استخدمت الأسلحة الكيميائية أثناء الحرب العالمية الأولى متسببةً في قتل الآلاف من المدنيين، كما استخدمتها إيطاليا عام30 من القرن الماضي في ليبيا وعام 36 في أثيوبيا، واليابان أيضاً استخدمتها ضد الصين، حتى الولايات المتحدة استخدمتها في حرب “الفيتنام” جعل كل المواليد الجدد مصابين بتشوهات.
أما الاستخدام الأخير للأسلحة الكيميائية كان في خان شيخون في سوريا، بعد استهداف النظام للمدنيين بغاز السارين وقتل خلاله العشرات، وقبله الغوطة الشرقية عام 2013 بنفس الغاز أودى بحياة 1500 مدني وأصيب أكثر من 500 آلاف أغلبهم من النساء والأطفال, إذ أثبتت التصريحات أن النظام السوري استخدم مواد كيميائية تهاجم الأعصاب أربع مرات على الأقل، تم توثيقها خلال الستة أشهر الأخيرة وذلك وفق تقرير أخير صادر عن منظمة “هيومن رايتس ووتس”.
من غير المعقول أن نعتقد أنه في كل هذه الحالات الأربعة التي حصلت منذ منتصف ديسمبر/كانون الأول أن القنابل التقليدية السورية على نحو ما ضربت مخازن تصنيع غاز الأعصاب والمبيدات الحشرية، بدلاَ من ذلك يظهر نمط الهجمات أن الحكومة السورية احتفظت بالسارين أو بعض عوامل الأعصاب المماثلة بعد هجوم الغوطة الشرقية في آب 2013.
التقرير الجديد حمل أدلة تثبت وقائع كثيرة ارتكبت بالغازات المحرمة دولياً، ليقول بين سطوره, إن الهجوم المنفذ على خان شيخون في ريف إدلب الذي قتل فيه 92 شخصاً على الأقل لم يكن الأعظم الوحيد هذا العام، بل كان على العالم أن يقلق أربعة أضعاف ما فعل في الحالات الأربعة التي استخدم غاز الأعصاب فيه.
ولأنه لم يفعل ذلك من قبل ومن بعد، فإن مجازرالنظام كانت هذا العام تارة بذخائر مملوءة بغاز الكلور وتارةً أخرى بالسارين؛ الأمر الذي قالت فيه “هيومن رايتس ووتس” أنه يدحض مزاعم المسؤولين السوريين والروس بأن الوقيعة في خان شيخون كانت بسبب قنبلة تقليدية ضربت مواد كيميائية على الأرض، فكيف تكون القنابل التقليدية قد ضربت من مخابئ كيميائية مراراً وتكراراً على سبيل الصدفة في جميع أنحاء البلاد؟!.
ذاك برهان قاطع دعت المنظمة “الأمن الدولي” ومحققين في منظمة حظر الأسلحة على اتخاذ قرار يدعو جميع الأطراف لاعتماد عقوبات على كل من تراه مسؤولاً عن هذه الهجمات وعن سابقاتها في سوريا.
ربما يظن الأسد أنه سيفلت من العقاب هذه المرة أيضاً بفضل روسيا التي تدخلت عسكرياً لإنقاذه من هزيمة على يد المعارضة عام 2015 ونقضت مشروع قرار مجلس الأمن الدولي في فبراير/ شباط الماضي بفرض عقوبات على سوريا؛ إثر استخدامها براميل متفجرة مملوءة بغاز الكلور عامي 2014 و2015 .
لكن مع استمرار الهمجية ضد الأبرياء العزّل الذين كان ذنبهم الوحيد أنهم أبناء هذا الوطن، لا بد من صحوة للضمير الصامت ولو بعد حين، كما يقول أهلها إن الجرائم لم تذّر على الأرض من القاطنين بيارا.
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد