أغرى جنون العظمة طهران؛ الاستثمار في شخصيات لها كاريزما قوية، أن تكرر التجربة بعد أن ظنت أنها نجحت في دفع حسن نصر الله ليتبوأ مكانة هامة في لبنان، بل وفاضت شخصيته عن لبنان فيتمدد خارجه ليدعم حليفه بشار أسد، بعد أن كاد أن يفلت منه زمام القيادة في سورية في مواجهة مع قيادات سورية شابة مقاتلة، لم تكن لها من قبل تجربة سابقة في القتال.
تحاول طهران الآن أن تعيد التجربة من جديد مع شخصية جديدة لها كاريزما أيضاً، وهو عبدالملك الحوثي، بعدما تبيّن لها قوة تأثيره في أتباعه ونجاحه في إعادة إحياء جماعة أنصار الله، التي كاد أن يتفرق شملها بعد موت مؤسسها أخيه حسين بدر الدين الحوثي، الذي قتل في معركة مع حكومة علي عبدالله صالح أواخر عام 2004، فنجح عبدالملك في أن يجعل أعداداً غفيرة تلتف حوله، واشترك في ثورة شباط (فبراير) عام 2011، لكنه رفض التوقيع على المبادرة الخليجية، التي أعطت اليمنيين نصف الحل، وأبقت “صالح” محصناً من الملاحقة.
وخلال أربعة أعوام عمل عبدالملك الحوثي على استقطاب أعداد كبيرة من الطائفة الزيدية، وقد خفض من عنجهيته ليغري عدوه القديم علي عبدالله صالح، فيتحالف معه مستفيداً من جفوة عابرة بين السعودية وصديقها حزب الإصلاح وآل الأحمر؛ ليخرج إلى العلن ويعمل في وضح النهار ضد حكومة عبدربه منصور هادي، ثم ما لبث أن دفع حشداً من أنصاره ليزحفوا نحو صنعاء، فدخلوها في أيلول (سبتمبر) من العام الماضي 2014، ثم ليتمددوا على معظم محافظات اليمن قبل أن تبدأ عاصفة الحزم فجر يوم الخميس في 26 من شهر آذار (مارس) الماضي، التي تشارك فيها عشر دول عربية تقودها المملكة العربية السعودية.
ليس صعباً معرفة من وراء هذا الاجتياح وما وراءه، وقد أفصح عنه أكثر من سياسي إيراني حين صرحوا بأن إيران أسقطت 4 عواصم عربية. فبعد اجتياح للعراق عام 2003، وسلمته واشنطن إلى رموز معروفين بولائهم إلى طهران، فقاموا بمجازر بين العرب السنة، وأصبحت بغداد ثالث عاصمة تتحكم فيها طهران. وما أن بدأ اجتياح الحوثيين لليمن، حتى توالت شحنات الأسلحة تصل إلى مطارات اليمن ومرفأ الحديدة، بما لا يدع مجالاً للشك في أن طهران تسعى للاستحواذ على اليمن، كما استحوذت من قبل على لبنان والعراق وسورية.
بعض المراقبين يؤكد أن اجتياح الحوثيين لليمن ليس جغرافياً فحسب، بل إنه يخفي وراءه فكراً طائفياً يتمثل في أطماع علي خامنئي بأن يصل إلى زعامة العالم الإسلامي بالوصول إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة، ولا يكون ذلك إلا باحتلال اليمن وتطبيق فكي كماشة على السعودية (جنوباً من اليمن وشمالاً من العراق)، كما تلامس حدود إيران غرباً سواحل الخليج العربي.
كانت السعودية تلاحظ عن قرب زحف الحوثيين أتباع طهران على المدن اليمنية، وتشعر بقلق من أن يصلوا للمس بالمشاعر المقدسة، مثلما فعل القرامطة أوائل القرن الرابع الهجري حين احتلوا مكة المكرمة وانتزعوا الحجر الأسود من الكعبة وأخذوه معهم، إذ بقي لديهم 20 عاماً قبل أن يعيدوه إلى مكانه.
