فتحت تصريحات رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني، عن بقاء قوات البيشمركة في المناطق التي تستعيدها بالموصل وإجراء استفاء شعبي لتقرير مصير الإقليم، باب التساؤل واسعا، عن توقيت إطلاقها، وما إذا كانت تعجل في ولادة دولة كردية.
وكان البارزاني، أعلن الأربعاء، أنه تحدث بوضوح في زيارته الأخيرة إلى بغداد حول مسألة الاستقلال، سواء باتفاق مع الأخيرة أم عن طريق استفتاء شعبي في الإقليم، لافتا إلى أن “البيشمركة لن تنسحب من المناطق الكردستانية التي استعادتها”.
ولم تمر تلك التصريحات دون رد من بغداد، فقد قال رئيس الحكومة حيدر العبادي، إن اتفاقا بين بغداد وأربيل يتضمن بندا صريحا “بانسحاب البيشمركة من المناطق المحررة بعد تحرير الموصل إلى أماكنها السابقة قبل انطلاق العمليات”.
وفيما فسر مراقبون تصريحات البارزاني بمثابة تلميح إلى أن الدولة الكردية قادمة بعد الانتهاء من استعادة الموصل، فقد رآها آخرون أنها تأتي في إطار الضغط على حكومة بغداد لتطبيق المادة 140 من الدستور التي تحسم مصير “المناطق المتنازع عليها”.
الدولة الكردية
ورأى أستاذ العلوم السياسية ريبوار عبد الله، تصريحات البارزاني بأن موصل ما بعد “داعش”، ستأتي بأمور عدة، من أبرزها أن الاستفتاء بشأن استقلال إقليم كردستان قادم، فيما لم يستبعد أن يكون إعلان مشروع دولة كردستان واحدا من تلك الأمور.
ولفت في حديث إلى أن تصريحات البارزاني لم تكن في وقتها.. ففي الوقت الذي فجرت فيه لغما سياسيا لحكومة بغداد، وهذا ما ردت عليه الأخيرة، فإنها قد تستثمر من خصوم البارزاني في الإقليم من أجل التسقيط لأنها جاءت في ظروف أمنية غير مستقرة.
واستبعد عبد الله، أن يكون البارزاني قد حاول من خلال تصريحاته، التأثير والضغط على القرار السياسي العراقي، وإنما هي تلميحات لما بعد مرحلة “داعش” في الموصل.
من جهته، رأى الباحث في العلاقات الدولية الدكتور عمر عبد الستار، في حديث، أن تصريحات البارزاني تأتي في إطار الضغط السياسي للحصول على مكتسبات وقتية، لافتا إلى أن إعلان الدولة الكردية غير واقعي في الوقت الحالي.
المادة (140)
وفي ما يخص تصريحات البارزاني بشأن عدم سحب البيشمركة من المناطق التي استعادتها في معارك الموصل، فقد قال إن “المناطق التي استعادتها البيشمركة، تعد في أدبيات الكرد مناطق كردستانية خارج إدارة الإقليم”.
وأوضح أن المادة (014) من الدستور، تعطي الحق لأهالي تلك المناطق في الاستفتاء لتحديد مصيرها، لافتا إلى أن تلك المناطق تحصيل حاصل بالنسبة للكرد، فإن لم تؤخذ عن طريق الاستفتاء، فإنها اليوم تحت سيطرة البيشمركة.
وأشار عبد الله إلى أن الحكومات العراقية السابقة برئاسة نوري المالكي وحتى الآن مع حكومة العبادي، عطلت المادة (140) من الدستور، والتي بموجبها تحل جميع هذه المشكلات في المناطق المتنازع عليها.
ولم يستبعد أن يكون إقليم كردستان قد اتفق مع الولايات المتحدة الأمريكية بشأن مصير تلك المناطق في مرحلة ما بعد الانتهاء من “داعش” (مرحلة ما بعد الموصل)، فإما أن يكون حلها عن طريق الدستور أو أن تبقى قوات البيشمركة فيها.
لكن الباحث في العلاقات الدولية عمر عبد الستار، قال إن البارزاني أراد من خلال تصريحاته عن عدم سحب البيشمركة، أن يضغط على حكومة بغداد لتطبيق المادة (140) من الدستور الذي توافق الشيعة والكرد في كتابته.
ولفت إلى أن إقليم كردستان العراق، أمام ثلاث خيارات، الأول: “التفتت والانهيار، وهذا ما سعت إليه حكومة نوري المالكي، وكان واحدا من أهداف إسقاط الموصل إخضاع إقليم كردستان لسيطرة بغداد”.
أما الخيار الثاني، فهو “الانفصال وهو صعب التنفيذ في الوقت الحالي، ولا يستطيع إقليم كردستان فعل ذلك في ظل الظروف المحيطة به”.. فيما يتمثل الخيار الثالث في “تنفيذ ما ذكره الدستور من أن العراق فيدرالي، وهذا ما يسعى إليه إقليم كردستان”.
وتنص المادة (140) من الدستور العراقي على إعطاء المناطق المتنازع عليها بين إقليم كردستان وحكومة بغداد، الحق في تقرير مصيره عن طريق استفتاء شعبي، ومن تلك المناطق محافظة كركوك ومدن في محافظات ديالى ونينوى وصلاح الدين.
عربي 21