا هناك .
لقد بات جليا تورط الرئيس الأمريكي الحالي بعلاقة مريبة مع البيت الأحمر الروسي كما لبست الإشاعة بزة الحقيقة، ولإلقاء الضوء على آخر التطورات التي تسرّبت معلوماتها إلى وسائل الإعلام، قيامّ كبير موظفي البيت الأبيض رينس بريبوس بإجراء اتصال بنائب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) في وقت سابق، وطلب منه العمل من خلال التحقيق الذي يقوم به المكتب في قضية التواصل بين حملة ترامب الانتخابية وبين مسؤولين روس، على تكذيب الرواية أو التشكيك في صحتها. لكنّ “إف بي آي”، رفض تلبية الطلب، وأصرّ على مواصلة التحقيق في القضية. وكان البيت الأبيض قد كذّب قصة الاتصال أصلاً.
وبعد كل المعلومات التي صارت معروفة حول هذا الملف، وبعد أن أطاحت هذه العلاقة بالجنرال مايكل فلين مستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي، بسبب اتصاله السري بالسفير الروسي في واشنطن وحجب الأمر حتى عن نائب الرئيس، و نفي المتحدث بأسم البيت الأبيض، شون سبايسر، أن تكون الإدارة الأميركية قلقة مما سيقوله مستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين، الذي عرض الإدلاء بشهادته بشأن علاقة الإدارة بروسيا، مقابل الحصانة القضائية . يصبح السؤال: هل يمضي “إف بي آي” بالتحقيق إلى نهايته ؟؟
مثل هذ السعي لكشف بواطن الأمور ومحاولة البيت الأبيض المستميتة لعرقلة التحقيقات تؤكد مما لايرقى للشك التهم الموجهة لدونالد ترامب حول تلك العلاقة. وهي التهمة الرئيسية نفسها التي كانت السبب في الإطاحة بالرئيس ريتشارد نيكسون في فضيحة “ووترغيت”. بعد انكشاف خيوطها بالتجسس على مكاتب الحزب الديمقراطي المنافس، حيث حاول نيكسون التدخّل لإعاقة عملية التحقيق للحيلولة دون بلوغ خواتمها المحتومة، لكنّ محاولته افتضح أمرها والباقي تاريخ. ولكن في هذه الفضيحة السياسية كان المنفذون هم مواطنون أمريكيون، أما في حالة دونالد ترامب فالأيادي الروسية غير نظيفة بالعبث بالانتخابات الأمريكية ووصول الأخير إلى مقعد الرئاسة.
كما يجدر التنويه ضمن سياق المقال بأن عراب الكشف عن علاقة ترامب بالبيت الأحمر هو العميل السري البريطاني “كريستوفر ستيل ” ، فلقد نشرت صحيفة “لوفيغارو ” الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن اختفاء العميل السري كريستوفر ستيل، الذي عمل سابقا ضمن جهاز الاستخبارات البريطانية، والذي قُدم للعالم على أنه صاحب الملف المثير للجدل حول علاقة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بموسكو. حيث قام ستيل بإعداد ملف مكون من 35 صفحة، تثبت تورط ترامب بعلاقة مشبوهة مع روسيا. كما تحدث عن شريط فيديو يظهر فيه ترامب في أوضاع جنسية مع بائعات هوى، في أحد أجنحة فندق “ريتز كارلتون” بموسكو.
كما يكشف الملف السري عن المصالح المادية لروسيا التي تدفعها لتقرب من ترامب. ونقل ستيل عن مصادره أن روسيا “دعمت ترامب لفترة لا تقل عن خمس سنوات”، وبيّن أن هذه العملية السرية قادها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بنفسه، في واحدة من تقاليد الاتحاد السوفييتي .
باعتقادي الشخصي يمكن القول والفصل والجزم بوجود علاقة مريبة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي بوتين ، كما أعتقد بأن ترامب هو الحصان الروسي الأسود الذي خاض الأنتخابات الأمريكية وفاز على عكس جميع الأستطلاعات الأولية ، وأن حقيقة الأمر ومادفعني لكتابة هذا المقال وبعد متابعتي المستمرة ضمن إطار عملي للأخبار العالمية والعربية ومشاهدة حلقة الاتجاه المعاكس في هذا الأسبوع ، هو دور الإعلام العربي في تشويش عقول الشعوب العربية وقلب الحقائق وتزوير المعطيات !! في حين تتجه أجهزة المخابرات الأمريكية والأوساط السياسية من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في كشف ملابسات تلك العلاقة المخجلة بين البيت الأبيض والكرملين والتي قد تطيح بالرئيس الأمريكي الحالي ، يبحر الإعلام العربي بعيدا عن الواقع بشكل مخيف يوحي لبعض المعنيين بأمور السياسية عن حقيقة الدور المخادع الذي يمارسه هذا الإعلام الأخرق، كما أن رنين جملة بأن روسيا ( نمر على ورق ) قد استفزتني إلى أبعد الحدود ولاسيما بأن كافة المحلليين السياسيين الغرب يتخوفون من الدب الروسي وانغماسه في توجيه عربة البيت الأبيض إلى حيث يشاء قادة الكرملين.
مع الإشارة إلى حالة العداء القصوى بيني وبين روسيا بسبب أعمالها الوحشية في قتل الأبرياء على الأراضي السورية .
وفي نهاية المقال أدعك عزيزي القارىء مع تحليل واقعي لمآلات الأمور في ظل تولي دونالد ترامب قيادة دفة المركب الأمريكي والذي يعول عليه (الدور الأمريكي ) إلى حد ما بتصحيح مسار الأحداث في الشرق الأوسط !! فقد علق كيفن زيسي، المحامي والمدير بحركة “المقاومة الشعبية” بواشنطن التي تجمع المجموعات والمنظمات المختلفة كحركة “احتلوا” (Occupy) وحركة “عسكريون متقاعدون من أجل السلام”، علق على سياسات ترامب: “سنرى كيف سيقوم بتوجيه الأموال لطبقات الأغنياء، تريليونات الدولارات، وستسوء حياة معظم المواطنين.
وسنرى كيف ستخرج منظومة الرعاية الصحية عن السيطرة. وسيدرك حينها المواطنون الذين انتخبوه بسبب الأزمات الاقتصادية أنه قد تم خداعهم من قبل مندوب مبيعات، مما يخدم المصالح الروسية في نهاية المطاف،
(النمر الورقي) !! سيقود العالم إن استمرت الأمور على هذا المنوال.
أتمنى في نهاية المقال بأن يصل المشاهد العربي إلى ضرورة التروي في الحكم على الأحداث، ومخالفة الرأي لمن يمارسون بث التكهنات المضللة في إطار حملة دعائية متعمدة لتغيب المتابع العربي عن الواقع .