نعم فقد العالم أمنه الاقتصادي عندما فقد الإنسان أمنه الذاتي، وعندما نرى خطورة الحركة الاقتصادية في ظل تعدد مخاطر الاستثمار في هذه الأثناء في دول العالم أجمع، نرى أنه أصبح الكثير من أصحاب القرار من الدول الكبرى يعيدون النظر لأهمية الإنسان في إدارة العجلة الاقتصادية بغض النظر عن موقعه الوظيفي وبغض النظر إذا كان منتج أو مستهلك بسبب أن الإنتاج بدون استهلاك له مخاطر كبيرة على أي اقتصاد مهما كان قويا، وأيضا استهلاك بلا إنتاج أيضا له مخاطر أكبر.
للاقتصاد عوامل كثيرة لتبقيه على قيد الحياة ومستمر في العطاء ولاستمرار محرك النمو لأي اقتصاد في العالم له ثلاث عوامل:
1- عدد السكان، وكم هوا نصيب الشباب من هذا أي (القوة العاملة السكان من حيث الإنتاج).
٢- رأس المال (الاستثمار).
٣- الفكر الاستثماري (الأفكار المطروحة في السوق وكيفية الوصول لها).
وبتحليل بسيط لهذه المعطيات، مثلاً وجود رأس المال والاستثمارات والأفكار الاستثمارية لا يمكن أن يحرك أي اقتصاد بدون تواجد اليد العاملة الفعالة (الإنسان وخاصه فئة الشباب) وفي ظل هذه التطورات الاقتصادية ومخاطرها يجب علينا عدم التخلي عن الإطار النظري العملي الأساسي للاقتصاد، وأهمها العمل على إيجاد نظام اِقتصادي يساعد الشعوب ورأس المال والأفكار من إثراء البلاد للوصول إلى فكر الثروة التلقائية المستقبلية المستدامة.
ومن هنا يجب أن ننظر إلى أهميه الإنسان في أي اقتصاد في العالم يريد أن يتعايش في ظل أي ظرف وفي أي مكان، ولنأخذ مثال: اليابان وفي أوائل الـ ١٩٩٠كانت الدولة التي تتقدم على جميع الاقتصادات من حيث النمو ومن كافة القطاعات من سوق الإلكترونيات والسيارات والصلب… وأيضا بدأت في السيطرة على النشاط المصرفي وأخذت حكومتها كافه التدابير من حيث التفكير الاستراتيجي الطويل المدى، وفي ذلك الوقت أصبح الفائض في الميزانية والفائض التجاري كبير مما جعل الدولة ثرية بالنقد، وفي ذلك الوقت تنبأ العديد من الخبراء الاقتصاديين وأهمهم (كينث كورتينيز) بأنه وبغضون عقد من الزمن سوف يقترب اقتصاد اليابان من حجم الاقتصاد الأمريكي من حيث قيمة الدولار إلا أن هذه التوقعات لم تكن في مكانها الصحيح حيث أن بدأت المعاناة في الاقتصاد الياباني تظهر بعد فترة قريبة جداً من فتره الازدهار وعندها بدأت عجله النمو للاقتصاد الياباني بالتوقف وهذا ما عكسه اهتمام أصحاب القرار في اليابان آن ذاك في تطوير الأنظمة الاقتصادية لكن بدون تفعليها بشكل كامل مع الشعب.
الخوف والنقص من اليد العاملة ملحوظ لدى المصنعين وبهذا نرى كيف أدى إلى ركود اقتصادي جزئي في مختلف القطاعات الصناعية والتجارية والاستهلاكية والسياحي
هناك سببين رئيسيين لهذه النكسة الاقتصادية”
1- انخفاض معدلات المواليد الجدد وارتفاع معدل الكبار بالسن من الشعب، وبهذا بدأ عدد السكان من هم في سن العمل يتقلص وبذلك انخفض عدد السكان المنتجين والمستهلكين بشكل ملحوظ.
2- قلة العرض والطلب الطبيعي الذي ينتجه السبب الأول.
الأن وفي ظل انتشار فايروس كورونا٫ والذي بدأ من الصين، والتي تعتبر المركز الصناعي العالمي الأول وإلى الآن لا توجد حدود واضحة لهذا الفايروس ومدى سرعة وسهولة انتشاره المخيف، فقط بدأت تظهر المخاوف لدى الدول المصنعة والدول المستهلكة لهذه الصناعات مما أدى إلى خلل في ميزان الاقتصاد العالمي بشكل سريع وملحوظ ، حيث أن الخوف والنقص من اليد العاملة ملحوظ لدى المصنعين وبهذا نرى كيف أدى إلى ركود اقتصادي جزئي في مختلف القطاعات الصناعية والتجارية والاستهلاكية والسياحية، وبحسب تقارير الأمم المتحدة أن الأضرار اللاحقة بالاقتصاد العالمي الناجم عن فايروس كورونا الجديد يصل إلى انخفاض قدره ٥٠ مليون دولار في صادرات الصناعات التحويلية في جميع أنحاء العالم.
وبهذا نرى أن الصين والتي تعتبر من أكبر المصدرين في هذا القطاع وجزئا لا يتجزأ من شبكات الإنتاج العالمية بمختلف القطاعات، مثل : الهواتف المحمولة والمعدات الطبية وقطع السيارات وغيرها، وبحسب التقرير الأممي فإن مؤشر المشتريات التصنيعية في الصين رضخ إلى انخفاضاً كبيراً بحوالي ٢٠ درجة بشكل مباشر وهو ما يمثل أدنى حد انخفاض له منذ ٢٠٠٤ و فائضاً في الإنتاج من أكثر من ٢٪ على الصعيد السنوي وهذا جاء كـ نتيجة مباشرة لانتشار الفايروس في الصين وخارجها، و بحسب التقرير يعني انخفاض مخيف يضرب الاقتصاد اللحظي اليومي لحياة الإنسان المنتج والمستهلك في متنوع الاقتصادات الكبرى كـ (الصين، إيطاليا، فرنسا، ألمانيا، أمريكا، استراليا) ولهذا كان له تأثيراً مباشراً في اقتصادات عالمية كبرى.
وبهذا نأخذ لمحة سريعة عن القطاعات الاقتصادية الكبرى المتضررة، مثل القطاع النفطي والذي تهاوى إلى الآن لأكثر من ٣٠٪ بشكل عام، وقطاع الطيران الذي تهاوى لأكثر من ٨٪ وتراجع البورصات العالمية لأكثر من ١٦٪ مما ينذر بضرورة اتخاذ إجراءات لتعديل السياسات النقدية في القطاعات الثابتة، مثل: الطاقة البديلة وقطاع الخدمات التي تخص الإنسان والقطاع التكنولوجي … وتجهيز الخطط الاقتصادية المؤقتة لتفادي مثل هذه الأزمات مستقبلا.
الكاتب: جلال بكار
نقلا عن: مدونات الجزيرة