يتزايد منسوب التفاؤل الروسي بشأن إمكانية رفع العقوبات الغربية المفروضة عليها خلال العام الحالي، بناء على التطورات السياسية التي يشهدها العالم، وبدا ذلك واضحا في تصريحات بعض المسؤولين الروس.
وتفرض الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبيعقوبات اقتصادية على روسيا بعد ضمها شبه جزيرة القرم الأوكرانية، وبدأت العقوبات ضد شخصيات سياسية روسية، لكنها اتسعت لتشمل قطاعات اقتصادية مهمة من أبرزها التصنيع الحربي والنفط والمصارف.
وذكر رئيس اللجنة البرلمانية للشؤون الدولية ألكسي بوشكوف لوسائل إعلام روسية أن العقوبات الأوروبية على روسيا ستلغى نهائيا هذا العام، موضحا أن من بين الأسباب المؤدية إلى رفع العقوبات ضرورة توحيد أوروبا وروسيا جهودهما ضد تنظيم الدولة الإسلامية، لكنه قال إن “تعرض ألمانيا لضغوط أميركية يشكل عقبة أساسية أمام إلغاء القيود الاقتصادية المفروضة على روسيا”.
وكانت المفوضية الأوروبية أعلنت في سبتمبر/أيلول 2015 أنها قد تعلق أو تلغي العقوبات ضد روسياكليا أو جزئيا، لكنها ربطت ذلك بتطورات الأوضاع بشرقي أوكرانيا.
سيفكوف: من الصعب الجزم بأن العقوبات الروسية سترفع قريبا (الجزيرة) |
معارضة أميركية
ورأى مدير مركز الدراسات الإستراتيجية كونستانتين سيفكوف أنه من الصعب الجزم بما إذا كانت العقوبات الغربية المفروضة على روسيا سترفع قريبا في ظل الرفض الأميركي، لا سيما أن أميركا هي من يحدد السياسات الأوروبية، والنخبة السياسية الأوروبية لا يمكن أن تقدم على خطوة كهذه دون التنسيق مع واشنطن.
وأوضح -في حديث للجزيرة نت- أن السياسة الأميركية تسعى لعزل روسيا وزعزعة استقرارها، والعقوبات هي سلاح لن تتخلى عنه الولايات المتحدة دون ثمن سياسي كبير تدفعه موسكو.
وأشار إلى أن العقوبات الاقتصادية والعقوبات المضادة تسببت في أضرار متبادلة لكل من روسيا وأوروبا، كما أن الغرب بدأ يدرك أن روسيا أخذت تتكيف مع الأوضاع الجديدة بتقليل الاعتماد على الاستيراد ودعم الصناعات المحلية وفتح أبواب التعامل التجاري مع دول بريكس ودول أخرى ليست للولايات المتحدة هيمنة عليها.
وشدد على أن السياسة الروسية تهدف إلى إقناع دول أوروبية مثل فرنسا وإيطاليا وألمانيا بعدم الانجرار وراء سياسات التصعيد الأميركي، وتغليب مصالحها الاقتصادية، إذ إن حجم التبادل التجاري السنوي بين روسيا والولايات المتحدة لا يتجاوز ثلاثين مليار دولار، وهو رقم ضئيل بالمقارنة مع حجم التبادل التجاري بين روسيا ودول الاتحاد الأوروبي، الذي يتجاوز أربعمئة مليار دولار سنويا، هذا بالإضافة إلى أن روسيا تسعى لإيجاد شريك أوروبي حقيقي في الحرب على الإرهاب.
واتهم الولايات المتحدة بأنها غير جادة في محاربة التنظيم، لأن وجوده يمنحها مبررات لمواصلة سياساتها في منطقة الشرق الأوسط، لافتا إلى أن أميركا تسعى لتطويع التنظيم واستخدامه عند الضرورة.
دافيدوس: إلغاء العقوبات الغربية مشروط بانفراجة في الملف الأوكراني (الجزيرة) |
مراوغة حكومية
أما المعارض الروسي سيرجي دافيدوس فأكد أن إلغاء العقوبات الغربية المفروضة على روسيا مشروط بحدوث انفراج في الأزمة الأوكرانية، ولكن في ظل استمرار الدعم الروسي للانفصاليين في شرق أوكرانيا وتعثر تنفيذ اتفاقيات مينسك فإن العقوبات على الأرجح ستبقى.
وأضاف للجزيرة نت أن تأثير العقوبات الاقتصادية الغربية أضر الاقتصاد الروسي كثيراً، وليس كما يروج الإعلام الروسي، لذلك تسعى القيادة الروسية للربط بين مكافحة الإرهاب وإيجاد ضرورات للتعاون بينها وبين أوروبا؛ ظنا منها بأن هذا قد يؤدي إلى نوع من التخفيف الجزئي للعقوبات، تمهيدا لإلغائها.
ووصف المعارض الروسي تلك المحاولات باليائسة لأن القناعة لدى الغرب تتزايد بشأن حقيقة الدور الذي تضطلع به القوات الروسية في سوريا، هو ضرب قوات المعارضة السورية لصالح حليفها نظام الأسد، ومما يؤكد ذلك أن الحملة العسكرية على سوريا بدأت منذ أكثر من ثلاثة أشهر دون أن تحقق هدفها المعلن والمتمثل في القضاء على تنظيم الدولة.