تداولت الدول الإمبريالية موضوع “الدولتين اللتين لم تغيرا من سياتهما في سوريا” بشكل مكثف في الأشهر القليلة الماضية، ونقصد بالدولتين هنا تركيا وإيران، فكلا الدولتين ما زالا مصرين على سياساتهما المتضادة في الأزمة السورية، وعلى الرغم من كل النّديّة التي تجمع الدولتين في الساحة السورية والتي امتدت لأكثر من 6 سنوات إلا أن أدوات التغيير والتأثير الحقيقية ليست بأيديهم وإنما هي بأيدي الدول الإمبريالية الشيطانية.
في الـ14 سنة الماضية التي حكم فيها أردوغان تركيا كان داود أوغلو في بداية المشوار كبيرا للمستشارين ثم أصبح وزيرا للخارجية ثم رئيسا للوزراء في آخر 20 شهرا، وإذا أردنا أن نكون صريحين وأخلاقيين فإن المسؤول عن سياسات تركيا تجاه سوريا لا يمكن أن يكون داود أوغلو رغم أهمية الأدوار التي شغلها وإنما هو الرئيس أردوغان. في المقابل كانت سوريا ومن 1963 تُحكم بالحديد والنار على يد حافظ ثم بشار الأسد في حكم دكتاتوري للأقلية النصيرية وحزب البعث، وكان مع هؤلاء الثلة الظالمة دول أخرى كبرى وعظمى تدعمهم على رأسها النظام الإمبريالي الأمريكي والروسي والنظام الإيراني.
تتداول وسائل الإعلام المختلفة ومنها وسائل إعلامية مقربة من حزب العدالة والتنمية وتناقش “فشل السياسيات التركية في سوريا”، وهنا أسال: ما هو “الفشل”؟ وهل النصر هو أن تهزم الأعداء؟ لو نظرنا إلى سيرة الرسول الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم لوجدنا أنه ورغم الهزيمة الظاهرة في “أُحد” إلا أنه انتصر، فالمهم هو أن تكون على الحق.
اندلع الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا واليمن كرد فعل طبيعي على كل الظلم والضغط الذي تعرضت له الشعوب من دكتاتورياتها التي عاشت لأكثر من 25-42 سنة، مع استمرار شعلة هذه الموجة كان مقدرا لها أن تستمر لتغزو الأراضي السورية، وبسبب واجب الجار الذي نشاركه بحدود تزيد عن 900 كم تدخلت تركيا ونصحت ووعظت نظام بشار الأسد، لكن ما من مجيب، بل على العكس من ذلك قام بشار وزبانيته بصب أهوال وجحيم الموت على شعبه ليزيد من عمق الأزمة لتصبح على ما هي عليه اليوم، في بداية الأزمة ولما قطعت دمشق علاقتها مع تركيا خرجت صحيفة الجمهورية في إسطنبول وعلقت في تقاريرها قائلة “حاولنا أن نصادق أردوغان وعائلته لكنه أبا مصدقتانا وتمسك بأفكاره الاخوانية التي قادته الى كل هذا التدهور، لو كنا مكانه ما فعلنا تلك الحماقات لأننا نحن حماة العلمانية”.
في 18 من آذار/ مارس لهذا العام تحدث رئيس الولايات المتحدة الأمريكية باراك أوباما في تقرير لمجلة أتلانتك وقال إنه شعر بخيبة أمل بسبب فشل أردوغان في أن يكون قائدا معتدلا يصل بين الشرق والغرب، وأضاف “كان بإمكان أردوغان أن ينهي الأزمة السورية لو أنه قبل طلبنا بتدخل تركي عسكري ينهي الأمر في بدايته”. رفض أردوغان أطروحة البيت الأبيض لأنهم رفضوا شروطه المتمثلة بإقامة منطقة حظر جوي على الحدود ومنطقة أخرى آمنة في الشمال السوري. بعدما مرت الأيام والأشهر وانقشع الغبار عن الحقيقة رأينا أن الحق كان مع أردوغان ورؤيته السياسية وذلك باعتراف وزيرة الخارجية هيلاري كلنتون.
ترك برس