بين أول انقلاب عسكري وآخر محاولة عسكرية فاشلة 56 عاماً، تعلم الشعب التركي خلالها وهو الذي خبر أربعة انقلابات عسكرية كل شيء عن مساوئ الحكم العسكري وتكبيل بلاده عن النهوض الاقتصادي.
أتراك موالون ومعارضون وقفوا ضد انقلاب الحكم العسكري واضعين نهاية للانقلابات العسكرية في عام 2016.
لم تعد “تركيا” الدولة الهزيلة التي ألفها الشعب التركي في خمسينيات القرن المنصرم، ففي سياق استعراض وقائع الانقلابات التركية التي شهدتها تركيا خلال 40 عاماً، كانت كافية لإقناع الأتراك، بمساوئ حكم العسكر وهو ما دفعهم للنزول إلى الشوارع في 25/ تموز عام 2016 ليواجهوا الأليات العسكرية الانقلابية؛ دفاعاً عن الحكومة الشرعية محافظين على استقلالية القرار التركي، بعيداً عن التدخلات الدولية.
بالطبع مع وجود أيادٍ أجنبية وراء محاولة الانقلاب الأخيرة، تجعل من الأتراك أكثر فهماً للحقائق وتدفعهم للتلاحم، حيث أشارت تفاصيل الانقلاب أنه لم يكن ليفشل لولا أن الرئيس التركي “أردوغان” دعا الأتراك للنزول إلى الشوارع دفاعاً عن الشرعية، ذاك ما غير سياق الانقلابات السابقة التي كانت تنتهي باستسلام الحكومات المنتخبة أمام سلطة العسكر، إذ كان أحدهم يأخذ قبعته ويرحل متعللاً بعدم قدرته على المواجهة، لتتحول فيما بعد المفاهيم لأول مرة في تاريخ تركيا الحديثة، فقد واجه الشعب الموت بشجاعة في وجه الانقلاب.
من الصعب على أي جنرال عسكري أن يفكر في استخدام الجيش للوصول إلى الحكم، كما يعتقد أغلبية الأتراك كون حدوث انقلابات عسكرية مستقبلاً بات أكثر صعوبة وتجربة لم تعد مطروحة في السياسة الداخلية، مع شعب سلب من هؤلاء الذين راودتهم أنفسهم بالانقلاب الأسلحة والدبابات والمروحيات، ذاك يكمن مع صيانة الشعب لمستقبله وحقوقه التي انتظمت بالأمور كلها.
“تركيا” دولة الثمانين مليون والتي تمتلك حلف “الناتو”.. التي تحتل اليوم سبعة عشر في الاقتصاد العالمي، و16 في التجارة البحرية انتهى زمن صمت الشعب لديها أمام تقاليد الوصاية والانقلاب المنحدرة إلى يومنا من عهد الدولة العثمانية.
ليظهر السؤال الذي يطرح نفسه جلياً، هل تركيا “طلقت بالثلاث” إن صح التعبير العودة لمن يدعم هذه الانقلابات؟
مع خروج الشعب التركي للشارع استطاع أن يظهر ديناميكية كبيرة للجميع، كل الأحزاب أخذت موقفاً فاعلاً ضد الانقلاب العسكري، ليتأكد للعالم الخارجي بأكمله أن عصر الانقلابات في تركيا قد ولى
مع ظهور الواقع السياسي القوي لتركيا نشاهد أن القوى الكبرى سواء روسيا أو إيران وغيرهم من دول الجوار يستطيعون القول إنها مؤثرة في محيطها.
وها هو رئيس الدولة العظمى “ترامب” يهنئ الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” بفوزه بعد الاستفتاء
فما هي المعطيات الجديدة المستقبلية مع الأزمات المحيطة بتركيا إقليماً وجغرافياً؟
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد