طالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، بضرورة مواصلة جهود المجتمع الدولي برعاية الأمم المتحدة لإحلال الاستقرار في ليبيا والتصدي لكافة أشكال التهريب”.
وأكد ماكرون أنه اتفق مع بن زايد خلال اتصال هاتفي على أهمية استقرار ليبيا وأهمية تفكيك شبكات المهربين “الإرهابية” التي تنتهك حقوق البشر، حسب بيان للرئاسة الفرنسية الأحد.
رسالة ضمنية
وبحسب مراقبين للشأن الليبي، فإن هذه التصريحات حملت رسالة ضمنية للإمارات بضرورة رفع يدها عن ليبيا واستمرارها في دعم طرف وحيد هو اللواء خليفة حفتر، وضرورة انضمام أبو ظبي لركب المجتمع الدولي في خيار الحل السلمي وفقط في ليبيا.
كما طرحت هذه المطالبة عدة تكهنات بإمكانية ضغط المجتمع الدولي عبر فرنسا على دولة الإمارات حتى تمتنع عن دعم حفتر أو المساهمة في تأجيج أي صراع في ليبيا، خاصة بعد اتهامات حقوقية للإمارات بأنها انتهكت قرار مجلس الأمن بحظر السلاح إلى ليبيا وأنها قامت بتوريده إلى حفتر عبر مصر والأردن.
وقال مصدر عسكري، فضل عدم ذكر اسمه، لـ”عربي21“، إن “الإمارات لاتزال موجودة بقوة في الشرق الليبي وأنها شاركت في الضربات الجوية الأخيرة التي تعرضت لها مدينة درنة(شرق ليبيا)، وأن أبو ظبي لها قاعدة عسكرية في بنغازي تسمى قاعدة “الخروبة” وبها ضباط إماراتيين لمساندة حفتر”.
والسؤال الآن: هل ستخضع الإمارات لهذه الضغوط الدولية لرفع يدها عن ليبيا؟.
رسالتان
من جهته، قال الناشط السياسي من الشرق الليبي، فرج فركاش، إن “اتفاق ماكرون وبن زايد يفهم من جهتين وقد يحمل رسالتين: الأولى، رسالة إلى الإمارات بعدم الاستمرار في دعم طرف على حساب آخر مما يزيد من تأجيج الأوضاع في ليبيا، والثانية: دعوة أبو ظبي للمساهمة في مكافحة الهجرة الغير شرعية، وهذا بدوره سيساعد حكومة الوفاق وأوروبا عامة”.
وأضاف لـ”عربي21“: “لكن حقيقة لا ننتظر تغيرا كثيرا في مواقف من هذه “الدويلات” حتى ينتهي الانقسام السياسي، لأنه العامل الوحيد الذي سيكبح جماح أي تدخل إقليمي خارجي في ليبيا”، وفق قوله.
صدام مع “حفتر”
الناشط الليبي ومدير منظمة “تبادل” الليبية المستقلة، إبراهيم الأصيفر، رأى من جانبه؛ أن “هذه الخطوة من قبل فرنسا تأتي لمحاولة تقويض “حفتر” وإنهاء مشروع الحسم العسكري، أو أي أمل للزحف نحو طرابلس من قبل قوات الأخير، وهذا يأتي بعد أن أيقن داعمو حفتر أنهم راهنوا على الحصان الخاسر أو الغير منتصر حتى الآن”.
وأوضح في تصريحات لـ”عربي21“، أن “الخطوة القادمة سوف تكون صدام بين المجتمع الدولي ومن يقوض العملية السياسية بقوة السلاح وعلى رأسهم خليفة حفتر، وستجد الإمارات نفسها مرغمه بالتخلي عن حفتر رضوخا للمجتمع للدولي والقوة الإقليمية”، حسب تقديره.
تسوية بتعليمات أميركية
لكن المحلل السياسي الليبي، أسامة كعبار، أكد أن “الإمارات لديها تأثير كبير على المشهد السياسي الليبي من خلال علاقاتها بأعضاء في البرلمان الليبي وكذلك علاقتها ببعض الأحزاب، ولها أيضا تأثيرها العسكري الميداني من خلال دعمها لقوات حفتر، لذا الإمارات تملك مفاتيح مهمة داخل ليبيا”.
وأشار خلال حديثه لـ”عربي21“، إلى أن “هناك تنسيق بين أبوظبي وفرنسا فى الملف الليبى، لكن بكل تأكيد فإن فرنسا تعمل مع الإمارات الآن للوصول إلى تسوية ما وذلك وفق التعليمات الأمريكية، وستنفذ الإمارات ما سيملى عليها من القوى الكبرى”، كما قال.
تحت الطاولة
وقال الأكاديمي الليبي وأستاذ علم الاجتماع السياسي، رمضان بن طاهر، إن “الدول غالبا ما تدير صراعاتها باتفاقيات تحت الطاولة، فمثلا في العلن يبدو أن هناك مطالبة فرنسية للإمارات بأن تساعد ليبيا على إحلال الاستقرار، لكن الحقيقة أن هناك توزيع أدوار يخدم مصالح كل طرف سواء بدعم الاستقرار أو تأجيج الصراع”، وفق رأيه.
وتابع: “التدخل الخارجي بشكل عام أيا كان شكله أو مضمونه لا يمكن التعويل عليه إلا في إطار شرعي عبر حكومة شرعية، والعمل على تحديد هذا التدخل لن يتم إلا بدعم الشرعية التي تستوعب جميع الأطراف والمصالح”.
عربي 21