نال مشهد اعتداء الشرطة الإسرائيلية على جنازة الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، الجمعة الماضي، وفق جريدة القدس العربي إدانة عالمية، قبل أن تصل آثاره إلى داخل الحكومة الإسرائيلية نفسها.
فقد عدّت النائبة من حزب “ميرتس” اليساري الإسرائيلي، الشريك بالحكومة، غيداء ريناوي زعبي، الاعتداء على الجنازة من بين الأسباب التي دعتها إلى سحب دعمها للحكومة، ما حوّلها إلى حكومة أقلية.
وكتبت ريناوي زعبي، في نص رسالتها: “كان الشهر الماضي، شهر رمضان المبارك، لا يُطاق؛ وكانت المشاهد التي أتت من المسجد الأقصى لرجال شرطة عنيفين أمام حشد من المصلين؛ تشييع جنازة الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة؛ قد أوصلني إلى نتيجة شخصية واحدة فقط لا أكثر؛ لم يعد بإمكاني دعم وجود تحالف يضايق بهذه الطريقة المشينة المجتمع الذي أتيت منه”.
وكان عناصر من الشرطة الإسرائيلية اعتدوا بالضرب وقنابل الدخان والرصاص المعدني المغلف بالمطاط، على مشيعي جنازة “أبو عاقلة”، أثناء محاولتهم الخروج من مستشفى مار يوسف “الفرنسي”، بحي الشيخ جراح في القدس.
وأدانت غالبية دول العالم مشاهد هذا الاعتداء، الذي قالت الشرطة الإسرائيلية إنه جاء بعد رشق قواتها بالحجارة ورفع الأعلام الفلسطينية، وترديد الشعارات الوطنية الفلسطينية.
وأشارت “ريناوي زعبي” في رسالتها التي وجهتها إلى رئيس الوزراء نفتالي بينيت، ورئيس الوزراء البديل يائير لابيد: “للأسف الشديد، وفي الأشهر الأخيرة وبسبب اعتبارات سياسية ضيقة، فضّل قادة التحالف الحفاظ على جانبه اليميني وتعزيزه”.
وقالت: “آثر قادة الحكومة مرارا وتكرارا، اتخاذ مواقف متشددة ويمينية بشأن القضايا الأساسية ذات الأهمية للمجتمع العربي بأسره؛ (المسجد) الأقصى وقبة الصخرة، (حي) الشيخ جراح، الاستيطان والاحتلال، هدم المنازل ومصادرة الأراضي في النقب، وطبعا قانون المواطنة”.
وتنتمي ريناوي زعبي، لحزب “ميرتس” الذي يعارض الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويؤيد قيام دولة فلسطينية، خلافا لمواقف الأحزاب اليمينية والوسطية في الحكومة الإسرائيلية.
وقالت ريناوي زعبي: “لقد آمنت وما زلت أؤمن بالشراكة اليهودية العربية، في جميع مجالات الحياة؛ في الأوساط الأكاديمية، والأعمال التجارية، وكذلك في السياسة؛ لكنني كنت وما زلت أعتقد أن الشراكة الحقيقية بين العرب واليهود يجب أن تأتي من مكان قائم على المساواة، بدون غطرسة وبدون غموض”.
وأضافت: “في ضوء ما أشرت؛ أعلن سحب ترشيحي لأي تعيين مستقبلي، وإنهاء عضويتي في الائتلاف”.
ويبذل وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، جهودا مع النائبة ريناوي زعبي لإقناعها بالعدول عن موقفها بسحب دعمها للحكومة الإسرائيلية، حيث من المقرر أن يلتقيها يوم الأحد.
ولكنها في حديث إلى هيئة البث الإسرائيلية، الجمعة، قالت في إشارة إلى الجنازة: “بشكل شخصي، الصور التي رأيتها من جنازة شيرين، كانت السبب المباشر وراء اتخاذ هذا القرار، لم أعد أتحمل التمثيل بأني أدعم الائتلاف وأوافق على قراراته”.
ورفضت الانتقادات التي تُوجّه إليها بأن قرارها سيعيد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو إلى الحكم، على إثر سقوط الحكومة.
وقالت: “من سيعيد نتنياهو إلى سدة الحكم ليس أنا، إنما تصرفات (وزير الدفاع بيني) غانتس و(وزيرة الداخلية إيليت) شاكيد، فيما يخص القضايا المتعلقة بالمسجد الأقصى والقدس”.
وأضافت ريناوي زعبي: “قرار دخولي للائتلاف، كان بسبب قناعة تامة بالشراكة العربية اليهودية، ولكن للأسف الحكومة الاسرائيلية قررت أن تتخذ مواقف يمينية، هذه الحكومة لا تستمع للمجتمع العربي ولا حتى اليسار الإسرائيلي”.
وكان النواب العرب قد أدانوا اعتداء الشرطة الإسرائيلية على جنازة أبو عاقلة، وممارسات الشرطة في المسجد الأقصى والقدس.
وقال رئيس القائمة المشتركة في الكنيست، أيمن عودة، في تغريدة على تويتر، الجمعة: “لا وجود لتحالف يهاجم الجنازات ويسمح للكاهانيين (المتطرفون من داعمي حزب كاخ المحظور) بالسير في القدس الشرقية، ويعمق الاحتلال وينتهك العرب في النقب”.
وأضاف: “يريد معظم الجمهور شراكة، ولكن لكي يحدث ذلك، يجب أن تنفصل الأغلبية العاقلة عن اليمين المتطرف وأن تبني مع مجتمعنا شراكة حقيقية قائمة على السلام والمساواة”.
كما قال عودة في تدوينة على “فيسبوك” إن موقف القائمة المشتركة “واضح بالمطلق، وهو أنه يجب إسقاط هذه الحكومة لأنها أجرمت بحق القدس أكثر من أي حكومة منذ احتلال عام 1967”.
وأضاف أن الحكومة الإسرائيلية: “ساندت المستوطنين على اقتحام المسجد الأقصى تمهيدا للتقسيم الإجرامي أكثر من أي حكومة منذ عام 1967، والشرطة هاجمت أهلنا في النقب وهدمت بيوتهم تحت أكاذيب (السيطرة) أكثر من أي حكومة منذ انتهاء الحكم العسكري”.
وتابع عودة: “هذه الحكومة يجب أن تسقط”.
ويكتسب موقف القائمة المشتركة أهمية كبرى حال طرح المعارضة برئاسة رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو مشروع قانون حل الكنيست.
وفقدت الحكومة الإسرائيلية أغلبيتها في الكنيست الشهر الماضي، بعد قرار النائبة اليمينية عيديت سيلمان سحب دعمها للحكومة التي أصبحت حكومة أقلية، بعد قرار ريناوي زعبي، وبات يقتصر دعمها على 59 نائبا من أعضاء الكنيست الـ120.
وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية إن حزب “الليكود” اليميني الإسرائيلي يعتزم طرح مشروع قانون حل الكنيست في البرلمان يوم الأربعاء المقبل.
ومن أجل المصادقة على مشروع قانون حل الكنيست، فيجب أن تدعمه القائمة المشتركة بزعامة عودة، التي لها 6 مقاعد بالكنيست.
وسبق للقائمة المشتركة أن أعلنت الأسبوع الماضي أنها ستصوّت لصالح حل الكنيست، في حال طرحه للتصويت.
وتتشكل الحكومة الإسرائيلية، من عدد من الأحزاب الإسرائيلية اليمينية والوسطية، إضافة إلى حزب “ميرتس” اليساري والقائمة العربية الموحدة.
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع