بينما تواصل الحكومة التركية تطهير المؤسسات من مدبري الانقلاب من حركة فتح الله غولن، يتساءل كثير من الناس كيف صارت جامعة دجلة في ديار بكر ملاذا للحركة؟
كانت جماعة دجلة أول من أولى أهداف الحكومة بعد الانقلاب الساقط في الخامس عشر من تموز/ يوليو. اعتقلت رئيسة الجامعة عائشة جول جالي سراج، ثم اعتقل بعد ذلك 15 فردا من بينهم ستة من كبار الأساتذة في الجامعة.
ثمة حاجة للعودة إلى الوراء كي نفهم لماذا صارت هذه الجامعة التي تقع في منطقة تقطنها أغلبية كردية في ولاية ديار بكر الهدف الرئيس للعمليات الأمنية.
عندما عينت عائشة جول جالي سراج رئيسا للجامعة في عام 2008، تحولت جامعة دجلة إلى مرادف لحركة غولن. وكان جميع الناس في ديار بكر على معرفة بذلك، لكن لم يتخذ أي إجراء ضدها، كما لم يكن هناك رد فعل من جانب الحكومة. ولم توضع الجامعة تحت المجهر إلا بعد أن اندلع الصراع بين الحكومة وحركة غولن في كانون الثاني/ ديسمبر عام 2013.
وفي شهر نيسان/ أبريل عام 2014 أصدر جمعة إيتشتين نائب ديار بكر عن حزب العدالة والتنمية تقريرا شاملا يعدد الاتهامات لعائشة سراج بالعمل لصالح حركة غولن. وقال التقرير إن الجامعة صارت تحت السيطرة الكاملة لأتباع غولن.
وقال تقرير جمعة إيتشتين إن عائشة سراج متورطة في إيجاد الموارد المالية للحركة، وفي التعاقد مع المتعاطفين معها للعمل في وظائف في الجامعة، وفي تدريب أعضاء الحركة للسيطرة على الجامعات الأخرى. لماذا اختارت حركة غولن جامعة دجلة ؟ الحجة السائدة أن مصالح الحركة في الجامعة تزامنت مع الفترة التي استأنفت فيها الحكومة البحث عن حل للقضية الكردية.
قال أحمد إينان الأستاذ في قسم العلوم الإسلامية للمونيتور إن أتباع غولن عملوا بحرية مطلقة في الجامعة في مقابل المساعدة في حل القضية الكردية.
وأضاف إينان: “إن أتباع غولن خدعوا الحكومة السابقة، حيث أكدوا لها أنهم إذا جاؤوا للمنطقة، فسوف يكسبون قلوب الناس بمناشدة الطابع الديني للأكراد. وقد صدّق المسؤولون هذا الادعاء، وأطلقوا يد أتباع غولن. جامعة دجلة هي مركز جميع الجامعات في المحافظات التي يقطنها الأكراد، وقد استخدمتها حركة غولن لتدريب أتباعها للعمل في جامعات جديدة”.
وقال إينان للمونيتور إنه تقدم بشكاوى إلى العديد من الجهات ذات الصلة، مثل جهاز الاستخبارات الوطني، ومجلس التعليم العالي عن خطط جماعة غولن، لكن أحدا لم يتخذ إجراء. وأضاف عنان أنه بدلا من ذلك اعتبر خصما، وفُصل من الجامعة ثلاث مرات بعد عام 2009، لكنه أعيد للعمل بعد أن رفع دعوى أمام المحكمة. تجاهلت عائشة سراج حكم المحكمة، ولكن إينان أعيد للعمل بعد اعتقال سراج وتعيين رئيس جديد للجامعة. وبعد ذلك دعا مجلس التعليم العالي إينان للإدلاء بشهادته وتقديم أدلة عن أعمال حركة غولن.
البروفيسور أحمد كيليس هو أيضا أستاذ للعلوم الإسلامية في الجامعة، كان يعمل لحساب حركة غولن لمدة 25 عاما، لكنه تركها بعد أن ساوره القلق من تحرك أتباع غولن للسيطرة على الجامعة.
وقال كيليس للمونيتور: “في عام 2008 كان لدينا 403 أعضاء من هيئة التدريس الدائمين الذين لهم حق التصويت، وفي عام 2012 صار لدينا 842 عضوا لهم حق التصويت، أي أن العدد تضاعف خلال أربع سنوات. كان ثلثا التعيينات الجديدة من نصيب كلية الطب. وقد حوّل أتباع غولن هذه الكلية إلى مركز للمؤيدين الجدد للحركة. وتخصصوا في منح الدرجات العلمية بشكل سريع، وراحوا يصدّرون من دربوهم ولقنوهم إلى الجامعات الأخرى”.
ومثلما قال إينان، يقول البروفيسور كيليس إن الحكومة سمحت لأتباع غولن بالسيطرة على الجامعة في مقابل دعمهم لإيجاد حل للقضية الكردية.
وقال كيليس: “هناك عدة أسباب لاختيار أتباع غولن لجامعة دجلة. أول هذه الأسباب أنهم كانوا قادرين على الحصول على التجهيزات الكافية لضمان اعتماد الجامعة وهيبتها. منعوا الناس من أهالي المنطقة من الحصول على وظائف في الجامعة، ما جعل هؤلاء الناس أكثر عداء للدولة. وقد صارت الجامعة قوية عندما جعلت الدولة التعيينات فيها مفتوحة لا حدود لها. وهكذا صارت جامعة دجلة قوة استراتيجية في يد أتباع غولن”.
وعلى الرغم من الاعتقالات الجماعية لكثير من أعضاء الجماعة في الجامعات بعد محاولة الانقلاب الساقط، يعتقد إينان وكيليس أن حركة غولن لا تزال تحافظ على نفوذها في الجامعات. المقربون من حركة غولن لا يرغبون في الحديث. يقول البعض إن نفوذ الحركة مبالغ فيه، بينما يقول آخرون إن الحركة لا تزال تسيطر سيطرة كاملة على الجامعة.
وقال أكاديمي كان موقوفا بتهمة الانتماء إلى حركة غولن للمونيتور، بشرط عدم الكشف عن هويته، إن الحركة ليست قوية داخل الجامعة بالقدر الذي يتم الحديث به، مضيفا أن وجود الحركة في جامعة دجلة ليس كبيرا، ولكن لديها نفوذ كبير.
ترك برس