اعتاد السوريون على هدن النظام المبرمة التي يتم نقضها متى شاء، فمع الضجة الكبيرة حول الهدنة الأخيرة نجد معظم الناس قابلوها بلامبالاة لأن السوري الذي خسر كل شيء لم يعد ينتظر شيئا, مع ذلك تبقى التساؤلات كثيرة حول جدوى الهدنة وما بعدها وإن نجحت أو باءت بالفشل.. حال السوريين بعد ست سنوات من الحرب الدامية أصبح المواطن السوري يبحث عن هدنته الشخصية, في محيطه, عائلته, عمله.
حالة ترقب تسيطر على الشارع السوري بمختلف الشرائح منتظرين الهدنة المبرمة وردود أفعال من الشعب كثيرة، منهم من قبلها وقال عنها بادرة خير ومنهم من رفضها وأتهم النظام بالكذب ولكن بالنهاية الكل اجتمع ع ضرورة وقف النزيف السوري المتعلق بمصير سوريا كلنا نريد أن تنتهي الحرب لأنه لا رابح فيها كلنا دفعنا الثمن.
أعلن مجلس شورى جيش الفتح مساء اليوم السبت الحادي عشر من يونيو حزيران الجاري موافقته على تفعيل هدنة المدن الأربعة التي تنص على الالتزام بوقف إطلاق النار في (الزبداني و مضايا والفوعة و كفريا)
المناطق المشمولة بالهدنة في الشمال هي الفوعة كفريا المواليتين ومدن وبلدات (بنش، تفتناز، طعوم، معرة مصرين، مدينة إدلب، رام حمدان، زردنا، شلخ المحررة، أما مناطق الجنوب فهي الزبداني، مضايا، بقين، سرغايا، والقطع العسكرية المحيطة بها).
إن بلدة مضايا التي تقع شمال غربي العاصمة دمشق، وتحاذي مدينة الزبداني تعاني من حصار حادّ، فرضته قوات الأسد، وميليشيا حزب الله اللبناني على دخول المواد الغذائية والتموينية والطبية منذ أكثر من 74 يومًا، ما أدى لوضع مأساوي، في البلدة المليئة بالنازحين وبحسب إحصائية قام بها المجلس المحلي لمدينة الزبداني فإن بلدة مضايا تضم نحو 40 ألف نسمة، بعد نزوح ما يقارب 20 ألف شخص من مدينة الزبداني نحوها، بعضهم كانوا نازحين في مدينة بلودان وتم تهجيرهم بشكل قسري إليها عبر شاحنات تابعة لجيش النظام، وبعضهم من الأحياء الشرقية للزبداني؛ حيث يسيطر عليها نظام الأسد.
بينما تخرق الهدن المبرمة من قبل النظام التي وصفها أبو أحمد بأنها ضحك ع الدقون فبلدة كفريا والفوعة يصلها مواد غذائية وأدوية وغيرها عبر إنزال مظلي من قبل الطائرات فإلي اليوم كفريا والفوعة محاصرتان، لكن السكان بداخلها هم ممنوعون من الدخول والخروج من حدود بلداتهم فقط أما عن الطعام فيصل إليهم ع عكس مضايا والزبداني الذين اضطر أهلها لأكل القطط.
” قام النظام باستقدام مئات العائلات من مدينة الزبداني وبلودان وما حولهم وقام بإدخالهم قسراً إلى بلدة مضايا، هادفاً بذلك إلى زيادة الضغط الإنساني والبشري والمعيشي في مساحة لا تزيد عن 3 كم، معرضاً بذلك البلدة وكل ساكنيها إلى مجاعة وكارثة إنسانية، من نقص في الدواء والغذاء، ما ينذر بموت بطيء للأطفال والشيوخ وانتشار الأوبة والأمراض”.
الجدير بالذكر أنّ مضايا قدمت أكثر من400 شهيد حتى اليوم وعشرات المعتقلين هذا العدد الكبير لبلدة صغيرة بتعداد سكان 15 ألف نسمة. ويمنع دخول وخروج أي شخص منها, ويبقى السؤال يكرر نفسه هل ستخرق هذه الهدنة أم سننجح هذه المرة بوقف شلال الدم ولو لبضعة أشهر؟ “والله أنا بيتي راح وعايش بالمدرسة، ما عاد عنا شيئ نخسره!” كان هذا جواب أغلب السوريين حول الهدنة.
(ملاحظة: كتب هذا التقرير قبل اختراق الهدنة بنصف ساعة لكن اختراق طيران النظام الهدنة في مدينة إدلب وارتكابه مجزرة مروعة راح ضحيتها أكثر من 33شهيدا و70 جريحا حال دون نشر التقرير، إلا أن نشره الآن هو دليل أن الموطن السوري ما يزال فيه من الطيبة القدر الكبير، ويتعامل مع كل الأطراف آملا بوجود حل لهذه الحرب.. لكني اليوم وبأقل من 24 ساعة قدمت تقريرا حول اختراق النظام الهدن كل الهدن الذي أبرمها حتى اليوم)
المركز الصحفي السوري- رشا مرهف