تلقى الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضربة قاصمة تكبح رغبته الكبيرة في بناء جدار على الحدود الجنوبيةللولايات المتحدة يمنع من خلاله تدفق المهاجرين غير النظاميين من المكسيك.
وشهدت واشنطن في الساعات الأخيرة قبل بدء عملية الإغلاق الجزئي للحكومة الفدرالية، عمليات شد وجذب بين البيت الأبيض ومجلس الشيوخ، لكنها وصلت لطريق مسدود.
وتضيف هذه التطورات المزيد من التعقيد لأسبوع عصيب تشهده واشنطن، جعلها تشبه حالة فوضى سياسية يراها البعض غير مسبوقة في التاريخ الحديث للسياسة الأميركية. ومع حلول أعياد الميلاد وبدء موسم العطلات، يتوقع أن تطول مدة غلق المؤسسات الفدرالية أبوابها مع عدم التوصل لحل بشأن تمويل الحكومة.
ويطالب ترامب بتضمين مبلغ خمسة مليارات دولار لإنشاء جدار فاصل عند الحدود الجنوبية المتاخمة للمكسيك لوقف الهجرة غير النظامية، في حين يطالب الديمقراطيون بمجلس الشيوخ بالتركيز على ضبط وتحديث أنظمة مكافحة الهجرة غير النظامية بدلا من بناء الجدار.
سياج عازل يفصل بين بلدات مكسيكية والحدود الأميركية (الفرنسية) |
شد وجذب
وصوّت مجلس النواب داعما لموقف ترامب بأغلبية 217 صوتا مقابل 185 صوتا معارضا لمشروع قانون تمويل الحكومة، إلا أن مجلس الشيوخ احتاج لأغلبية 60 صوتا لتمرير المشروع، ولا يتمتع الجمهوريون إلا بأغلبية 51 صوتا.
وطالب ترامب رئيس الأغلبية الجمهورية بمجلس الشيوخ ميتش ماكونيل بتغيير قواعد التصويت لتسمح بتمرير مشروع القرار بالأغلبية البسيطة، وهو ما رفضه ماكونيل.
ورفض ترامب التوقيع على تشريع لمجلس الشيوخ يبقي على تمويل أنشطة الحكومة الفدرالية حتى منتصف فبراير/شباط القادم، إذ لم يتضمن التشريع المقترح قيمة بناء الحاجز.
ويزيد من غضب ترامب عدم قدرته على الوفاء بوعده الانتخابي، على الرغم من وجود أغلبية جمهورية داخل مجلس النواب والشيوخ.
مع بدء العام الجديد ستنتقل الأغلبية داخل مجلس النواب للديمقراطيين الذين تعهدت قائدتهم نانسي بيلوسي بقتل فكرة تمويل الجدار الحدودي مع المكسيك.
غلق الحكومة
وخلال لقاء جمعه بقادة الحزب الديمقراطي في مجلس الشيوخ، منهم السيناتور تشاك شومر وبيلوسي من مجلس النواب، تعهد ترامب بتعطيل الحكومة، وقال خلال اللقاء وعلى الهواء مباشرة أمام الصحفيين “إن لم نحصل على ما نريد سأغلق الحكومة، سأكون أنا من يغلقها”.
ويصاحب التعطيل الجزئي للحكومة الفدرالية حالة ارتباك إداري كبير داخل البيت الأبيض، وتغيرات إدارية وهيكلية واسعة، أبرزها خلو منصب كبير موظفي البيت الأبيض بعد استقالة الجنرال جون كيلي.
وخلال حملته لانتخابات الرئاسة، تعهد ترامب بالضغط على المكسيك لتمويل عملية بناء الجدار، وهو ما تم رفضه شكلا ومضمونا من قبل الحكومة المكسيكية. وانتقل بعد ذلك للتهديد بتوجيه أوامر للجيش الأميركي لبناء الجدار، قبل أن يدرك أن عليه تدبير مصادر تمويل هذا التكليف للجيش.
مسعى جديد
ومع بدء سريان التعطيل الجزئي للحكومة، أرجأ ترامب بدء عطلته التي كان من المقرر لها أن تبدأ الجمعة وتستمر 16 يوما في منتجع يمتلكه في ولايةفلوريدا.
ويظهر أن الرئيس الأميركي يغير لهجته الحادة، وفي مسعى جديد للضغط على الديمقراطيين بإلقاء مسؤولية عدم التوصل لحل وسط يشمل توفير تمويل لبناء الجدار الحدودي.
ونشر ترامب فيديو في تغريدة له يقول فيها “سنغلق الحكومة الفدرالية، لن نستطيع فعل أي شيء طالما لا يصوت الديمقراطيون معنا. نحن نريد الأمان لبلدنا، فهيا نعمل سويا من أجل ذلك الهدف، علينا أن نتخلى عن الجمود والولاء الحزبي، وأتمنى أن لا يستمر الغلق طويلا”.
لكن زعماء الديمقراطيين ردوا على ترامب برؤية مخالفة تماما، إذ ذكر السيناتور شومر “أن سلوك ترامب أدى إلى غلق الحكومة، وهذا لن يجعله يبني الجدار الحاجز”.
أما الرئيسة القادمة لمجلس النواب نانسي بيلوسي فقالت في تغريدة لها “يسعى الديمقراطيون لحل عملي لمعضلة تأمين الحدود، لكننا لسنا مع إهدار مليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب على حاجز حدودي غير فعال وغير أخلاقي، إضافة للمبالغة في تكاليفه”.
المصدر : الجزيرة