أخطأ قادة طهران عندما ظنوا أن مغامرة الحوثيين يمكن أن تمر برداً وسلاماً. كما أخطأ قادة طهران مرة أخرى حين لم “يتقوا غضبة الحليم” خادم الحرمين الملك سلمان، الذي لم يسكت عن ضعف، بل لحكمة أنه كان يهيئ للأمر ما يستحقه. فالرطل يحتاج رطلين، إذا استفحل الشر الذي أرادته طهران حين جعلت من عبدالملك الحوثي رأس حربة في هذه المؤامرة.
لم يكن اليمن أبداً حديقة خلفية للسعودية كما يحلو للإعلام المسيء أن يقول، بل قُطْراً عزيزاً وضعته طهران في مخططها الشرير، كما كان الحال مع العراق وسورية ولبنان. ولم يكن سكوت خادم الحرمين عن ضعف، بل كان يعطي الموضوع ما يستحق. لأن الواجب يقتضي أن يقابل هذا الشر بما يكافئه من قوة وحضور. الإعلام السعودي وقبل دقائق من ساعة الصفر كان لا يؤكد الأمر ولا ينفيه، بل يقول كلاماً حمّالَ أوجه. في هذه الأثناء كان خادم الحرمين يستقبل رؤساء ويهاتف آخرين في ما يجب أن يكون. وحين دنت ساعة الحقيقة رأينا الطيران السعودي يوجه ضربات ساحقة لهؤلاء الروافض ويقول لسيدهم في قم: اذهبوا ولن تعودوا.
إن خطوة خادم الحرمين أثلجت صدور الكثيرين، وأعادت لنا نحن السوريين الأمل بأن هناك من يتحسس آلام إخوانه ويهب لنجدتهم. فتوحدت الفصائل المقاتلة في سورية بمعركة تحرير مدينة إدلب في مجموعة واحدة سمّوها “الفتح”، فكان الفتح المبين – بإذن الله -. وقد رفعوا رايات ترحب بعاصفة الحزم جنباً إلى جنب مع رايات النصر، وهم يسألون خادم الحرمين قائلين: فهل لنا نحن السوريين عاصفة للحزم؟
تحاول طهران الآن أن تعيد التجربة من جديد مع شخصية جديدة لها كاريزما أيضاً، وهو عبدالملك الحوثي، بعدما تبيّن لها قوة تأثيره في أتباعه ونجاحه في إعادة إحياء جماعة أنصار الله، التي كاد أن يتفرق شملها بعد موت مؤسسها أخيه حسين بدر الدين الحوثي، الذي قتل في معركة مع حكومة علي عبدالله صالح أواخر عام 2004، فنجح عبدالملك في أن يجعل أعداداً غفيرة تلتف حوله، واشترك في ثورة شباط (فبراير) عام 2011، لكنه رفض التوقيع على المبادرة الخليجية، التي أعطت اليمنيين نصف الحل، وأبقت “صالح” محصناً من الملاحقة.
وخلال أربعة أعوام عمل عبدالملك الحوثي على استقطاب أعداد كبيرة من الطائفة الزيدية، وقد خفض من عنجهيته ليغري عدوه القديم علي عبدالله صالح، فيتحالف معه مستفيداً من جفوة عابرة بين السعودية وصديقها حزب الإصلاح وآل الأحمر؛ ليخرج إلى العلن ويعمل في وضح النهار ضد حكومة عبدربه منصور هادي، ثم ما لبث أن دفع حشداً من أنصاره ليزحفوا نحو صنعاء، فدخلوها في أيلول (سبتمبر) من العام الماضي 2014، ثم ليتمددوا على معظم محافظات اليمن قبل أن تبدأ عاصفة الحزم فجر يوم الخميس في 26 من شهر آذار (مارس) الماضي، التي تشارك فيها عشر دول عربية تقودها المملكة العربية السعودية.
ليس صعباً معرفة من وراء هذا الاجتياح وما وراءه، وقد أفصح عنه أكثر من سياسي إيراني حين صرحوا بأن إيران أسقطت 4 عواصم عربية. فبعد اجتياح للعراق عام 2003، وسلمته واشنطن إلى رموز معروفين بولائهم إلى طهران، فقاموا بمجازر بين العرب السنة، وأصبحت بغداد ثالث عاصمة تتحكم فيها طهران. وما أن بدأ اجتياح الحوثيين لليمن، حتى توالت شحنات الأسلحة تصل إلى مطارات اليمن ومرفأ الحديدة، بما لا يدع مجالاً للشك في أن طهران تسعى للاستحواذ على اليمن، كما استحوذت من قبل على لبنان والعراق وسورية.
بعض المراقبين يؤكد أن اجتياح الحوثيين لليمن ليس جغرافياً فحسب، بل إنه يخفي وراءه فكراً طائفياً يتمثل في أطماع علي خامنئي بأن يصل إلى زعامة العالم الإسلامي بالوصول إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة، ولا يكون ذلك إلا باحتلال اليمن وتطبيق فكي كماشة على السعودية (جنوباً من اليمن وشمالاً من العراق)، كما تلامس حدود إيران غرباً سواحل الخليج العربي.
كانت السعودية تلاحظ عن قرب زحف الحوثيين أتباع طهران على المدن اليمنية، وتشعر بقلق من أن يصلوا للمس بالمشاعر المقدسة، مثلما فعل القرامطة أوائل القرن الرابع الهجري حين احتلوا مكة المكرمة وانتزعوا الحجر الأسود من الكعبة وأخذوه معهم، إذ بقي لديهم 20 عاماً قبل أن يعيدوه إلى مكانه.
أخطأ قادة طهران عندما ظنوا أن مغامرة الحوثيين يمكن أن تمر برداً وسلاماً. كما أخطأ قادة طهران مرة أخرى حين لم “يتقوا غضبة الحليم” خادم الحرمين الملك سلمان، الذي لم يسكت عن ضعف، بل لحكمة أنه كان يهيئ للأمر ما يستحقه. فالرطل يحتاج رطلين، إذا استفحل الشر الذي أرادته طهران حين جعلت من عبدالملك الحوثي رأس حربة في هذه المؤامرة.
لم يكن اليمن أبداً حديقة خلفية للسعودية كما يحلو للإعلام المسيء أن يقول، بل قُطْراً عزيزاً وضعته طهران في مخططها الشرير، كما كان الحال مع العراق وسورية ولبنان. ولم يكن سكوت خادم الحرمين عن ضعف، بل كان يعطي الموضوع ما يستحق. لأن الواجب يقتضي أن يقابل هذا الشر بما يكافئه من قوة وحضور. الإعلام السعودي وقبل دقائق من ساعة الصفر كان لا يؤكد الأمر ولا ينفيه، بل يقول كلاماً حمّالَ أوجه. في هذه الأثناء كان خادم الحرمين يستقبل رؤساء ويهاتف آخرين في ما يجب أن يكون. وحين دنت ساعة الحقيقة رأينا الطيران السعودي يوجه ضربات ساحقة لهؤلاء الروافض ويقول لسيدهم في قم: اذهبوا ولن تعودوا.
إن خطوة خادم الحرمين أثلجت صدور الكثيرين، وأعادت لنا نحن السوريين الأمل بأن هناك من يتحسس آلام إخوانه ويهب لنجدتهم. فتوحدت الفصائل المقاتلة في سورية بمعركة تحرير مدينة إدلب في مجموعة واحدة سمّوها “الفتح”، فكان الفتح المبين – بإذن الله -. وقد رفعوا رايات ترحب بعاصفة الحزم جنباً إلى جنب مع رايات النصر، وهم يسألون خادم الحرمين قائلين: فهل لنا نحن السوريين عاصفة للحزم؟
الطاهر إبراهيم – الحياة